وسط إقبال كبير من المنتسبين للقطاع النفطي، نفذت الاتحادات والنقابات البترولية تهديدها أمس، ونظمت إضرابها عن العمل شارك فيه الموظفون رجالا ونساء بجميع وظائفهم وتخصصاتهم حتى غصت بهم الساحة المخصصة لتنفيذ الاعتصام.الاضراب بدأ في تمام الساعة السابعة صباح امس، واستقبل الخارجين من دوام الليل والذاهبين إلى دوام الصباح والابتسامة تعلو محيا المضربين على ما شهدوه من التزام كبير من المنتسبين للقطاع النفطي، وكان التشجيع والسلام الحار بين زملاء العمل مشهودا، فالجموع الغفيرة ازالت كآبة الانتظار والضحك والقهقهات تتوارد على المسامع من اليمين والشمال.فيما كان التنظيم لاعتصام المضربين متميزا، حيث تم تخصيص حراسات امنية على كل البوابات، فيمنع من الدخول من لا يبرز هوية العمل منعا لدخول غير المنتسبين للقطاع العمالي ومزاحمة المضربين. وفي موقع الاعتصام نصب المنظمون الخيم الصغيرة وخصصت كل خيمة لنقابة شركة من الشركات التابعة للقطاع النفطي لكي يقوم المضربون بتسجيل الحضور والانصراف في الكشوف لقياس مدى نجاح الاضراب، وتسهيل الحصول على الاحصائيات الخاصة بعدد المضربين في كل قطاع من قطاعات الشركات والمؤسسات النفطية.كما تواجدت الاجهزة الامنية في موقع الاعتصام في مقر اتحاد عمال النفط والبتروكيماويات في منطقة الاحمدي لحماية مقر الاعتصام وتنظيم السير الذي شهد كثافة غير مسبوقة لطوابير السيارات التي أحاطت بمقر الاتحاد من كل جانب.وكان اللافت كثافة الحضور النسائي في مقر الاعتصام بمبنى الاتحاد حيث خصصت صالة الاتحاد لتواجد النساء، وتسجيل حضورهن وانصرافهن. بينما شهدت قاعات الاتحاد العديد من الاجتماعات بين رؤساء النقابات والانحادات، للوقوف على آخر التطورات في مشهد الاضراب العام، فيما كانت هناك غرفة للعمليات لرصد الاحصائيات الخاصة بالعمال الموقعين في الكشوف ومواقع العمل التي تم استثناؤها من الاضراب.إلى ذلك، توافد رجال وزارة الداخلية لتسلم النقاط الامنية والحراسات في كل المواقع النفطية التي شملها الاضراب، حيث بدأ التمركز في هذه المواقع في تمام الساعة الخامسة فجرا تحسبا لبدء الاضراب في السابعة صباحا.وفي مؤتمر صحافي عقد في ساحة الاعتصام شدد اتحاد عمال البترول وصناعة البتروكيماويات والنقابات التابعة له توسع مطالبهم، مؤكدين استمرار الاضراب الى ان يتحقق تكويت القطاع النفطي.وقال رئيس اتحاد عمال البترول وصناعة البتروكيماويات سيف القحطاني، ان الاضراب قائم الى ان تتحقق مطالب العمال و يجب ان تتم محاسبة من تسبب في تعطيل القطاع النفطي. واضاف «من مطالبنا تكويت القطاع النفطي بكل مرافقه وتوظيف الكويتيين» معربا عن شكره للعمال المشاركين في الاضراب واعضاء مجلس الامة الذين شاركوا المضربين في دعمهم والمنظمات الدولية.بدوره ،قال رئيس نقابة نفط الكويت صلاح المرزوق «يجب محاسبة واقالة من تسبب في هذه الفوضى في البلد الحبيب» مطمئنا الجميع بأن القيادة السياسية ليست بعيدة عن جموع المضربين وسوف تقر مطالباتهم ومستحقاتهم القانونية. واضاف «اننا اجتمعنا دفاعا عن مقدرات الدولة و الاجيال القادمة و نحن على مفترق طرق اما تكون الكويت او لا تكون و بإذن الله ستكون الكويت بسواعد ابنائها».