تستعدّ بيروت لاستئناف النشاط السياسي بعد عطلة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي ابتداءً من الثلثاء اذ تطلّ البلاد على مجموعة عناوين ترتبط في شكل أساسي بـ «الحروب الباردة» الدائرة حول الانتخاب المعلّق منذ نحو عامين لرئيس جديد للجمهورية، وما نجم عن هذا المأزق من ارتدادات على المؤسسات الاخرى كالحكومة والبرلمان، اضافة الى ملامح «انشقاقات» وطنية تتّخذ عناوين مثل الميثاقية والشراكة وما شابه، وبروز هاجس أمني جديد عبّر عنه الهجوم الأول من نوعه الذي شنّه مسلحون من الجانب السوري (ليل الجمعة) حاولوا السيطرة على برج مراقبة للجيش اللبناني قيد الإنشاء في بلدة حنيدر الحدودية في وادي خالد (عكار - الشمال) قرب الحدود اللبنانية مع محافظة حمص السورية.وقد اكتسب هذا التطور الأمني أهميته لانه طرح علامات استفهام حول اذا كان بمثابة «تمرين» تمهيداً لمسلسل أمني يجري تحضيره لمنطقة عكار عموماً ووادي خالد ومحيطه تحديداً ربطاً بتطورات الأزمة السورية. وفيما تردّد ان المسلحين الذين قدموا من بلدة هيت السورية سيطروا لبعض الوقت على برج المراقبة التابع للجيش الذي كان يتمركز فيه اربع عناصر، نفى الجيش اللبناني ذلك وأكد في بيان له انه «ليل الجمعة، وفي محلة حنيدر على الحدود اللبنانية - السورية الشمالية، تعرّض مركز مراقبة قيد الإنشاء تابع للجيش، لإطلاق نار بالأسلحة الخفيفة من مسلحين، وقد ردّ عناصر المركز على النار بالمثل ما أدى إلى فرارهم، ولم تسجّل أي إصابات في صفوف العسكريين، وتستمرّ قوى الجيش بتفتيش المنطقة وجوارها بحثاً عن مطلقي النار لتوقيفهم وإحالتهم على القضاء المختص».وفيما استعادت حنيدر هدوءها امس، اشارت تقارير الى انه في موازاة محاولة التسلل، سُجل استنفار اهلي في عدد من بلدات عكار وقُرعت اجراس كنائس القبيات وعندقت حيث تأهب الاهالي لمساعدة الجيش اللبناني.ولم يجب هذا التطور الأنظار عن استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية الذي دهم المشهد الداخلي بعدما وُضع على السكة مع إصدار وزير الداخلية نهاد المشنوق امس، قرارين دعا بموجبهما الهيئات الناخبة الى الانتخابات المحلية في محافظات بيروت والبقاع وبعلبك - الهرمل وجبل لبنان على مرحلتين (يوميْ الأحد) في 8 و15 مايو المقبل، على ان يصار الى اصدار قرارات دعوة الهيئات الناخبة في محافظات الجنوب والنبطية والشمال وعكار الاسبوع المقبل. وفيما اكتفى المشنوق بالقول «وعدت والتزمت، الانتخابات البلدية والاختيارية في زمانها ومكانها»، تبقى المخاوف من اي تطورات امنية يمكن ان تطيح بهذا الاستحقاق الذي سيشكلّ في جانبٍ منه اختباراً للعديد من القوى السياسية لا سيما على الساحة المسيحية حيث سيكون تفاهم زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون مع حزب «القوات اللبنانية» على محكّ توجيه رسائل «قاتلة شعبياً» للعديد من الشخصيات المسيحية ولا سيما المرتبطة بالانتخابات الرئاسية مثل النائب سليمان فرنجية المدعوم من «تيار المستقبل» ورئيس البرلمان نبيه بري والنائب وليد جنبلاط ونواب آخرين.وفي موازاة ذلك، تُستكمل الاستعدادات لجلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل حيث سيحضر على طاولتها اضافة الى «لغم» زيارة بان كي مون ملف الخلاف المستمر حول جهاز «امن الدولة» الذي يمكن ان يشكّل «فتيلاً توتيرياً» كبيراً، وهي الاستعدادات التي تسابق مناخاً يشي بـ «تحمية» عون عملية جس النبض في ما خص طرح خيار الشارع في إطار الصغط لفرضه رئيساً للجمهورية، من دون ان يُحسم اذا كانت «القوات اللبنانية» ستسير بمثل هذا الخيار، الذي سيكون برسم الشريك المسلم بالدرجة الاولى، والذي سيعني الكثير على صعيد تموْضعها ضمن «14 آذار» وعلاقتها «الباردة» مع الرئيس سعد الحريري.كما لم يُحسم اذا كان عون قد يلجأ الى «الخطة ب» هذه فعلياً لا سيما بعدما لوّح فرنجية بأن اي نزول الى الشارع قد يردّ عليه بالنزول الى مجلس النواب للمشاركة في جلسة الانتخاب الرئاسية في 18 ابريل والتي لا تشي التطورات حتى الساعة بإمكان ان تنتهي الى انتخاب رئيس، وسط تسجيل موقف لجنبلاط امس، اعلن فيه نحاول مع الرئيس الحريري انتخاب رئيس للجمهورية الا ان «الزفّة عّم تنزل على المجلس بس العرسان (في اشارة الى المرشحيْن عون وفرنجية) مش عم ينزلوا». ويبقى عنوان ثالث اقتحم الاجندة الداخلية ويتعلق بالجلسات التشريعية لمجلس النواب مع بدء العقد العادي الاسبوع الماضي. واذا كانت هذه الجلسات مثقلة بنحو 300 اقتراح ومشروع قانون أنجزتها اللجان النيابية المختصة، فان البند الأبرز المتمثل في قانون الانتخاب الذي سبق ان اعتُبر عرضه على الهيئة العامة كبند اول شرطاً لاستئناف التشريع وذلك بضغط مسيحي ايّده الحريري، يبقى أسير الكباش السياسي باعتبار ان هذا الموضوع هو ركن الزاوية في عملية إعادة تكوين السلطة في مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية ويشكل احد عناوين الصراع المتصلة بها الى اجنب شكل الحكومة الجديدة وتوازناتها.ويُنتظر ان يطرح رئيس البرلمان نبيه بري قانون الانتخاب على طاولة الحوار الوطني في جولتها المقبلة من بوابة التقرير الذي وضعته اللجنة النيابية التي كانت أنهت مهمتها من دون الوصول الى مشروع موحّد.