تتراكم المشاكل والأزمات التفصيلية أمام حكومة الرئيس تمام سلام على نحوٍ يكشف بلوغ لبنان حدوداً متقدّمة جداً من التداعي في شتى القطاعات وسط انعدام الرؤية حيال مصير أزمته الكبرى المتمثّلة بالفراغ الرئاسي والتي تبدو مقبلةً على مزيد من التعقيدات الخارجية والداخلية.فالحكومة التي لا تزال تجرجر ذيولها في تنفيذ الخطة التي أقرّتها السبت الماضي لإنهاء مشكلة النفايات والشروع بإزالة مئات آلاف أطنان القمامة المتراكمة في الشوارع والأحياء والمناطق والتي لم تبدأ بعد بفعل اضطرار الحكومة الى استرضاء قوى حزبية وأهلية في المناطق المقرَّرة لإقامة مطامر صحية، واجهت امس 3 ملفات هي:* تهديد بعض الوزراء بمقاطعة الجلسات الحكومية ما لم تُعالج مشكلة قديمة متعلقة بخلل في مديرية أمن الدولة (يقودها عميد كاثوليكي)، وهو الملف الذي يتداخل فيه الإداري بالطائفي والذي انتهى امس الى إرجاء بتّه الى الجلسة المقبلة، الأمر الذي حال دون انسحاب وزراء حزب «الكتائب» والوزير ميشال فرعون الذين يقودون معركة استعادة دور هذا الجهاز الأمني الذي عطّله الخلاف القائم بين مديره ونائبه (شيعي).* أزمة الصحافة المطبوعة التي دخلت على جدول اهتمامات الحكومة جرّاء إثارة وزير الإعلام مشكلة تجاه بعض الصحف اللبنانية العريقة الى وقْف إصداراتها الورَقية بسبب الأزمات المالية التي تعانيها، اضافة الى قضية القمح المسرطن التي كشفها وزير الصحة اول من امس.ودلّلت بعض جوانب هذا المشهد على اتّساع حال التفكّك الذي يزحف بقوّة على الكثير من القطاعات اللبنانية فيما تبدو قدرة الحكومة على احتواء هذا التفكك ضعيفة للغاية، ما يهدد بشلل من شأنه ان يعمّم الفوضى ويزيد التعقيدات في الحقبة الانتقالية الحالية التي يجتازها لبنان.ولا تخفي أوساط سياسية بارزة عبر «الراي» خشيتها من زيادة تَفاقُم الأوضاع الداخلية في المرحلة المقبلة في ظل المراوحة الكبيرة التي تحاصر أزمة الفراغ الرئاسي والتي لا ترى الاوساط ان ثمة أفقاً معقولاَ لخروجها من النفق المسدود في وقت قريب.ولفتت في هذا السياق الى ان وتيرة التحركات السياسية التي تتصل بالأزمة الرئاسية سجّلت تراجعاً ملحوظاً في الفترة الأخيرة خصوصاً بعد محطة الذكرى 11 لـ 14 مارس (انتفاضة الاستقلال بوجه سورية) وسفر الرئيس سعد الحريري الى باريس في زيارة وصفت بأنها عائلية وعاد منها امس.ورغم ما خرجت به جولة الحوار الذي استعاد «مشهدية» النصاب المكتمل بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» لجهة الاتفاق على تفعيل عمل المؤسسات ومواكبة إجراءات الاستقرار الداخلي ودعم جهود المؤسسات العسكرية والأمنية لحماية البلاد وتوفير الأمن للمواطنين، فإن الأوساط ترسم علامات شكوك واسعة على أفق الفترة المقبلة بحيث تستبعد تماماً اي قدرة لدى اللاعبين المحليين ومن بينهم الحريري على المضي في تحريك جمود الأزمة الرئاسية رغم تمسك الأخير بترشيح النائب سليمان فرنجية في مقابل ترشيح العماد ميشال عون مدعوماً من «حزب الله» ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.