ما ان «احتفل» اللبنانيون ببداية انتهاء أزمة النفايات التي أثقلتْ عليهم طوال ثمانية أشهر مع انطلاق عمليات إزالة اكوامها من بيروت ومناطق جبل لبنان، حتى تصاعدت أنباء الفضيحة الجديدة «المتدحرجة» المتّصلة بشبكات الانترنت غير الشرعية التي جرى ضبطها قبل أسبوعين، بعدما «استوطنت» تجهيزاتها لفترة طويلة أعالي القمم لأخذ الانترنت من تركيا وقبرص وتزويد المشتركين به، بعيداً عن «عيون» السلطات الرسمية التي تورّط بعضها، مثل القصر الجمهوري ومجلس النواب والجيش، باشتراكات معها من دون علم انها خارجة عن القانون وان شركات إسرائيلية ضالعة في تزويد محطات التهريب باحتياجاتها، ما يعني كشف هذه المؤسسات امام التجسّس الاسرائيلي.ويبدو انه في مطلع أسبوعٍ يفترض ان يكون مميزاً بزيارتيْن مهمتيْن لكلّ من الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي فيديريكا موغريني التي تزور لبنان اليوم ومن ثم للأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون ورئيس البنك الدولي قبل نهاية الأسبوع الذين سيبحثون في ملفيْ اللاجئين والانتخابات الرئاسية، فإن تطوّرات فضيحة الانترنت غير الشرعي مرشحة للتصاعد في ظل التحقيقات القضائية الجارية في الفضيحة التي ادعى القضاء فيها على أشخاص متورّطين في هذه الشبكات، كما يرجح ان يدّعي على آخرين في الأيام القليلة المقبلة تتردّد من بينهم أسماء شخصيات وُصفت بأنها معروفة.وتتّخذ هذه القضية أبعاداً خطيرة في ظل ما سبق لوزير الاتصالات بطرس حرب ان كشفه من تَورُّط الشبكات مع شركات إسرائيلية عاملة في مجال الاتصالات، وأكثر من ذلك في ظل الخدمات التي كانت تقدّمها لمؤسسات رسمية أساسية، نظراً الى تقنياتها العالية في توفير الانترنت السريع وبأسعار مخفضة تكاد تكون مجانية لهذه المؤسسات.وأفادت معلومات صحافية بأن فرقاً مشتركة تابعة للجيش اللبناني ومؤسسة «أوجيرو» عملت في الأيام الأخيرة على إنجاز عمليات فكفكة هذه الشبكات عن المقار التابعة للجيش، وإعادة ربطها بشبكة «أوجيرو» الشرعية وان عمليات مماثلة ستتواصل في مجلس النواب.وفي الوقت نفسه، تتحدث المعلومات ان القضية ستثار على نحو متسع في اجتماع قريب للجنة الاتصالات النيابية التي ستناقش الموضوع بالتفصيل، الأمر الذي قد يكون مرشحاً لان يطول أشخاصاً وجهات عدة متورّطة في شبكات التهريب التي كبّدت الخزينة خسائر تصل سنوياً الى 60 مليون دولار.وكان لافتاً دخول النائب وليد جنبلاط على خط توجيه انتقادات لاذعة لوزارة الاتصالات ومدير الاستثمار والصيانة فيها رئيس هيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف على خلفية هذا الملف، اذ سأل «كيف خرج الانترنت من كنف الدولة وكيف عاد ولماذا بعد سنوات من القرصنة والتهريب تبين هذا الامر؟»، معتبرا أنه «لولا تضارب المصالح بين عصابات البعوض المشتركة في السرقة وعلى معرفة ويقين من وزارة الاتصالات، تلك الوزارة بأركانها المعروفة والمحمية، لما تبيّن هذا الامر»، مضيفا: «مسبقا لا نريد تفسيرات الوزير او المدير في تفسير السرقة المنظمة بأسلوبهم المعهود والرخيص في التبرير».وإذ بات واضحاً ان وضع خطة انهاء أزمة النفايات على بداية سكة التنفيذ منذ السبت الماضي ما كان ليحصل لولا لعب رئيس الحكومة تمام سلام لعبة الوقوف عند الخط الاحمر مهددا بالاستقالة، فان مصادر وزارية تقول لـ «الراي» ان هذه المغامرة لن تكون مضمونة في كل مرة تنشأ فيها أزمة او مشكلة جديدة ما دام الدوران في فراغ الأزمة الرئاسية مرشحاً للاستمرار طويلاً بعد.ذلك ان المؤشرات التي برزت عقب الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء التي شهدت الكثير من المشادات والسجالات بين الوزراء كشفت تعمق الخلافات والتباينات والحسابات المتناقضة بين القوى السياسية حول الأزمة الرئاسية، الأمر الذي أدى مثلاً الى إعادة تحريك الخلاف الراكد بين كل من الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون، وإطلاق عمليات تبادل حملات اعلامية بينهما.ولفتت المصادر الوزارية الى ان الاسبوع الجاري مرشح لبلورة الصورة المتطورة للمأزق الرئاسي من خلال الجلسة 37 لانتخاب رئيس الجمهورية بعد غد، والتي سيُرصد عبرها حجم الحضور النيابي كمؤشر الى طبيعة الصراع الجاري بين ترشيحيْن حصرييْن لكل من العماد عون والنائب سليمان فرنجية، علماً ان الرئيس سعد الحريري اعتمد منذ عودته الى بيروت في منتصف فبراير الماضي تكثيف الحضور النيابي للجلسات وسيلة لزيادة الضغط نحو انتخاب رئيس للجمهورية.واكدت المصادر الوزارية ان هذا الضغط الشكلي عبر زيادة الحضور النيابي للجلسات الانتخابية لتقترب من النصاب القانوني (86 نائباً) وإن كان يشكل وسيلة فعالة معنوية في حشْر الفريق النيابي المقاطع للجلسات الذي يضم العماد عون و«حزب الله»، فانه لن يؤدي الى حسم الموقف الانتخابي لمصلحة ترشيح فرنجية الذي لا يزال هو نفسه يقاطع الجلسات التزاماً منه بعدم إغضاب «حزب الله» او قطع تحالفه معه.وكان لافتاً كلام رئيس حزب «القوات اللبنانية» جعجع اذ أسِف لكون «فريق 8 آذار وبالتحديد حزب الله لا يريد انتخابات رئاسية»، معلناً: «هذا أمر غير مقبول، ولا أعرف حتى إذا كان الحزب يريد الجنرال عون رئيساً للجمهورية، وأتمنى أن تكون انطباعاتي في غير محلها، ولكن بعد مرور شهرين على إعلاننا تبني ترشيح الجنرال عون لم يحرك أحدٌ إصبعه الصغير لانتخابه، بينما كان يرفع إصبعه الكبير ليقول لنا انه يؤيد عون».
خارجيات
فضيحة الإنترنت غير الشرعي تتدحرج وتوقّعات بأن تطاول شخصيات معروفة
لبنان أمام «أسبوع دولي» عنوانه النازحون والرئاسة
07:17 ص