الثبات الحكومي على المبدأ، وقلة خبرة النقابات النفطية في التعامل مع مثل هذا النوع من القضايا أنهيا أزمة إضراب النفط.هذا ما يلخص أحداث 3 أيام «سوداء» في تاريخ القطاع النفطي في إضراب أضر بمصالح الكويت العليا وكاد يهز اقتصادها لولا عزم الرجال المخلصين.ويسجل للحكومة انها منذ بداية الأحداث اتخذت قراراً واحداً لم تحد عنه، وهو عدم الرضوخ للمضربين، والإصرار على وقف الإضراب ومن ثم الحوار، واستمر هذا الكلام على المستويات كافة رغم الوساطات والتدخلات من أطراف عدة.أما النقابات التي بدأت تحركها انطلاقاً من نقطة التصعيد الأبعد، فقد بدا الاختلاف الكبير في الرؤى واضحا في ما بينها، فالبعض يرى ان تحقيق أي مكاسب في مراحل معينة هو في حد ذاته انجاز، والبعض الآخر يرى انه كلما تم رفع سقف المطالب يتم الحصول على مكاسب أكبر، وبين الجانبين رأي ثالث يرى ضرورة الثبات والصمود استناداً إلى تجربة سابقة.واستمرار الاضراب كان الخطأ الجوهري في اتخاذ القرارات في القطاع النقابي، فبعيداً عن الحقوق والمكتسبات وأحقية عمال النفط في مطالباتهم وأحقية الحكومة في قراراتها، لم يراعِ مضي النقابات في تحركها اعتماداً على تجارب قديمة للنقابات النفطية السابقة في الإضرابات أن الظروف والأحداث اليوم مختلفة.ولخص اليوم الثالث والأخير للإضراب الجدل والتفاوت في وجهات النظر بين رؤساء النقابات، خصوصاً عندما بدا عدم الثقة واضحا بين القيادات، وسط تسريبات للإعلام مخالفة لأجواء الاتصالات النقابية خلف الأبواب المغلقة.وجاء المؤتمر الأخير المفاجئ لاتحاد البترول ليعلن تأكيد الاستمرار في الإضراب بحماس وبشكل لا يحمل في طياته أي تراجع أو بادرة أمل في انفراجة قريبة، قبل أن يصدر بيان وقف الإضراب من دون أن يحمل أي تفاصيل للعمال عن التطورات التي دفعت إلى اتخاذ هذا القرار.ويظل قرار العودة للحق، وتغليب مصلحة الدولة العليا على المصالح الشخصية، قرارا صائبا ويحسب للنقابات أياً كانت الأسباب، وكذلك لكل من حاول جاهداً البحث عن مخرج لحفظ ماء الوجه، في حين كان الاعتماد على رأي واحد في سير الإضراب نقطة الضعف الأكبر، حتى وإن كانت له نجاحات سابقة في قضايا مماثلة وهو ما يتحمله اتحاد البترول ونقاباته.المؤكد ان حقوق العاملين مصانة، والقانون هو الفيصل في الحقوق، لكن التدرج في المطالب أفضل من البدء بأعلى سقف، خصوصاً عندما يكون مع الدولة، وكان الأحرى أن يكون الحوار هو سيد الموقف في ظل قبوله من الطرفين وعدم التوجه نحو آخر المطاف في التصعيد بإعلان الإضراب، رغم معرفة الجميع بمدى أضراره على الدولة.ولا بد من الإشارة إلى الجدل الذي صاحب الإضراب، بعدما لوحت الحكومة بالإجراءات القانونية ضد المضربين في الشركات النفطية، فتحول النقاش من الحقوق والمكتسبات إلى قانونية الإضراب وغياب الموظفين. ورغم ان لكل طرف مبرراته، لكن السؤال الذي طرح هو إذا كان الاضراب المفتوح هو البداية رداً على قرارات لم تصدر أصلاً وستخضع للتفاوض كما أعلنت الحكومة، فماذا سيكون التصرف لو كان هناك أمر أكبر؟والخلاصة، ان الحكومة نجحت باقتدار في إدارة أزمة إضراب النفط بتعامل واثق اتبع صحيح القانون في مختلف الإجراءات التي اتخذت.وإعلان القيادات النقابية وقف الإضراب خطوة تحسب أيضاً للكويت ولأبناء القطاع النفطي أنفسهم.
محليات
ثبات حكومي أنهى «إضراب النفط»
02:43 م