استبقت بيروت وصول الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إليها مساء أمس بتكرار مشهدية «رفْع العشرة» في ملف الانتخابات الرئاسية الذي يدور منذ 25 مايو 2014 في «حلقة مفرغة» من فراغٍ يصطدم ملؤه بلعبة تعطيلٍ للنصاب الدستوري للجلسات (86 نائباً من اصل 128) تتّصل بحسابات إقليمية ذات صلة مباشرة بأفق الصراعات المشتعلة في المنطقة وسبل «استثمار» نتائجها في الداخل اللبناني،لا سيما من «حزب الله» الذي يتطلّع الى «الرئاسية» كمرتكزٍ لإعادة تكوين السلطة على قواعد حكم جديدة تكرّس دوره «التقريري» في المعادلة بمعزل عن «متمّمات تحالفية».وقد رست الجلسة رقم 37 لانتخاب رئيس الجمهورية على نصابٍ مفقود سجّل «عدّاده» تراجعاً في عدد النواب الذي نزلوا الى مقر البرلمان ليرسو على 61 اي بتراجع 11 نائباً عن العدد الذي حضر جلسة 2 مارس الجاري.ورغم ان رقميْ 72 و 61 هما دون النصاب القانوني المطلوب، إلا أنّ انخفاض عدد النواب اعتُبر مؤشراً الى تراجُع عامل الضغط الذي شكّلته عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت في 14 فبراير الماضي، والدينامية الكبيرة التي أحدثتها لجهة تأكيد دعمه ترشيح زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، وهو ما كان أفضى في الجلسة 36 الى تسجيل أعلى نسبة حضور منذ جلسة ابريل 2014 الوحيدة التي تأمّن نصابها ولم تكن كافية لانتخاب رئيسٍ بالأكثرية المطلوبة.وكانت التوقعات تشير الى امكان تجاوز الحضور 72 نائباً وملامسته الثمانين او أكثر في سياق رفْع منسوب الضغط على معطّلي النصاب، اي «حزب الله» والعماد ميشال عون، الذي يرفض النزول الى اي جلسة ما لم يضمن انتخابه، معتبراً انه وحده يترجم «الميثاقية» و«الشراكة الوطنية» ولا سيما بعدما نال دعم حزب «القوات اللبنانية» لترشيحه، علماً ان الأنظار اتجهت ايضاً الى امكان ان يحضر النائب فرنجية الجلسة ملاقاةً لدعوة الرئيس الحريري اياه الى النزول، الا ان زعيم «المردة» وبعض مؤيديه الآخرين ما زالوا على خيار رفْض المشاركة في اي جلسة بمعزلٍ عن «حزب الله».وتزامنت الجلسة التي انتهت الى تحديد موعد جلسة اخرى في 13 ابريل المقبل، مع تطوريْن بالغيْ الاهمية:الأول «سقوط ورقة التوت» التي كانت تُبقي الخلاف بين رئيس البرلمان نبيه بري وعون مكتوماً، بعدما انفجرت في الأيام الماضية «الحرب الكلامية» بين الجانبين وعبر «مكبرات الصوت»، وجاهر بري بدعم فرنجية الذي بات يملك في ظل تأييد الحريري والنائب وليد جنبلاط ومستقلين أرجحية تضمن فوزه لو تأمّن النصاب.والثاني كلام الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله الذي وجّهه ضمناً الى عون من خلال تنبيهه الى ان رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع يريد من خلال دعم ترشيحه وتحميل «حزب الله» مسؤولية عدم الضغط على حلفائه لانتخابه، «دق اسفين» بين عون والحزب وإحداث فتنة بين الحزب وبري.وتبعاً لذلك، ترى مصادر سياسية ان استمرار«الستاتيكو» الحالي وتكريس فرنجية رئيساً مع «وقف التنفيذ» يُشعر عون بأن الخيارات تضيق أكثر فأكثر أمامه، وهو ما يفسّر ما نُقل عن انه يحضّر للانتقال الى «الخطة ب» التي تستند الى «سواعد» مناصريه، في محاولة لقلب الطاولة ووقف اي مسعى لتخطيه في الملف الرئاسي.ورغم تلويح أوساط عون بإمكان النزول الى الشارع في سياق فرض احترام «الميثاقية» كونه المسيحي الأكثر تمثيلاً بعد دعم «القوات اللبنانية» له، فإن دوائر مطلعة ترى ان هذا التلويح لا يعدو كونه تهديداً يصعب تطبيقه، لا سيما في ظل عدم مشاطرة حليفيه، اي «حزب الله» و«القوات» كلٌّ لاعتباراته، خيار اللجوء الى الشارع في لحظة يحتاج البلد الى الحفاظ على استقراره، وهو المعطى نفسه الذي جعل عون يصرف النظر عن خطوات مثل الاستقالة من الحكومة او الانسحاب من الحوار الوطني.وكان الحريري قال من مقر البرلمان بعد الجلسة تعليقاً على قول عون ان مجلس النواب غير شرعي «ان الجنرال يقول انه غير شرعي، ولو انتخبناه رئيساً لأصبح شرعياً بالنسبة له»، مضيفاً: «نسمع ان التيار العوني يريد النزول الى الشارع، وبدل النزول الى الشارع لينزل الى مجلس النواب».وعندما سئل: في حال حصل حوار سعودي- ايراني، هل تتغيّر الترشيحات في لبنان وتذهبون الى رئيس وسطي وليس من 8 اذار؟ أجاب: «الحوار السعودي- الايراني هو حوار بين دولتين هما على خلاف حول عدة امور، لا شك ان الامور ستهدأ او تتحسن في المنطقة. لكن في لبنان هناك مرشحان من 8 اذار، والسيد نصرالله قال نحن انتصرنا، هل يمكن ان ينتصر احد من دون ان يحتفل بانتصاره؟ نحن قادرون على انتخاب أحد المرشحيْن، فتفضلوا الى مجلس النواب».وحين قيل له ان السيد نصرالله ابدى ايجابية في ما خص اللقاء معك، هل يمكن ان يحصل لقاء قريباَ؟ ردّ: «قلت في مقابلتي انني لست ضدُ، ما يهمنا ان ننتخب رئيس جمهورية ونفتح حواراً حقيقياً لنخرج البلد من المشاكل التي نعيشها والمخاطر التي نواجهها، لكن انتخاب رئيس جمهورية هو الأساس بالنسبة لي»، مؤكداً: «بالي طويل، وسنستمر بالنزول الى مجلس النواب لننتخب رئيساً، وكل المساوئ التي تحصل في البلد هي من مسؤولية الذين يغيبون عن الجلسات».
خارجيات
الحريري: بالي طويل ولينزل عون إلى البرلمان عوض الشارع
لبنان «يستقبل» بان كي - مون بترحيلٍ جديد للانتخابات الرئاسية
07:16 ص