الأزمة السياسية «تأكل» نظامه، والفساد ينخره «على المكشوف»، والفضائح على أنواعها «لم تترك ستراً مغطى»، و«السموم الطائفية» استعادت «دورها» في إذكاء شروخ في النسيج الوطني تضاف الى «نار» الفتنة المذهبية المفتوحة على «البركان المتفجّر» في المنطقة.هذا اللبنان الذي «عرّاه» الفراغ الرئاسي المتمادي منذ نحو 23 شهراً، يتحضّر، وبهذه الصورة التي لم يعرف في بعض جوانبها مثيلاً لها حتى ابان الحرب الأهلية، لاستقبال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي يصل اليه السبت في زيارة تستمر يوماً واحداً في مستهلّ جولة له ستشمل تباعاً مصر والأردن.هولاند، الذي يزور بيروت تحت عنوانٍ عريضٍ هو «التعبير عن تضامن فرنسا القوي مع هذا البلد الصديق»، سيحلّ ضيفاً على دولةٍ شبه «متحللة» صارت موضوعة بين مطرقة طبقةٍ سياسية «علقت» في غالبيتها بـ «ِشباك» مصالح إما خدمةً لأجندات خارجية او لحسابات فئوية او حتى شخصية، وبين «سندان» مأزق غير مسبوق في علاقات لبنان بـ «رئته» الخليجية والعربية التي تحكمها «غضبةٌ»، جراء ما اعتُبر «مصادرة إرادة الدولة من حزب الله، في موازاة اهتمام دولي به يكاد ينحصر بزاوية كتلة الـ 1.5 مليون نازح سوري واستراتيجية الغرب لإبقائهم في»ارض اللجوء الأوّل.ولم يكن قرار الرئيس الفرنسي بالقفز فوق العائق البروتوكولي الذي يمثّله عدم وجود رئيس للجمهورية في لبنان وإصراره على الزيارة (هي الثانية له بعد واحدة في نوفمبر)، كافياً لجعل الأطراف السياسيين الرئيسيين يستشعرون أقلّه بوجوب أن لا يضيفوا الى"سلّة المشكلات"اللبنانية، طبقة جديدة من التعقيدات عبّرت عنها جلسة"انفجار القلوب المليانة"، على تخوم ملفات متشابكة داخل مجلس الوزراء الذي أصابته"الهزّة الطائفية"على خلفية قضية جهاز أمن الدولة (والصراع المستشري فيه بين رئيسه المسيحي الكاثوليكي ونائبه الشيعي) بتصدّعات"بنيوية"أنذرت بعدم انعقاد الحكومة الثلاثاء المقبل وتالياً إرجاء مواضيع اساسية وداهمة الى ما بعد 18 الجاري، وأبرزها: تمويل التجهيزات الضرورية لتحسين أمن مطار بيروت في ملاقاة التهديدات الارهابية عالمياً وخشية اتخاذ مطارات في العالم تدابير تمنع استقبال طائرات تقلع من العاصمة اللبنانية، الى جانب قضية تجديد العقد مع القمر الصناعي"نايل سات"وتحسين شروط البث من محطة جورة البلوط (المتن) تحت طائلة تعريض اربع محطات لبنانية لخطر الاحتجاب عن الهواء بحال أصاب اي عطل التقنية المؤقتة التي تُعتمد حالياً، بتدبير من»نايل سات«لاستمرار البث المباشر عبر القاهرة.واذا كان هولاند سيزور بيروت حاملاً التزاماً رباعياً بدعم الاستقرار في لبنان من خلال كل القوى الأمنية ولا سيما الجيش، ودعم بيروت في مواجهة تداعيات الحرب السورية ولا سيما ملف النازحين، الى جانب الحضّ على حماية رسالة التعايش الذي يجسده لبنان وإعادة إطلاق عجلة المؤسسات وخصوصاً انهاء الفراغ الرئاسي، فإن تقاطُع المعلومات عند ان الرئيس الفرنسي لا يحمل في جعبته اي"حلول جاهزة"لمشكلات لبنان يشي بأن البلاد مقبلة على مرحلة من ارتفاع منسوب التفكك المؤسساتي، ولا سيما في ظلّ انعدام اي أفق قريب لإنجاز الانتخابات الرئاسية في ضوء استمرار"التمترس"الداخلي بين المرشحين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية وعدم تبلور ملامح قدرة على توفير"بوليصة تأمين"خارجية للاستحقاق يبقى مفتاحها تَفاهُم ايراني - سعودي.وفيما يمكن ان تشكل الأيام الفاصلة عن الثلاثاء المقبل"فترة سماح"من شأنها"تبريد"المناخ الذي ساد مجلس الوزراء نتيجة الخلاف على إقرار الاعتمادات لجهاز أمن الدولة واتّهام وزراء مسيحيين بوجود خلفيات طائفية وراء محاولات"خنق" هذا الجهاز، فإن اوساطاً سياسية ترى ان عدم حصول توافق على هذه القضية قد يجعل الرئيس تمام سلام يفضّل عدم انعقادها خشية ان تنفجر الحكومة قبل ان يتوجّه الى اسطنبول للمشاركة في القمة الإسلامية وأيضاً قبل زيارة هولاند ما سيشكّل إحراجاً كبيراً.