من جهته ،قال رئيس نقابة البترول الوطنية محمد فالح الهاجري «اننا نقف اليوم في الشمس لنبين للجميع اننا عمال ونقف من اجل الكويت في اي مكان فنحن لسنا دعاة تأزيم ولن نتنازل عن مستحقاتنا، فمستحقات العمال 150 مليون دينار على خمس سنوات، و الخسارة التي سيتسبب بها الاضراب باليوم الواحد تقدر بـ300 مليون ويجب ان يقال رئيس المؤسسة بسبب تعنته». وتابع «لقد ارسلنا مذكرة لمنظمة العمل الدولية واي قرار يتم اتخاذه في شأن الحل او التعسف القانوني فالمحامون موجودون والتحدي بيننا وبينهم هو ثباتكم» مطالبا بإلغاء تعيين العمالة الاجنبية وتكويت القطاع النفطي بالكامل.الى ذلك قال رئيس نقابة العاملين في شركة نفط الخليج فالح هندي العجمي «لقد راهن الوطن على موظفي القطاع النفطي وكسب الرهان، والاضراب قائم لرفع السوء عن الكويت، فالان انتم من تملكون القرار والقطاع النفطي ملك الشعب ويجب تكويته واقالة من تسبب في هذا الاضراب».وفي تصريح لـ«الراي» أشاد رئيس اتحاد البترول والبتروكيماويات سيف القحطاني بالتزام عمال القطاع النفطي بالاضراب، «فكما يشاهد الجميع جميع الطرقات مغلقة من زحام الموظفين الحاضرين لموقع الاعتصام المخصص للاضراب، وهذا دليل على حرص المضربين على مكتسباتهم وحقوقهم وايمانهم التام بالمطالب التي رفعها الاضراب».واضاف «اعتقد انه مع الساعة الاولى للاضراب تأثر القطاع النفطي بشكل كبير، ولا نطمح لان يكون الاضراب سببا للشلل التام في القطاع النفطي، حيث ان بعض الوحدات والمراكز قمنا بتزويدها بالموظفين، مراعاة لاهلنا في الكويت، فلا نقبل ان يتضرروا من هذا الاضراب». ولفت الى ان «منظمي الاضراب ليسوا فوضويين ولا دعاة تأزيم، نحن نريد ان نوصل صورة للمسؤولين، وقد استثنينا من وقف العمل في القطاعات المخصصة لتزويد محطات الكهرباء ومحطات الوقود وغيرها من الاماكن المهمة و الحيوية».وفي رده على دعوات تسلم الحرس الوطني للعمل في المنشآت النفطية قال «بالنسبة للحرس الوطني يأتون ومرحبا بهم بأي وقت وهذا محلهم ويشرفون وليس لدينا اي مشكله معهم، اما بالنسبة لما سمعناه من طلب الاستعانة ببعض الجنسيات من دول اخرى فهذا يخالف شرعية الاضراب وكل المواثيق والمعاهدات الدولية».بدوره، قال رئيس نقابة العاملين في شركة صناعة البتروكيماويات فرحان العجمي لـ«الراي» إنه «مع اول ساعة من الاضراب فاق الحضور توقعاتنا والكشوفات للمسجلين بحضور الاضراب تجاوزت 2000 موظف، والعدد في ازدياد» مبينا ان «هذا نجاح اكثر مما كنا نتوقعه واما حول تعطل العمل ليس من شأننا بل شأننا هو الحضور لهذا المكان وتسجيل الموقف التزاما لقرار الجمعية العمومية لاتحاد البترول».وحول الدعوات لاستقطاب العمالة الفنية من الخارج لتشغيل القطاعات النفطية، اكد العجمي «انها استمرار في السياسات الخاطئة للحكومة وهو استمرار للتعنت والعناد والتضحية بالايرادات والقبول بالخسائر الفادحة مقابل التعنت لا اكثر ولا اقل». ونفى اي اجتماع حصل عشية يوم الاضراب مع اي جهة حكومية او مسؤولي القطاعات النفطية، مشيرا الى ان «الخسائر الناتجة عن الاضراب من السهولة حسابها فإنتاج الكويت اليومي ما بين 2.7 و3 ملايين برميل يوميا، وما اعرفه ان الانتاج اليوم وصل الى مليون برميل، واقل من ذلك وحسب التقديرات المبيعات تقدر يوميا بمئة مليون دولار وفي حال توقف الانتاج كليا فالخسائر ستكون يوميا مئة مليون دولار».