أنتم أيها العالقون على جدار الصمت والخِزْي والعار الإنساني، أنتم أيها المناضلون في سبيل الحياة والناظرين للسلام، بعد أن فتحت عليكم فوهات جهنم في أوطانكم وأبواب الموت التي لا مغلق لها.كم عانيتم حتى قررتم أنتم وأطفالكم وشيوخكم أن تقفوا على هذه الجدران الموصدة بوجوهكم المكبلة بسلاسل الحرمان والإجحاف، برودتها قاتلة تارة وحرارتها تارة أخرى.معرضون لكل أنواع العقاب سواء من الطبيعة وقسوتها أو من قسوة بني البشر، الذين سقطت الأقنعة الشفافة عن وجوههم وباتت القسوة قناعهم الوحيد، وتحجرت أفئدتهم، وتبلدت مشاعرهم، وكيف لا وقد أصبحت أعداد الشهداء أرقاما بالنسبة لهم ومشاهد الألم مجرد لقطات يمرون عليها غير آبهين.تنظرون بأعين ملؤها الأمل والتفاؤل إلى البعيد المجهول، تتخللها لحظات تتساءلون فيها ماذا حل ببيتنا؟ بحديقتنا، وهذا طفل يسأل أمه أين سريري، أين العابي، أين مدرستي، وأصدقائي وزوج يبكي زوجته وأطفاله التائهين في موج البحر وأخرى تبكي زوجها وأمها بعد أن أوصدت في وجوههم كل أبواب السعادة... لتفتح مكانها أبواب جهنم!عودوا، فلا أمل لكم بالبقاء في أي مكان، سدت في وجوهكم بقاع الأرض واصقاعها والقريب أدار لكم ظهره قبل الغريب، عودوا فالموت مصيركم والتشتت مصيركم والضياع مآلكم.لو كان هذا عصر المعجزات لكانت نبتت لكم الجبال زرعا والصحراء ماء وياسمينا وموج البحر مهدا، ولكن لا فقد تناسينا عصور المعجزات وأصبحنا في زمن يتوه فيه المرء عن أخلاقه والارض والبحر يستجيرون من شدة الظلم.لكنكم ستجدون ضالتكم رغم كل الظروف فتاريخكم و حضارتكم العريقة الممتدة إلى ألوف السنين من العظمة والمجد سوف تكون تاجاً على رؤوسكم و فخراً لكم لا يضاهيه فخر، واخضرار موطنكم بأنهاره وجباله ووروده سيكون منارتكم التي تنظرون من خلالها لهذه الحياة.انتم أيها المناضلون، هل بقي لكم هوية أوعنوان؟ ما الذي أوصلكم إلى ما وصلتم إليه أهو موت الضمير العالمي، أو الانهيار الإنساني وإذا ذهبت الأخلاق ضاعت الامم.إنه ليس مصيرهم وحدهم بل مصيرنا نحن كشعوب ومجتمعات في تحملنا لمسؤوليتنا كأفراد ومجتمعات، فكل منا معرض لمصير مماثل إن لم نكن متحدين ومدركين لحجم الكارثة وأبعادها، فلنتحد ولنتعاون ولننهي هذه المأساة الانسانية.