اهتمام لبنان بمصير مأزقه السياسي - الدستوري المعلَّق فوق صفيح المفاوضات السورية في جنيف واليمنية في الكويت، لم يحرف الأنظار عن العناوين الساخنة التي تحكم يوميات اللبنانيين، كالانتخابات البلدية التي يختلط فيها السياسي بالانمائي، والملفات الفضائحية التي تحوّلت «صندوق فرجة» لتصفية الحسابات بين القوى السياسية، ومظاهر احتضار المؤسسات الواحدة تلو الأخرى، واشتداد حمّى المناورات لـ «تجهيل الفاعل» في استمرار الشغور الرئاسي وتَعاظُم الطوق الخارجي على «حزب الله».فالانتخابات البلدية التي تبدأ جولتها الاولى في بيروت والبقاع في الثامن من الشهر المقبل، ستجري في موعدها، رغم الشكوك الناجمة عن اضطرار القوى السياسية لتجرُّع هذه «الكأس المُرّة». ووما يؤشر الى حتمية اجرائها اعلان وزير الداخلية نهاد المشنوق انه قد يستعين بالجيش والقوى الأمنية في حال قرّر المعلمون الذين يهددون بالاضراب العزوف عن تولي مراقبة أقلام الاقتراع.وها هي بيروت التي تشكو حالها مع الروائح الكريهة التي تهبّ من شاحنات النفايات التي تعبرها صباح مساء، تستعدّ لـ «تمرينها الديموقراطي» في اختيار مجلسها البلدي. فدارة الرئيس سعد الحريري تحوّلت «ديوانية» مفتوحة سعياً لدعم لائحة توافقية مناصَفة بين المسلمين والمسيحيين، في الوقت الذي أُعلن من على أحد أرصفة العاصمة تشكيل لائحة منافِسة من أبرزها نجومها الفنان أحمد قعبور والمخرجة السينمائية نادين لبكي.وتشهد المدن الكبرى عمليات كرّ وفرّ بين المساعي لإبرام توافُقاتٍ تجنّبها معارك ذات طبيعة ساسية، وبين تَمرُّد الطابع العائلي الذي غالباً ما يخلط الأوراق. ففي طرابلس ترتفع أسهم التوافق على عكس ما هي الحال في صيدا وزحلة وجونية وأمكنة أخرى تتحضّر لمعارك متعددة الطابع، السياسي والعائلي، في استحقاق لم يكن في الإمكان القفز فوقه تفادياً لدفن آخر مظاهر «تداول السلطة» في لبنان، بعدما كان مُدّد للبرلمان لمرتين متتاليتيْن ولم يُسجَّل بعد اي نجاح في فكّ أسْر انتخابات رئاسة الجمهورية التي تدور في «حلقة من الفراغ» منذ نحو عامين.واللافت في هذا السياق هو اشتداد حمأة المناورات في شأن الاستحقاق الرئاسي لتقطيع الوقت الضائع من جهة وللتعمية على الدور السلبي الذي يضطلع به تحالف «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» بقيادة العماد ميشيل عون في تعطيل عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا سيما الحزب الذي يقبض على مفاتيح اللعبة لأهداف إستراتيجية عبر التمسك بعون مرشحاً وحيداً وإلا فلا انتخابات.وبرز في إطار هذه المناورات اخيراً، الكلام عن صفقة يُعد لها سفراء المجموعة الدولية في لبنان وتقضي بانتخاب رئيس انتقالي لسنتين لقاء سلة من الاصلاحات الدستورية، وهي التسوية التي لا حظوظ لها، اولاً لرفض عون تولي ولاية منقوصة ولاعتراض المسيحيين عموماً على التلاعب بالمدة الزمنية للرئاسة (ست سنوات)، ولرفض السنّة اي مساس بصلاحيات رئيس الحكومة من خلال وضع نظام داخلي لمجلس الورزاء، ولان مثل هذا الأمر سيجرّ الى طرْح صلاحيات رئيس البرلمان (الشيعي) ومدة ولايته.