وأضاف ان «مطالب الاتحاد و نقاباته محددة للوزير وقيادات المؤسسة، وقد هددت القوى العاملة بحل الاتحاد لكن مع الاسف القوى العاملة تعلم انها لا تملك هذا الحق نهائيا ولا يملك حق حل هذه الاتحادات نهائيا، ومن الممكن ان تحل مجالس الادارات بطريقتين اما بقرار من الجمعية العمومية العادية وغير العادية، او عن طريق اقامة دعوى قضائية امام المحكمة الكلية، فلا احد يملك قرار الحل الا ما بيناه و الاضراب مفتوح الى ان تتحقق المطالب جميعا».نيابيا حضر عدد من أعضاء مجلس الأمة إلى موقع الإضراب مؤيدين، حيث قال النائب ماضي الهاجري «حضرت من منطلق واجباتي السياسية والعمالية كوني كنت أحد العاملين في هذا القطاع، وأدعو وزير النفط إلى أن يبادر الآن إلى حل المشكلة لأن الاضراب لم يكن خيارا للعمال لكنه فرض عليهم بسبب اغلاق الأبواب». وأضاف أن «الأمور وصلت إلى مرحلة خطيرة والوضع حرج وعلى الوزير أن يعي خطورة هذا الموقف لأننا قلنا له من قبل إننا سنذهب إلى أبعد مدى إلى أن تحل هذه المشكلة» متابعا «نحن بانتظار أن يبادر الوزير الآن ويحل هذه الأزمة وإلا فاستجواب الوزير في حال الانتقاص من حقوق العمال أو تطبيق البديل الاستراتيجي».بدوره، قال النائب عبدالله التميمي «نحن هنا للتأكيد على أن حقوق العمال لن تمس وهناك حقوق تم تحقيقها على مدى السنوات الماضية من خلال المفاوضات والأحكام القضائية وهناك قرارت حكومية صدرت بتلك المستحقات والامتيازات التي يتمتع بها العمال الآن». واضاف أن «ترهيب العمال ومحاولة زعزعة الاستقرار في القطاع النفطي ليس في مصلحة أحد، فالإضراب ليس في مصلحة الجميع، وسياسة الأبواب المغلقة ليست في مصلحة أحد لا العمال ولا الحكومة».ودعا التميمي إلى ضرورة الجلوس على طاولة المفاوضات، وإنهاء هذه الأزمة وإيجاد مخرجا لها، أما استمرار الأمور بهذا الشكل فليس في صالح الكويت بشكل عام، لافتا إلى أن الحقوق ليست أمورا معقدة كما أن امتيازات القطاع النفطي اكتسبها العمال ولم يسلبوها من أحد، مشيرا إلى أن الإضراب أبلغ وأقوى في رسالته من أي استجواب، وأن القطاع النفطي مضرب بشكل شبه كامل عن العمل.بدوره، أعلن النائب حمدان العازمي تضامنه ووقوفه مع عمال النفط المضربين مؤكدا ان الحقوق «تريد حلوق» وأنه يؤيد مطالب العاملين بالقطاع النفطي المتمثلة في وقف المساس بالحقوق العمالية وإرجاع الحقوق التي أُلغيت او قلصت.ورأى العازمي ان مسألة القطاع النفطي حساسة جدا ولا يمكن مقارنتها ببقية القطاعات بالدولة، وبخاصة ما يتعلق منها بطبيعة العمل المختلفة كلية عن غيرها من الوظائف، لافتا الى ان التعاطي مع هذا القطاع يجب ان يتوخى فيه المسؤولون الحذر، والا يؤخذ الامر على انه وظيفة كبقية الوظائف.