«الحرية قرينة الإبداع»...هذا ما أجمع عليه مؤسسو مجموعة «south of sane»، وهي حركة فنية تترأسها باقة من المواهب الوطنية الشابة، وتضم كوكبة من الفنانين والمصممين والمهندسين المعماريين، وغيرهم من المبدعين في المجالات الأخرى ومن جنسيات عربية وأجنبية عديدة، وتهدف إلى إحياء المشهد الثقافي في الكويت، وإعادته إلى سابق عهده ونهضته.مؤسسو المجموعة الفنية، وهم دالي دوران وماشا وعبدالله القطان، كشفوا في حوار مع «الراي» عن مشروعهم الجديد، والذي اختاروا له اسم «مشروع ضد الفن»، وهو عبارة عن «مانيكان» موصول بـ «التيار الكهربائي»، لكنه يحمل الكثير من الدلالات والرموز التي تقرع نواقيس الفن بقوة، من الخطر الآتي عبر نافذة «النسخ واللصق».أسفل «المانيكان» توجد إسطوانة موسيقية، مهمتها إطلاق صيحات الرفض عبر «الجرامافون» لـ «ظاهرة النسخ واللصق»، فضلاً عن وجود قصاصات صغيرة للوحة «الموناليزا» الشهيرة على صدر «المانيكان»، كون هذه اللوحة الخالدة للفنان ليوناردو دافنشي أصبحت رمزاً لعمليات الاستنساخ والتقليد الفني.وبرر مخترع المشروع دالي دوران استعانته بـ «اللثام» لإخفاء ملامحه، بقوله إنه لا يلهث وراء الشهرة والأضواء، بقدر ما يسعى جاهداً لكي تصل أعماله أولاً إلى الناس. من جهته، نوه المدير المالي في المجموعة عبدالله القطان، إلى أنه يعمل على توعية الناس من خلال أعماله، ولفت الأنظار إلى معاناة الفقراء والمحرومين، مبيناً أنه جسد معاناة اللاجئين السوريين والفلسطينيين في أحد أعماله.واعتبرت مديرة العلاقات العامة ماشا أن حال الثقافة والفنون في الكويت «لا يسر عدو أو صديق»، لافتة إلى أن البعض لا يزال أسير النمطية الفنية ويرفض التحرر والخروج عن المألوف... والتفاصيل في هذه السطور:? في البداية، نود التعرف على مؤسسي مجموعة «south of sane»؟- دالي: المؤسس هو الكابتن طيار دالي دوران، أما ماشا فهي مديرة العلاقات العامة، فيما يتولى عبدالله القطان مهمة المدير المالي، علماً بأن دالي وماشا هما أسماء مستعارة، نستخدمها للتأكيد على أن ما يهمنا في الفن هو تقديم أعمالنا فقط إلى الجمهور، ولسنا مهووسين بالشهرة والأضواء على الإطلاق، لذا فإن البعض من الأعضاء في مجموعتنا الفنية يستعين بـ «اللثام» لإخفاء ملامحه للأسباب سالفة الذكر.? وكيف بدأت الفكرة، ومتى تحولت إلى واقع ملموس؟- دالي : جاءت فكرة تأسيس هذه المجموعة في العام 2005، بعدما تلمسنا الفوضى الفنية الحاصلة في الكويت، إذ كان يحز بالنفس ما آلت إليه الساحة الابداعية الكويتية في العقود القليلة الماضية من تراجع في المستوى، وتشابه أغلب الأعمال كأنها أسطوانة متكررة، حيث لا يزال البعض من الفنانين أسير النمطية ويدور في حلقة مفرغة، لرفضهم مغادرة أراضي التبعية، والبحث عن مناطق أخرى لم تطأها الأقدام في عالم الإبداع الحر.- ماشا: لسان حال الثقافة والفنون في الكويت لا يسر عدو أو صديق، حتى أن الشعوب الأخرى تعتقد أن مشاهير «إنستغرام» هم نجوم الكويت الحقيقيين، فيما أن البلاد تزخر بالمبدعين والأدباء والمثقفين، لكن البعض منهم يفتقد إلى عنصر التجديد وهنا تكمن المشكلة.? من يتبنى المشروع، وكيف يتم تمويله؟- عبدالله: نحن نعتمد على الدعم الذاتي فقط، كما نعمل بشكل مستقل، إذ لا نتبع جهة ثقافية أو فنية على الإطلاق.? وكم عدد الأعضاء الفنانين في«south of sane»؟- دالي: نحن مجموعة كبيرة من المواهب الشابة في الكويت، يفوق تعدادنا أكثر من 30 عضواً، كما أن لكل واحد منا مساره الخاص في طرق الابتكار الحديث والمعاصر، الذي يغاير السائد في عالم الفن الحقيقي، ولا يلهث وراء التقليد أو الإقتباس كظاهرة النسخ واللصق، إذ نسعى بدأب لتقديم أعمال فنية عميقة المعنى، وتحمل بين ثناياها رسائل إنسانية متعددة الأهداف والمغزى.? لاحظنا وجود العديد من اللوحات الفنية السريالية، إضافة إلى صور لشخصيات تاريخية وغيرها من المقتنيات النادرة، فمن أين لكم هذا؟