يستعيد المشهد السياسي اللبناني حرارةً متدرّجة بعد عطلة عيد الفصح تبدأ بالتصاعد من اليوم مع الجولة الجديدة من جولات الحوار النيابي الموسّع التي تنعقد في مقر رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة.ومن المقرّر ان يطرح بري في هذه الجولة موضوعاً سجالياً يتعلّق بانعقاد جلسات تشريعية لمجلس النواب لإقرار مئات المشاريع العالقة ولا سيما منها ذات الأولويات الملحة، علماً ان العقد العادي لمجلس النواب بدأ قبل أسبوعين بما يحتّم البدء في عقد هذه الجلسات.لكن المعلومات المتوافرة عن هذا الموضوع تشير الى ان العقبات التي ستعترض بري تضاعفت هذه المرّة عن المرّة السابقة التي تمكّن فيها رئيس البرلمان من تمرير جلسة يتيمة لإقرار مشاريع ذات طابع دولي كان لبنان معرضاً لأخطار حصار مصرفي دولي لو لم يقرّها في اللحظة الحاسمة.لكن الظروف الحالية لن تكون مسهِّلة بل ربما يواجه بري تعقيدات أكبر بكثير من السابق نظراً الى مجموعة عوامل من بينها ان القوى المسيحية تتنافس بل تزايد على بعضها البعض في الامتناع عن حضور جلسات التشريع بحجة عدم جواز عقد هذه الجلسات قبل انتخاب رئيس للجمهورية.وتشير المعلومات الى انه في حين كان حزب الكتائب وحده التزم سابقاً بهذه المعادلة وامتنع عن حضور الجلسة التشريعية اليتيمة السابقة، فإنه يُخشى هذه المرة ان يَجمع موقف الرفض للجلسات التشريعية غالبية القوى المسيحية في ظل تمادي أزمة الفراغ الرئاسي واحتدام المزايدات المسيحية حولها. ثم ان عامل التباين بل الخلاف الحاد بين بري وزعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون الذي بلغ سقفاً عالياً جداً أخيراً لا يساهم ابداً في تسهيل انعقاد جلسات تشريعية لان التيار العوني لن يوفّر لبري خدمة كهذه. يضاف الى ذلك وهو الأهمّ ان الخلاف على موضوع قانون الانتخابات الجديد مرشّح للتفاقم أكثر فأكثر بما يضع سداً كبيراً امام إمكان عقد جلسات تشريعية من دون التفاهم ولو المبدئي على طريقة معالجة هذه المشكلة ولا سيما بعدما كانت اشترطت المكونات المسيحية الرئيسية ولا سيما «التيار الحر» و«القوات اللبنانية» في آخر جلسة عامة إدراج قانون الانتخاب كبند اول على جدول اعمال اي جلسة تشريعية جديدة لحضورها، وهو ما التزم به ايضاً الرئيس سعد الحريري.وسيطرح بري اليوم على الأرجح على هيئة الحوار النيابي تقريراً وضعتْه لجنة برلمانية برئاسة النائب في كتلة «القوات اللبنانية» جورج عدوان عن حصيلة جلسات كثيرة عقدتها في الأشهر الأخيرة من اجل الاتفاق على مشروع لقانون الانتخاب. لكن اللجنة لم تتوصل الى توافق على القانون وتركت الأمر للقيادات السياسية واكتفت بعرض مقارنة بين مشاريع انتخابية مختلفة تبيّن أبواب التباعد بينها سواء لجهة طبيعة نظام الاقتراع (نسبي او أكثري او مختلط) او الدوائر الانتخابية. يضاف الى ذلك ان ثمة كلاماً عن مقايضة لا بد منها بين الموافقة على جلسات التشريع وتحريك الاستحقاق الرئاسي المعطّل بفعل مقاطعة نواب «حزب الله» والتكتل العوني للجلسات، وهذا أمر صعب للغاية ولا يُتوقع ان يتورّط بري في التزامٍ لا يقوى على تنفيذه فيما تتصاعد التباينات بينه وبين عون.