وأكد العازمي على ضرورة استثناء القطاع النفطي من المسطرة الموحدة للوظائف، على ان تكون له معاييره الخاصة المعتمدة حسب المهارة والتخصص ودرجة الاتقان وتحقيق اعلى معايير الجودة في الانتاج والتصدير والصيانة، وان يكون هناك قواعد منفصلة لطبيعة كل وظيفة في القطاع النفطي، مشددا على ان الحكومة تثبت يوما بعد اخر وازمة بعد اخرى انها عاجزة عن القيام بمسؤولياتها تجاه اهم القضايا التي تواجه الدولة.من جانبه، أكد سكرتير عام اتحاد العاملين في البترول حازم العمري أن العمال هم أكثر الناس حرصا على مصلحة الوطن ومصلحة القطاع النفطي أما المسؤول عن الأزمة فهم القيادات النفطية التي لم ترد حل الأزمة منذ بداياتها.واستغرب هذا الصمت أمام هذا الاضراب الحاشد لافتا إلى أن المنتظر كان مبادرة المسؤولين لحل هذه المشكلة، وشدد أن سقف المطالب ارتفع ووصل إلى المطالبة بإقالة القيادات النفطية التي وقفت عاجزة وتسببت في هذا الأمر، موضحا أن القطاع النفطي هو مقدرات الوطن ويجب التعامل معها بحرص ويجب التعامل بحكمة مع قضاياه.وأشار إلى أن المطالب العمالية في القطاع النفطي مطالب مستحقة ويجب العمل على تنفيذها، فهم ليسوا دعاة تأزيم لكنهم يريدون الحفاظ على مكتسباتهم التي اكتسبوها، مشيرا إلى أن القيادات النفطية هي التي أشعلت فتيل الأزمة وعليهم حل هذه القضية.

من أجواء الإضراب

* بدا الاضراب منظما من حيث توفير قاعات خاصة للنساء واخرى للرجال وتوفير «بوفيهات» لوجبات الافطار والغداء.* حضرت وسائل اعلام اجنبية لتغطية الحدث الى جانب الاعلام المحلي.* ضاقت الساحات الجانبية والمحاذية لمبنى الاتحاد بأعداد العاملين الذين سجلوا حضورهم وافترشوا الارض.* حضر عدد من النواب واجتمعوا برئيس الاتحاد من اجل التوصل الى صيغة توافقية لحل المشكلة ووقف الاضراب.* اقتصرت مهمة رجال الامن بتنظيم حركة السير، بعد ان تكدست المركبات في محيط المكان.* أصحاب المنازل المقابلة لمبنى الاتحاد قدموا شكاوى بسبب مضايقة بعض المركبات الامر الذي صعب عليهم حركة الخروج والدخول.* عدد من المهندسات العاملات في النفط عبرن عن غضبهم الشديد بسبب انتقاص المزايا والتضييق عليهن.* سجل عدد من نواب الاغلبية المبطلة حضورهم، مؤكدين دعمهم الكامل للحقوق العاملين.* شرع منظموا الاضراب في بناء الخيم الصغيرة في الساحة الخلفية لمبنى الاتحاد لتوفير الظل للمضربين بعد منع بلدية الاحمدي اقامة القاعات الكبيرة في الساحات المقابلة للاتحاد لعدم حصولهم على الترخيص اللازم.* الشيشة الالكترونية كانت المشهد البارز فيما بين المضربين، حيث وفرت عليهم عناء ترك مكان الاضراب للتمتع بالشيشة.* نشر المنظومون مطالبهم في لافتات كبيرة موزعة في كافة ممرات وزوايا ساحة الاضراب ليعلم الجميع المطالب التي يسعون لتحقيقها.* علت اصوات التشجيع بين المضربين بكلمات حماسية منها «كفو والله، رجال ما ينامون عن حقهم» و«ما توقعنا هذا الحضور الله يبارك ويزيد» و«هذي الجمعة الصحيحة لتعرف الحكومة ان كل حق وراه مطالب» وغيرها.* حضر بعد صلاة الظهر كل من مدير امن الاحمدي وعدد من مرافقيه وجلس مع القيادات النفطية للاطمئنان على عدم مضايقتهم وان كان لهم توجهات يرغبون بها في تنظيم الاضراب.