في صورة بعيدة عن المسلك الحضاري، وبمنظر مؤذ للعين وخادش للذوق بروائحها الكريهة، أصبحت دورات المياه العامة مؤشرا لا تخطئه العين على عجز البلدية عن التعامل مع ملفها، بعدما تهاونت مع الشركات المسؤولة عن نظافتها وصيانتها، حتى أن وصل الأمر بذلك التهاون إلى ان كلفها ترميم دورة مياه واحدة 30 ألف دينار!ففيما كان الهدف من دورات المياه خدمة الناس، لاسيما في مناطق الأسواق العامة، تحولت تلك الدورات إلى أشكال يمكن أن تطلق عليها أي تسمية سوى ان تكون دورة مياه، فبعضها تحول إلى بؤرة للقاذورات وتجمع النفايات، وبعضها الآخر صار مخزنا لأقرب محل سكراب لديها، وغير ذلك من أمور خرجت بتلك المباني عن هدفها الأول.«الراي» رافقت عضو المجلس البلدي المحامي عبدالله الكندري في جولة ميدانية، شملت مواقع بعض دورات المياه بعد عدة شكاوى من الأهالي عن انتشار الحشرات والحيوانات بالقرب من منازلهم، حيث قال الكندري إن هناك بنودا من ضمن عقود النظافة تنص على إلزام شركات النظافة بصيانة وتنظيف تلك الدورات وتوفير عمال خدمات ومنظفات، مشيراً إلى أن كتب إدارة الإنشاءات في البلدية تؤكد وجود دورات مياه قائمة تحتاج للصيانة، وأخرى في حالة يرثى لها ومن المتوقع سقوطها، وهذا يهدد بكارثة إذا أهمل حلها قد تودي بحياة أحد المارة.وبين الكندري إن «ملاحظات ديوان المحاسبة حول 16 دورة مياه، مضى عليها ما يقارب 3 سنوات وحتى الآن لم تتحرك البلدية لاتخاذ أي إجراءات قانونية ضد شركات النظافة، لاسيما أن بعض المسؤولين يؤكد أن عملية الصيانة ستبدأ مع بداية العقود الجديدة، بما يدل على أنه لا غرامات ولا خصومات تم تحريرها بحق تلك الشركات، وفي النهاية ستتحمل الدولة أعباء تلك الصيانة أو إعادة الترميم أو البناء».وأضاف «أن الأمر الذي يثير الدهشة اعتراف بعض المسؤولين بأن بعض تلك الدورات آيل للسقوط، وأن البلدية ستتوجه لترميمه مع بداية العقود الجديدة» متسائلاً «هل يعقل أن تقدر البلدية إعادة ترميم إحدى دورات المياه بـ30 ألف دينار؟»، كاشفاً عن وجود عدة كتب رسمية ومراسلات وكشوفات بين إدارات البلدية تشير لوجود عدد كبير من دورات المياه المهملة في حين أن إدارات أخرى تؤكد عدم وجودها.وأشار إلى«أن منطقة القبلة تحتوي على 7 دورات مياه، وفي شرق 7 دورات، والمرقاب 5 دورات، وفي الكشوفات يتضح أن معظم تلك الدورات لا يوجد فيها كهرباء، والبعض الآخر منها طلب إغلاقها من قبل إدارة الإنشاءات لإزالتها، ومنها يعاني من طفح في المجاري لعدم توصيل الصرف الصحي إلى المجاري الحكومية، ودورات أخرى تمت إزالة أبوابها».ولفت الكندري إلى «أن إدارة النظافة وإشغالات الطرق في فرع بلدية محافظة حولي خاطبت إدارة الإنشاءات في البلدية مطالبة بتسلم دورات المياه غير الصالحة للاستخدام في محافظة حولي وعددها 3» مؤكداً أن «الإدارة أخلت مسؤوليتها عن تلك الدورات باعتبار أن شركة النظافة المعنية بها لا تقوم بدورها لهذه الدورات لعدم صلاحيتها».وبين «أن البلدية أطلعت على نتيجة التحقيق الذي أجرته اللجنة المشكلة بالقرار الوزاري في ما يخص عقود النظافة»، موضحاً «أن مهمة لجنة التحقيق اقتصرت على التحقق في مخالفات عقود النظافة وما شاب تنفيذها من اختلالات ومخالفات وعدم التزام الشركات المتعاقد معها، إضافة لتحديد المسؤولين عن وقوع هذه المخالفات وتحري أسباب ذلك».وأشار الكندري إلى وجود كتاب صادر من البلدية يحتوي على مطالبات بضرورة تحليل الأسعار في عقود النظافة الجديدة خاصة البند الذي يحدد فيه تكلفة صيانة دورات المياه، إضافة لتكليف إدارة الإنشاءات بعمل الإصلاحات والصيانة اللازمة لدورات المياه المغلقة بشكل عاجل وتسليمها لمديري إدارات النظافة بأفرع البلدية بالمحافظات وإبلاغ إدارة الشؤون المالية بكلفة تلك الإصلاحات تمهيداً لخصمها من مستحقات الشركة السابقة.وقال «إن الطامة الكبرى اعتراف إحدى إدارات البلدية أنه بعد قيامهم بجولة على دورات المياه تبين من خلالها أن الدورات في منطقة حولي وتحديداً شارع اليرموك قطعة 9 ذات بناء آيل للسقوط وتم تقدير تكلفة البناء بـ 30 ألف دينار، معلنيين أنه سوف يتم البدء بالأعمال ضمن العقد الجديد لصيانة محافظة حولي». وأكد «أن إسناد إعادة تعديل وترميم دورات المياه إلى العقود الجديدة لصيانة المحافظات أمر غير طبيعي ويحتاج إلى وقفة جادة من قبل البلدية خاصة في الجانب المتعلق بمحاسبة شركات النظافة».
محليات
تهاونت مع شركات النظافة المكلفة بصيانتها فتكبّدت 30 ألف دينار لترميم واحدة منها فقط
دورات المياه العامة... روائحها «تزكم» مسؤولي البلدية
04:06 ص