وتبعاً لذلك ثمة بداية لـ «كباش سياسي» واسع اليوم على موضوع التشريع ولكنه يختزن الكثير من الحسابات الأخرى المتصلة بمعركة رئاسة الجمهورية ومواقف الأفرقاء الداخليين منها وخصوصاً ان تحرّكات لافتة بدأت تُرصد بدقة في هذا المجال والأبرز في سياقها زيارتان:* الزيارة التي يقوم بها الرئيس سعد الحريري لموسكو والتي تتركز على الأزمة الرئاسية في لبنان، وسط ترقُّب لمفاعيل المحادثات التي سيجريها والدور الذي يمكن ان تضطلع به روسيا مع ايران لتسهيل الإفراج عن الاستحقاق الرئاسي وانتخاب الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق، وأهمية فصل هذا الملف عن مسار الأزمات والتسويات في المنطقة باعتبار ان لبنان لم يعد يحتمل الفراغ الذي ينذر بأن يتحوّل «قاتلاً».* الزيارة التي كُشف ان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند سيقوم بها لبيروت في 16 و 17 ابريل المقبل ضمن جولة تقوده الى مصر والأردن والتي تهدف ايضاً الى تركيز الأنظار على الأزمة الرئاسية التي قامت فرنسا بمبادرات عدة حيالها من خلال تواصُلها مع ايران ولم تؤد الى نتائج ايجابية. الى جانب تأكيد التضامن مع لبنان الذي يستضيف نحو 1.5 مليون نازح سوري.وستأتي زيارة هولاند عشية الجلسة رقم 38 لانتخاب رئيس والمحددة في 18 ابريل والتي يبدو انها تسابق تحضيرات لتحرك ما لتيار عون على الأرض قد يبدأ بتجمّعات واعتصامات تحت عنوان الدفاع عن حقوق المسيحيين في الإدارات العامة ورفْض تهميشهم، وذلك اعتراضاً على استبدال موظّفٍ مسيحي من منصبه كرئيسٍ لقسم سيارات الشحن والأوتوبيس الخصوصية في دائرة التسجيل - مصلحة تسجيل السيارات والآليات، بآخر مسلم، من دون ان يُحسم اذا كانت «القوات اللبنانية» ستنزل على الأرض جنباً الى جنب مع «التيار الحر» تحت هذه الراية.وفي موازاة ذلك، تتجه الأنظار الى جلسة مجلس الوزراء يوم غد الحافلة بعدة «ملفات ساخنة» أضيف اليها بندان يتعلقان بوزارة الخارجية، الاول سلوك الوزير جبران باسيل بمقاطعته زيارة الامين العام للأمم المتحدة بان - كي مون كرسالة امتعاض بإزاء السياسيات الدولية في ملف النازحين، والثاني يتصل بترشيح لبناني لمنصب الامانة العامة لمنظمة «الاونيسكو» وسط التداول بمعلومات عن ان «الخارجية» حسمت خيار ترشيح السيدة المغمورة فيرا خوري - وهي ممثلة بعثة سانتا لوتشيا (جزيرة في شرق الكاريبي) في «الاونيسكو» - لهذا الموقع، فيما كان الوزير السابق غسان سلامة أعلن ترشيحه قبل أقلّ من اسبوعين طالباً دعم الحكومة له، علماً ان «عاصفة» اعتراض سادت مواقع التواصل الاجتماعي وسياسيين رفضوا ان يتخلى لبنان عن دعم «معالي المثقف الدائم» اي سلامة وهو صاحب الباع والكفايات التي نالت تقديراً واعترافاً عالمياً على اكثر من مستوى أكاديمي وثقافي وديبلوماسي.
خارجيات
هولاند إلى بيروت منتصف أبريل في «رسالة تَضامُن» مع لبنان
الحريري في موسكو طلباً لمؤازرتها في الإفراج عن الانتخابات الرئاسية
09:17 ص