- دالي: بالفعل لدي مقتنيات قديمة جداً مثل «البشتخته»، فضلاً عن آلة البيانو التي يعود تاريخها إلى القرن الثامن عشر وبالتحديد في العام 1860، إضافة إلى مولد كهربائي كان يستخدم لتهدئة المرضى في مستشفى الأمراض العقلية في السابق، وقد حصلت عليها من خلال رحلاتي المتكررة إلى دول عربية وآسيوية وغيرها. فبالإضافة إلى عملي ككابتن طيار، فأنا لديّ الشغف أيضاً بالبحث عن كل الأشياء القيمة والنادرة.? لماذا لا تقومون بعرض أعمالكم في المتحف الوطني أو المركز العلمي، لكي تكون متاحة للجميع؟- ماشا: لم تتسن لنا الفرصة لغاية الآن للتواصل مع الجهات الثقافية الرسمية، ونتمنى أن يتم التعاون بيننا في القريب العاجل، مع العلم أننا نعمل في الوقت الراهن للحصول على براءة اختراع لـ«مانيكان» مشروع ضد الفن.? هل جميع الفنانين في مجموعتكم هم من المواطنين، أم هناك جنسيات أخرى؟- دالي: بالنسبة إلى مؤسسي «south of sane» فإن جميعهم من المواطنين، غير أن هناك مجموعة كبيرة من الفنانين والمصممين والمهندسين المعماريين، ممن يحملون جنسيات عربية وأجنبية مختلفة، حتى أن أحد هؤلاء الفنانين من أبناء الجالية الباكستانية ويعمل سائقاً لشاحنة واكتشفته بالصدفة، عندما سمعته يغني بصوته الجهور، وعلى الفور دعوته للانضمام إلينا، فأبدى هو الآخر رغبته في ذلك، حيث أُخضع لبروفات مكثفة، قبل المشاركة في مؤتمر «نقاط» الذي أقيم أخيراً في مركز الأمريكاني الثقافي. وما أردت قوله إن غايتنا الأساسية هي استقطاب كل المواهب الخلاقة، بغض الطرف عن اللون أوالعرق أو الانتماء.? ما الرسالة التي تودون إيصالها من خلال تقديمكم لهذه النوعية من الفنون وخصوصاً السريالية منها؟- دالي: نريد أن نقول للعالم إنه ليس كل ما يلمع ذهباً، فهناك الكثير من الناس أصبحوا مشاهير من دون موهبة، وأغلب ما يقدم حالياً لا يعدو كونه مجرد تقليد واستنساخ لأعمال سابقة، فلا بد أن يكون الفنان حراً بأفكاره وأعماله، لأن الحرية قرينة الإبداع.- عبدالله: أود أن أضيف في السياق ذاته أنه من خلال أعمالي الخاصة، أحاول جاهداً أن أقوم بتوعية الناس بمساعدة الفقراء والمضطهدين، ومد يد العون لكل المحتاجين في أصقاع العالم، من دون أن أدعو أحداً للتبرع بالمال، وإنما يكون ذلك في سياق فني بحت.? كيف تقدمون التوعية إلى الناس عبر لوحة سريالية أو «مانيكان»، وغيرهما من الفنون الأخرى؟- عبدالله: من ينظر إلى أعمالنا بعين مخيلته، فسوف يرى الكثير من القيم الإنسانية التي قد لا يراها البعض بالعين المجردة، ففي أحد الأعمال جسدتُ معاناة اللاجئين السوريين والفلسطينيين في برج البراجنة، وهناك أمثلة أخرى عديدة على أن الجانب الإنساني حاضر بقوة في أعمالنا.? ما أبرز الأعمال التي تقدمونها؟- ماشا: لدينا العديد من الأعمال الفنية، ولا سيما «مشروع ضد الفن» وهو من ابتكار دالي دوران.? ما المقصود بـ «مشرع ضد الفن»؟- ماشا: المقصود هو كسر حاجز الخوف، فالفنان يجب ألا يكون مقيداً بقوانين ثابتة غير قابلة للتغيير، مع العلم أننا لسنا ضد الفن وإنما ضد النمطية فيه.- دالي: «مشروع ضد الفن» هو عبارة عن «مانيكان» صممته بنفسي، وفيه رموز عديدة لا يحلحلها سوى من يركبها في عقله، فهي كقطع الشطرنج التي تحتاج إلى التفكير والتأمل، فعلى سبيل المثال لو لاحظنا وجود «الدجاجة» الموضوعة في قلب «المانيكان»، فإنها تشير إلى خوف الإنسان من التمرد على نمط حياته، والخشية من نظرة المجتمع له في حال قرر الخروج عن المألوف، أو التحرر من قيود التقليد، أما الإسطوانة المتحركة الموجودة تحت قصاصات «الموناليزا» والموصولة مع «الجرامفون» أعلى «المانيكان»، فهي تعكس الحقيقة التي يجب أن تصل إلى الجميع والمتمثلة بصرخة شديدة ضد عمليات الاستنساخ باسم الفن، في حين تجسد وضعية الأيدي المكتوفة حال الكثيرين ممن لا يحركون ساكناً في الحياة.? كيف كانت ردود فعل الجماهير حول أعمالكم، ولا سيما «مانيكان» مشروع ضد الفن، عند عرضه في مؤتمر «نقاط» الأخير؟- عبدالله: وجدنا تفاعلاً مشجعاً للغاية، ونحن نتطلع أيضاً إلى المشاركة في جميع المحافل الدولية، التي تحتفي بالفن الحقيقي وتدرك أهميته الثقافية والعلمية.
فنون
اختراع كويتي ضد ظاهرة «النسخ واللصق»
«مشروع ضد الفن»... الحرية قرينة الإبداع!
06:44 ص