وفي تقدير اوساط سياسية في بيروت ان ثمة جهات محلية عملت للترويج لمشروع انتخاب رئيس انتقالي لمدة سنتين بغية اصطياد عصفورين بحجر واحد، الأول هو إظهار ان الاستحقاق الرئاسي غير متروك عبر رمي أفكار في التداول، والثاني التعمية على الدور التعطيلي لـ «حزب الله» الذي يربط الافراج عن الانتخابات الرئاسية في لبنان بما سيؤول اليه الصراع الاقليمي، لا سيما الايراني - السعودي في المنطقة.واذا كانت الدوائر المراقبة في بيروت تجزم بأن «الرئاسة الشاغرة» ستقيم طويلاً في الثلّاجة، فان معارك الوقت الضائع تشتدّ في الداخل، ولعل اكثرها سخونة الآن مسألة ربْط الثنائية المسيحية المتمثلة بـ «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» فتْح أبواب البرلمان لتشريع المسائل الضرورية في ظل الفراغ الرئاسي، بإمرار قانون الانتخاب، وهو الأمر الذي يشهد «شد حبال» على تخومه مع رئيس البرلمان نبيه بري الذي ما دأب يقول «لا تحرجوني فتخرجوني».والمعنى السياسي لهذه المعركة التي ستتضح فصولها بدءاً من الغد، هو ان الثنائي المسيحي يضغط في اتجاه انتزاع قانون للانتخاب يعزّز مكانته في البرلمان، وتالياً في التأثير في صنع القرار الداخلي في اللحظة التي يحبّذ الآخرون ضمناً ترْك أمر قانون الانتخاب الى ما بعد مجيء رئيس جديد للجمهورية.والاسوأ في محصلة هذه المعركة ان الصراع السياسي بدأ ينزلق في اتجاهات طائفية، الامر الذي يزيد من وطأة التقهقر المتمادي الذي بلغ حد طغيان الفضائحي على السياسي في يوميات بيروت التي تأخذها الاتهامات المتبادلة بين القوى السياسية، وكان آخرها بين وزير الدفاع سمير مقبل الذي ردّ على اتهامات زعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بتورّطه في شبكة الانترنت غير الشرعي، متحدّياً «مَن يُطلق الاتهامات بأن يُبرِز ما يملك من المستندات والوثائق على الطاولة، وإلا فليصمت»، ليأتيه الردّ من الوزير وائل ابو فاعور (من الحزب الاشتراكي) الذي وصفه بـ «مقبل الكيماوي» الشبيه بـ «علي الكيماوي» إبان نظام الرئيس العراقي السابق صدّام حسين.وهكذا يدور الوسط السياسي اللبناني حول فضائحه وسط تكهّنات باحتمال سقوط بعض المواقع كـ «كبش محرقة»، وهو ما بدأ الترويج له عبر الكلام عن ان «تيار المستقبل» رفع الغطاء عن مدير هيئة «اوجيرو» في قطاع الاتصالات، الرجل القوي عبد المنعم يوسف الذي شكل «علامة فارقة» في جيمع العهود التي مرّت على لبنان، اقله منذ العام 1998 والذي ربح أكثر من مئة دعوى قضائية بحقه كان افتتحها عهد الرئيس اميل لحود.

اشتباكات «عائلية» في الضاحية الجنوبية

| بيروت - «الراي» |شهدت منطقة الليلكي في الضاحية الجنوبية لبيروت امس، اشتباكات مسلحة اندلعت بين أفراد من عائلة زعيتر في شارع الامام علي.ولم تهدأ الاشتباكات التي أدت الى احتراق سيارة وتضرُّر بعض المنازل إلا بعد تدخل الجيش اللبناني، علماً ان وجهاء المنطقة كانوا حاولوا، على وقع الطلقات النارية، سحب المسلحين الذين انتشروا في الشارع.