أوصى ديوان المحاسبة بضرورة إعادة هيكلة الجهاز الحكومي المتضخم وتنمية الموارد غير النفطية وتحصيل ما للدولة من مديونيات ومستحقات وترشيد المصروفات ، وأن يكون للصناديق السيادية دور في تنمية الاقتصاد الوطني وتكليف القطاع الخاص بدور أكبر في تنمية الاقتصاد الوطني، وذلك لمعالجة الاختلالات في الميزانية.و استعرضت لجنة الميزانيات والحساب الختامي البرلمانية في اجتماعها بمجلس الأمة اليوم توصيات ديوان المحاسبة لمعالجة أبرز المخاطر والاختلالات في الميزانية العامة للكويت.وقال رئيس اللجنة النائب عدنان عبدالصمد في تصريح صحافي عقب الاجتماع إن اللجنة "اجتمعت مع ديوان المحاسبة لاستعراض توصياته بشأن معالجة أبرز المخاطر والاختلالات في الميزانية لعامة للدولة ".وأضاف عبدالصمد أن ديوان المحاسبة أوضح أن أزمة انخفاض أسعار النفط الحالية التي تمر بها الكويت لا تعد الأولى تاريخيا بل سبقها عدة أزمات سابقة في كل من السنوات (1982-1986) و(1998-1999) و(2008-2009).وذكر أن الكويت كانت وما زالت تعاني أثر تقلبات أسعار النفط في تمويل الميزانية العامة لأن إيراداتها تتركز في مصدر وحيد للدخل وهي الإيرادات النفطية ووصل إجمالي العجز في تلك السنوات إلى 28 مليار دينار واضطرت الكويت لتغطية تلك العجوزات بشتى الوسائل من قروض خارجية وداخلية أو السحب من احتياطي المال العام.وبين أنه رغم مرور تلك الأزمات السابقة وما صاحبها من أوضاع مقلقة "لكن التخطيط الحكومي ما زال غير واضح عن إحداث تغييرات جوهرية لإصلاح اختلالات الميزانية والتي لا تعد سلبياتها وليدة اللحظة" مضيفا أن التصور الحكومي للاصلاح الاقتصادي "لايبتدئ من حيث انتهى الآخرون بل ينطلق من نقطة الصفر".وأشار عبدالصمد إلى "غياب الرؤية الاستراتيجية للادارة المالية في سنين الوفرة المالية في العقد المنصرم والتي تخطى معها سعر النفط حاجز 100 دولار وارتبطت مصروفات الميزانية ارتباطا واضحا بزيادة أسعار النفط وتضخمت إلى 4 أضعاف ما كانت عليه لتصل إلى 20 مليار دينار بعدما كانت لا تتجاوز ال 5 مليارات دينار".وبين أن الديوان نبه خلال السنوات ال 15 ماضية وبشكل سنوي إلى حاجة الدولة لتطوير أساليب إعداد وتنفيذ الميزانية العامة وتقييم أداء الجهات الحكومية وتعزيز قدرتها التنفيذية وتنويع مصادر الدخل عبر إصدار التشريعات المناسبة لتهيئة البيئة الاقتصادية بدلا من الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل إضافة إلى ضرورة كبح تنامي أعباء الصرف على المرتبات في الجهاز الحكومي والاستفادة من الوفرة المالية في تعزيز الإنفاق الرأسمالي بما يساهم في تحقيق عوائد مستدامة وتنمية الموارد البشرية.وعن الوضع الراهن لمواجهة العجز قال عبدالصمد إن "من الصعب عودة أسعار النفط إلى ما كانت عليه سابقا في ظل تنبؤات الدراسات النفطية لأسعار النفط على المدى المتوسط والتي قد تتراوح بين 40 و 60 دولارا مما يعني استمرار العجز في الميزانية لأن نقطة التعادل المتوقعة بين المصروفات والإيرادات تقدر ما بين 65 إلى 72 دولارا".ولفت إلى أنه وفقا لدراسات الديوان فإن الاحتياطيات المالية المرتفعة التي تكونت نتيجة ارتفاع أسعار النفط سابقا ستمكن الكويت من تحمل أزمة انخفاض أسعار النفط على المدى المتوسط وأن استخدام احتياطي المال العام لتمويل العجز يعد أقل تكلفة من اللجوء إلى الاقتراض على المدى المتوسط.وتابع أن الديوان "ذكر بأن الكويت وإن كانت مهيأة للاقتراض لأن تصنيفها الائتماني قوي وتعتبر من أقل دول العالم في نسبة الدين العام لكن الناتج المحلي الإجمالي لا يتجاوز ال 3 في المئة".وشدد على "التذكير بأن الاقتراض ينطوي على مخاطر وتكاليف لا يمكن تجاهلها خاصة مع ارتفاع أسعار الفائدة في كل من الكويت وبعض دول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية في نهاية 2015 ب 25 نقطة أساس".وأوضح أن الديوان أوصى بضرورة إعادة هيكلة الجهاز الحكومي المتضخم وتنمية الموارد غير النفطية وتحصيل ما للدولة من مديونيات ومستحقات وترشيد المصروفات الجارية والتركيز على المشاريع الرأسمالية وأن يكون للصناديق السيادية دور في تنمية الاقتصاد الوطني وتكليف القطاع الخاص بدور أكبر في تنمية الاقتصاد الوطني وفق ضوابط تضمن حق الدولة والعمل على توظيف الكويتيين فيه وتسهيل الإجراءات الحكومية لممارسة الأعمال لاستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية.وقال إن الديوان حث الجهات الحكومية ذات الطابع الاقتصادي على تنمية إيراداتها وأن تكون تلك الإيرادات رافدا للإيرادات العامة للدولة واحتياطي المال العام.وبحسب عبدالصمد فقد أشارت اللجنة إلى أنها تتشارك مع الديوان في رؤيته بضرورة وضوح معالجة أسباب العجز لاسيما أن الميزانية المقترحة للسنة المالية الجديدة لم تخفض إلا ب 279 مليون دينار كويتي فقط مما حدا إلى انتهاج آليات رقابية جديدة لتخفيض جميع الميزانيات الحكومية دون استثناء بنسبة لا تقل عن 20 في المئة بالتنسيق مع وزارة المالية.وتمنى عبدالصمد أن "تدعو الحكومة يوان المحاسبة ليتشارك معها في توجيه الميزانية العامة ومعالجة اختلالاتها للخروج من هذه الأزمة بأنسب الحلول المتاحة".