يفقد الكاتب احترام قرّائه إذا اتضح لهم أنه يقيس الأمور بمزاجية، ويحكم على الأشياء بازدواجية، بينما يكسب إعجابهم واحترامهم، إذا تناول القضايا بشفافية، وحكم على الناس بالإنصاف.هناك بعض الكتاب من يصلح أن يلقّب بـ «الكاتب الأعور» لأنه ينظر إلى الأشياء متعمدا من زاوية واحدة، ويغض الطرف عند تناول مواضيع معينة لأنها تمس مجموعته أو طائفته أو حزبه.وتراه يمدح حادثة أو موقفا معينا لأنه يوافق هواه مع أنه في عرف الناس، مذمّة، بينما يهاجم موقفا آخر له تشابه من زاوية معينة، لكن ليس فيه عيب لا عرف ولا شرع.وأذكر أمثلة ليتضح المقصود: ما رأيكم بكاتب يُطالب باحترام حرية الشعب بالاختيار، ثم يؤيد الانقلابات العسكرية التي تُسقط حاكما شرعيا منتخبا؟وما رأيكم بمن يقيم مأتما لمقتل معارض ومخرب كان يواجه شرطة بلده بالسلاح، ثم يصمت عن مقتل آلاف المدنيين الأبرياء على يد أصحاب البدلات العسكرية؟وماذا تقولون في كاتب يرى أن لا عيب ولا حرج في أن تُنجب فتاة في الـ 12 من عمرها طفلا من غير زواج في بلد غربي، بينما يرى أن زواج شاب خليجي في 17 من عمره، أمر يثير الجدل والاستغراب؟كاتب يُطالب بمحاسبة من سرق قلما، ويُحذّر من عواقب محاسبة من سرق بلدا!يرى وجوب محاسبة شخص ابتلي بعقله، ويلتمس العذر لمن هو في كامل عقله لكنه مصيبة على وطنه!ماذا تقولون عن كاتب يُبرئ ويدافع عن من تمت إدانتهم بتهم تمس أمن الوطن، في الوقت الذي يُدين فيه أطرافا أخرى لم تكن لهم سوابق خيانة ولا عمالة، ولم تثبت عليهم تهمة، بل وتمت تبرئتهم في المحكمة؟ماذا نقول عن كاتب يرى أن للمرأة الحق في أن تسير في الشارع ولو بقميص النوم، في وقت يستنكر لبس المرأة المسلمة النقاب في البلاد الغربية؟وما رأيكم بمن يُطالب بسحب الجناسي من فئات معينة من المواطنين، لأنهم أظهروا رأيا معارضا، بينما يعترض على سحب الجناسي ممن دينوا بالخيانة العظمى، والتآمر على أوطانهم؟يُحرّض على بعض من استنكر قتل حاكمٍ مجرمٍ لشعبه بلا ذنب، بينما يصمت على من أساء إلى رموز دولة خليجية شقيقة، ووصفهم بأقذع الألفاظ؟كاتب لا تكاد كتاباته تخلو من الطائفية، بل هي تقطر من النفس الطائفي، ثم يُطالب الدولة بتطبيق قانون الوحدة الوطنية لمن فضحوا طائفيته؟أيها «الكاتب الأعور»، لقد أصبحت مفضوحا بين القراء، فإما اعتدلت وأنصفت وإما اعتزلت.Twitter: @abdulaziz2002
مقالات
رسالتي
الكاتب الأعور
10:17 م