وتشير الأوساط نفسها الى ان لوحة إقليمية جديدة بدأت تداعياتها ترخي بذيولها على الواقع اللبناني ولن تكون على الأرجح لمصلحة الدفع بالجهود الآيلة الى انتخاب رئيسٍ للجمهورية في وقت منظور. واذ لاحظت ان غالبية القوى اللبنانية تتجنّب حتى الآن التعامل مع تداعيات الانسحاب الروسي من سورية وتتريّث في قراءتها ريثما يتضح حجم هذا الانسحاب وأهدافه ودوافعه غير الواضحة تماماً بعد، فهي لا تخفي ان ثمة إرباكاً داخلياً امام هذا التطور مثلما حصل لدى بداية التدخل الروسي العسكري في سورية، لكن الإرباك اللبناني الحالي يبدو أشدّ وقعاً من السابق بعدما ثبت ان موجات الرهانات الداخلية صعوداً وهبوطاً في مختلف الاتجاهات لم تكن لها اي صدقية واقعية وان لبنان متروك دولياً لمصيره وسط تَصارُع القوى الاقليمية وحدها، الأمر الذي يبقي أزمته رهينة الصراع الايراني - السعودي والخليجي عموماً في شكل خاص.وتعتقد هذه الأوساط ان تصعيد الإجراءات الخليجية في حقّ «حزب الله» ومؤيّديه في دول الخليج والتي بدأت تتخذ طابعاً غير مسبوق من الحدّة سيزيد تَفاقُم المناخات السلبية لدى الحزب في شأن الاستحقاق الرئاسي بما يُترجَم مزيداً من التشدد في موقفه المتمسك بترشيح العماد عون وتالياً عدم توقع اي مرونة او اي تطور ايجابي يفتح الطريق امام تسوية سياسية وشيكة في لبنان. كما ان الانسحاب الروسي من سورية لن يجعل الحزب يساوم في المرحلة الطالعة قبل بلورة المشهد الجديد برمّته في الجوار اللبناني حيث بدأت معالم رسم الخرائط تسابق المفاوضات الجارية في جنيف حول الأزمة السورية، بدليل اعلان الأكراد امس النظام الفيديرالي في مناطق سيطرتهم شمال سورية، بما يعني ان أزمة لبنان تتجه الى مزيد من الارتهان للواقع الاقليمي.وكان رئيس «اللقاء الديموقراطي» الأكثر تعبيراً عن هذا المنحى، اذ كتب في تغريدات على «تويتر»: «بعيداً من التحليلات الاستراتيجية الطويلة والمملة والمعقدة لكبار الباحثين، وبعد تناول القهوة صباحاً ومنقوشة زعتر وبعد سماع الأخبار على الراديو، الـ(بي بي سي)و(مونتي كارلو)، كيف نفسر أنّ المهمة الروسية انتهت في سورية تحت شعار ضرب الاٍرهاب و(داعش)لا يزال موجود في غالبية مقرّاته؟».وأضاف: «أنه أمر غريب عجيب في ظل تنسيق أمني وعسكري أميركي روسي مشترك تحت شعار محاربة الاٍرهاب، إلا إذا قد بدأ رسم خرائط جديدة للمنطقة ابتداء من الكيان الكردي الجديد الى ما يسمى سورية المفيدة، الى غيرها من طروحات يضعها في الخفاء رجال الظل وفيها البقاء على الدولة الإسلامية تبريراً لقيام دويلات أخرى».وتابع: «أنه مشهد غريب على وقع محادثات جنيف بين لاءات الجعفري وتملق قدري جميل وجهاد مقدسي. لا شك في أنّ الأمر يحتاج الى تفكير لمحاولة فهم ما يجري، بعيداً من الضجيج».البحرين توقف 2 بتهمة بيع صور تخصه
خارجيات
الحكومة ماضية في «سباق البدَل» بين الملفات الإشكالية والخشية من شلل يعمّم الفوضى
لبنان العالق في «النفق المسدود» يعاين اللوحة الإقليمية الجديدة
09:17 ص