في المنطقة «صراع فيلة» ينذر بتغيير وجهها وربما خرائطها الجيو - سياسية، وفي لبنان «حصان» الفساد يخرج من «الحظيرة» مثيراً «غباراً» فضائحياً غير مسبوق كاد ان يحجب الرؤية عن التحولات في «المحيط اللاهب».ولم يكن أكثر تعبيراً عن حال الإمعان اللبناني في تعميق «الحفرة» التي وقعت فيها البلاد من فتْح «صندوق باندورا» الفساد والتراشق بالاتهامات بين النائب وليد جنبلاط وفريق الرئيس سعد الحريري، لا سيما وزير الداخلية نهاد المشنوق، وهو الاشتباك الذي رسم - معطوفاً على مجمل الملفات الفضائحية التي اثيرت، كالانترنت غير الشرعي وشبكات الاتجار بالبشر وغيرها - علامات استفهام حول «قطَبه المخفية» كما تداعياته على مجمل الوضع الداخلي «المعلّق» على «خيطٍ رفيع» ما زال يقيه شرّ السقوط «رسمياً» الى درك «الدولة الفاشلة» في ظل استمرار الشغور الرئاسي منذ مايو 2014.وطوال نهار أمس، كانت «عيون بيروت» موزّعة بين الأحداث المتزاحمة في المنطقة، وبين محاولات تفكيك «شيفرة» السجالات الداخلية التي انفجرت معها «القلوب المليانة» بين أكثر من طرف، اضافة الى رصْد مآل طاولة الحوار الوطني، التي اجتمعت وتناولت في شكل رئيس مساعي رئيس البرلمان نبيه بري لعقد جلسة تشريعية، تشترط القوى المسيحية الوازنة لالتئامها ان يتصدر جدول اعمالها قانون الانتخاب.وفي «وقت واحد» كان المشهد في العاصمة اللبنانية مشهديْن: الاول من «أخبار عاجلة» عن وصول الرئيس الاميركي باراك اوباما الى الرياض والاجتماعات الاميركية - الخليجية على هامش التحضيرات لقمة دول مجلس التعاون الخليجي والتصعيد المشترك للهجة ضد ايران و«حزب الله»، وعن الردّ العالي السقف للمرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية في ايران السيد علي خامنئي على السعودية، متوجهاً اليها «فلتخسأ» في معرض دفاعه عن «حزب الله»، وايضاً عن موافقة الحوثيين على الالتحاق بمباحثات السلام اليمنية وامكانات خروج اليمن سعيداً من الكويت، وعن انهيار الهدنة في سورية وتعثّر مفاوضات جنيف.أما المشهد الثاني الموازي، فعنوانه «اللهو» بملفات من وحي الاستسلام الداخلي لحال العجز الفاضح عن اجتراح الحلول للملف الرئاسي وتسليم «مفاتيحه» للخارج، فكانت «العواجل» المحلية الطابع عن وصول الأقطاب السياسيين تباعاً الى طاولة الحوار الوطني، ومشاركة النائب جنبلاط شخصياً على وقع «حربه المعلنة» على «تيار المستقبل» من خلال «القصف الممنهج» على «جبهتي» مدير عام هيئة «اوجيرو» عبد المنعم يوسف (في ملف الانترنت غير الشرعي) والوزير المشنوق.وتَرافقتْ جلسة الحوار (رُفعت الى 18 مايو المقبل) مع اهتمام بنقطتين: الاولى ما ستخلص اليه لجهة جلسة التشريع. وقد بدا في هذا السياق ان المبادرة التي طرحها بري للتوفيق بين تمسّكه بفتح الباب امام تشريع الضرورة وبين المطالب المسيحية ببتّ قانون الانتخاب لن تكون كافية لبلوغ تسوية في هذا الملف، بعدما بدا من ردّ الفعل الاولي من أطراف مسيحيين عليها (لا سيما فريق العماد عون) انها في سياق مناورة للإطاحة بإقرار قانون الانتخاب. علماً ان المبادرة قضت بأن تجتمع هيئة مكتب مجلس النواب وتضع جدولاً بالقوانين التي ستطرح على الهيئة العامة وفق مبدأ تشريع الضرورة، ومن ضمنها قانون الانتخاب، لكن امام الهيئة العامة يعاد ترتيب الاولويات انطلاقاً من التوصية التي كانت أقرت وأُدرجت في محضر احدى الجلسات السابقة عن عدم جواز إقرار قانون الانتخاب في ظل الشغور الرئاسي، واذا تراجعت الهيئة العامة عن هذه التوصية فعندها يصبح الباب مفتوحاً لبتّ هذا القانون قبل نهاية مايو المقبل، على ان يُستكمل تشريع الضرورة في الجلسة عيْنها.اما النقطة الثانية، فهي تداعيات «الملاكمة الكلامية» بين جنبلاط و«المستقبل» على مداولات الحوار، حيث اتضح انها لم تترك اي أثر مباشر، فيما شخصت الأنظار الى محاولات تبريد الأجواء، لا سيما مع الزيارة التي قام بها الوزير وائل ابو فاعور (من فريق جنبلاط) لرئيس الحكومة تمام سلام، علماً ان الوزير كان «رأس الحربة» في مهاجمة يوسف كما المشنوق، الى جانب المعلومات عن دخول سفراء عرب على خط التهدئة.وتقاطعت التقديرات في بيروت عند ان «الهبة الساخنة» بين جنبلاط و«المستقبل» مردّها الى سلسلة ملفات، بينها وجود ضابطين درزيين في وزارة الداخلية، أحدهما يعمل كمستشار للمشنوق، وهما قريبان من الوزير السابق وئام وهاب، وتخوف الزعيم الدرزي من محاولة لإزاحة قائد الشرطة القضائية العميد ناجي المصري، الى جانب خلافات مع عبد المنعم يوسف على قضايا محددة، وصولاً الى اثارة اوساط عدة علامات استفهام حول مدى رغبة جنبلاط في المضي بإجراء الانتخابات البلدية بدءاً من 8 مايو المقبل، لحسابات متنوّعة.وكانت آخر فصول «المعركة» بين جنبلاط والمشنوق، خصوصاً حول المخصصات السرّية والفساد بلغت حدّ ردّ الاول على استشهاد وزير الداخلية بمقال صحافي، يصفه بأنه «من أعتى رموز الفساد»، واصفاً «الداخلية» بأنها «مغارة لصوص» والمشنوق بانه «ديناصور السراي»، قبل ان يردّ وزير الداخلية على مَن وصفهم «بأصحاب الحملات» من دون أن يحددهم بالاسم، مخاطباً مَن يحاول النيل من قادة قوى الامن بـ «طويلة على رقبتو». فيما كان بارزاً دفاع «كتلة المستقبل» عن المشنوق ويوسف، لافتة إلى «حسابات صغيرة» وراء الحملة عليهما.
خارجيات
تقرير / مبادرات ومناورات على تخوم الجلسة التشريعية للبرلمان
حوار في لبنان فوق «صفيح ساخن» من التراشق بالفساد
10:45 ص