قلّبوها يمينا ويسارا... جمعوا وطرحوا وضربوا وقسّموا... ولكن «الحسبة» في كل الحالات كانت «برمة»، فالأرقام صادمة، وما بين الحلم والواقع وجد المواطن نفسه ــ بالورقة والقلم ــ ضمن الفئة الثالثة للمستهلكين، وهو الذي يطمح أن يكون في خانة «المستهلك الرشيد»!فتعديل تعرفة الكهرباء والماء الذي أقره مجلس الوزراء في جلسة الاثنين الماضي ما زال حديث الساعة، وأصاب المواطنين بالدوار وهم يحسبون كلفة استهلاكهم وفق التعرفة الجديدة، لتصدمهم نتيجة الارقام، فيعيدوا حساباتهم والنتيجة كما هي، متسائلين لماذا لم تكتف الحكومة برفع سعر خدماتها للضعف؟ لماذا رفعته 4 أضعاف؟الكثير من المستهلكين يقفون أمام مصطلح «المستهلك الرشيد»، متمنين ان ينطبق عليهم، حتى يتفادوا لسعة فواتير الكهرباء والماء التي سيتم تطبيقها بعد عام، وفق تصريحات المسؤولين في وزارة الكهرباء والماء، فيما وصف مصدر في الوزارة المستهلك الرشيد بأن عليه أن يكتفي بتشغيل مكيّف واحد فقط لا تتجاوز قدرته الاستهلاكية 3.5 طن، وان يستحم مرتين فقط في الاسبوع حتى لا يخرج عن نطاق هذه التسمية.فالتكييف الذي يبلغ حجمه 3.5 طن سيستهلك تقريبا 4 كيلو واط في الساعة، أي أن استهلاك هذا التكييف سيصل شهريا في حال تشغيله لمدة 24 ساعة ــ وارد جدا في موسم الصيف ــ إلى 2880 كيلو واط، في حين ان الشريحة الأولى تبدأ من 0 إلى 3000 كيلو واط!حسابات المستهلكين لم تقف عند حسبة التكييف الذي لا يزيد حجمه على 3.5 طن، بل أضافت مع حسبة التكييف حساب استهلاك 10 مصابيح من نوعية الفلورسنت بقدرة استهلاك 20 واط للمصباح الواحد، ووجدوا ان إجمالي استهلاك الـ 10 ساعات سيصل إلى 108 كيلو واط شهريا في حال تشغيلهم 18 ساعة فقط، أي ان تشغيل تكييف واحد بقدرة 3.5 طن و10 مصابيح بقدرة 20 واط لكل مصباح كفيلة بإخراج المستهلك الرشيد من جنة الشريحة الأولى إلى نار الشريحة الثانية.مصادر في وزارة الكهرباء والماء، قالت ان الوزارة عادة تخصص للمتر المربع 68 واط لكل ساعة يشمل أحمال التكييف والإضاءة والأجهزة، بمعنى ان الشقة التي تبلغ مساحتها 400 متر سيصل استهلاكها الشهري 19.500 كيلو واط، بما يعادل فاتورة شهرية بنحو 227 ديناراً.وأوضحت مصادر أنه في حال تطبيق نظام التعرفة الجديد على الوزارة ان تقوم بتركيب عدادين لكل قسيمة أو شقة الأول يختص بقراءة الحمل المستهلك بالكيلو واط، والثاني لتحديد نسبة الطاقة المفقودة «بوحدة الفار لكل ساعة» التي تستهلكها الأجهزة الكهربائية ذات الأداء الردئ مثلما هو معمول به في بعض الدول المتقدمة حتى تضمن حقوقها وتحاسب المستهلكين الذين يستعملون أجهزة كهربائية رديئة.وكشفت المصادر ان الوزارة تدرس حاليا تجارب بعض الدول التي تخصص عداد مياه لكل شقة تمهيدا لتعميم التجربة مستقبلا حتى لا يتم افساح المجال للمستأجرين الذين يسرفون في استهلاك المياه لتحمل المالك تكلفة تسعيرة المياه.ورأت المصادر ان اللجوء إلى استخدام الطاقة الشمسية بتقنية الألواح الشمسية والسخانات الحرارية من شأنها ان تساعد في تخفيض معدل استهلاك الكهرباء، حيث ان المتر المربع في حال تغطيته بألواح شمسية يمكن ان ينتج تقريبا ما بين 90 إلى 100 واط لكل ساعة.التخوف الأكبر الذي يواجه الوزارة هو استمرار معدلات المباني الحكومية على حالها دون العمل على تخفيض هذه المعدلات، حيث لاحظ القائمون على قراءة العدادات ان مبنى حكوميا بلغ استهلاكه 150 الف كيلو واط في 10 أشهر فقط.