| القاهرة - من حنان عبدالهادي |
إذا كانت الأفلام المصرية... اشتهرت في خمسينات وستينات القرن الماضي، بالنهايات السعيدة... كانتصار قوى الخير على الشر، أو التقاء الحبيبين، بعدما ظنا كل الظن ألا تلاقيا، وزفافهما بين الأهل والأحباب والأصحاب... فإن المشهد الأخير في حياة عدد غير قليل من الفنانين والمشاهير المصريين والعرب كثيرا ما بدا مأساويا مؤلما مفعما بالحزن.
ففي لحظة فارقة... تنطفئ أضواء النجومية، ويضعف الجسد الذي كان يوما ممشوقا يصول ويجول أمام الكاميرات، ويقدم أصعب الأدوار وأعنفها.
في لحظة فارقة... تكتفي الحياة بما قدمته لفنان ما، وتقول له «يكفيك هذا... لقد حانت نهايتك»... وشتان بين إقبال الحياة وإدبارها وتبسمها وسخريتها، وعطفها وقسوتها، وفارق كبير... بين أن تربت على كتفيك وتفيض عليك بحنانها، وبين أن تركلك بأرجلها، كما يركل اللاعب الكرة.
كم كان مؤلما... المشهد الأخير في حياة فنانين أثروا الشاشتين الصغيرة والكبيرة بأعمال مميزة، لاتزال باقية في الذاكرة، أو مطربين ومطربات أثروا وجداننا ببديع أصواتهم، أو نجوم ومشاهير في مجالات أخرى... كان لهم حضور قوي... وتأثير واسع، سرعان ما ينهار ويندثر.
فبينما كان النجم أحمد زكي يواصل تألقه وإبداعه الفني، باعتباره «حالة فنية مختلفة»... أوقفه المرض الخبيث، وأخفى حالة من الحزن في الوسط الفني، لم تنته بعد، وبالرغم من مرور نحو 4 أعوام على وفاته، ويشبهه شكلا ومصيرا عبد الله محمود الذي قتله السرطان في ريعان شبابه.
كما جاءت نهاية ممثلة بسيطة وطيبة القلب مثل وداد حمدي مؤلمة... عندما غدر بها «ريجسير»، وقتلها في شقتها، من دون أن تقترف في حقه إثما، وفي أوج تألقها... أمطر رجل الأعمال المصري أيمن السويدي زوجته المطربة التونسية ذكرى بـ «21» طلقة، لتقضي نحبها في الحال.
وهكذا تتعدد النهايات الحزينة لفنانين ومشاهير... طالما أمتعونا وأسعدونا، وطالما عاشوا عقودا من الشهرة والأضواء والثراء... ولكن الأقدار... التي يصرفها البارئ... كيف يشاء... وفي السطور التالية... نهايات مع الفقر والحاجة والمرض والنسيان وأشياء أخرى.


كان فتى الشاشة الأول في فترة «الأربعينات والخمسينات» من القرن الماضي، مثل العديد من المشاهد التمثيلية في أدواره في السينما، ويعتبر أحد الفنانين الذين قامت على أكتافهم السينما المصرية... أما آخر مشهد في حياة الفنان الراحل «عماد حمدي» فكان مختلفا تماما... فقد عانى من الاكتئاب والعزلة وذهاب المحبين من حوله بالرغم من أنه هو الذي سحر فتيات الشاشة العربية في منتصف القرن الماضي وقام بالتمثيل في 204 أفلام.
ولد الفنان محمد عماد الدين عبد الحميد حمدي والمشهور بـ«عماد حمدي» في مدينة سوهاج - «جنوب صعيد مصر»... في 25 نوفمبر 1909، وله شقيق توأم هو «عبد الرحمن حمدي»، كان والدهما يعمل مهندسا بالسكة الحديد، وقبل أن يتم طفلاه الشهر الأول ترقى الأب فانتقلت الأسرة إلى القاهرة.
حي شبرا
وكانت الأسرة تقيم في حي شبرا في شارع علي بك النجار «شمال القاهرة» وكان يطلق عليهم - من أهالي الحي «الشبيهان»... حيث كان التوأمان متشابهين جدا سواء في الملامح أو في الطول، حتى إن والدهما كان يصعب عليه التفريق بينهما.
لكن عندما كبرا وعرف كل منهما اسمه، أمكن التفريق بينهما بالأسماء، واهتم الوالدان كثيرا بالأطفال فأحضر والدهما لهما مدرسا خصوصيا يعلمهما اللغة الإنكليزية... أما والدتهما فكانت تعلمهما الفرنسية... حيث كانت الأم تتحدر من أصل فرنسي.
عندما بلغ الطفلان سن المدرسة... التحقا بمدرسة عباس الإبتدائية بشبرا... وبعد حصولهما على الشهادة الإبتدائية التحقا بمدرسة التوفيقية الثانوية... حيث حصلا على شهادة البكالوريا، وبذلك التحقا بمدرسة التجارة العليا - كلية التجارة - والتي كانت تقع في شارع ريحان بوسط القاهرة.
وكان الطفلان لا ينفصلان سواء في البيت أو المدرسة، كما كان ترتيبهما في المدرسة متماثلا... لكن الهواية كانت مختلفة.
كان عماد يحب هواية الفن والتمثيل، بينما أخوه عبد الرحمن كان يحب أكثر ممارسة اللعب والرياضة، وبدأت هوايتهما تظهر جيدا في المدرسة الثانوية عندما انضم عماد حمدي إلى جماعة التمثيل بالمدرسة، وكانت آنذاك تحت إشراف الفنان الكبير عبد الوارث عسر، الذي قام بتدريب عماد حمدي على فن الإلقاء.
لكن عماد لم يكن يعتبر التمثيل إلا هواية لا تتعدى ذلك، كان يطمح أن يصبح طبيبا لا ممثلا... كما كان ذلك أيضا طموح شقيقه عبد الرحمن، لكن لظروف العائلة المادية اتجه الأخوان لدراسة التجارة، لكن عماد لم يتخل عن هوايته الفنية فظل يتابعها في مرحلة تعليمه العالي، وانضم لفرقة أنصار التمثيل والسينما، والتي كان يشرف عليها كل من سليمان بك نجيب وأستاذ عماد حمدي عبد الوارث عسر.
مدرسة التجارة العليا
وفي العام 1932 وبعد أن تخرج الأخوان من مدرسة التجارة العليا... قاما بافتتاح مكتب للإعلانات الصحافية مع شريكين آخرين، وذلك بمساعدة من رجل الاقتصاد المصري ومؤسس بنك مصر طلعت حرب.
واستطاع ذلك المكتب أن يثبت وجوده بسرعة وأن يمول الجرائد والمجلات المصرية بالإعلانات، ونجح المشروع وتطور عمله بحيث كان يصنع لافتات الإعلانات في الشوارع، وهو ما جعل طلعت حرب بعد نجاح المشروع الكبير أن يطلب ضم هذه الشركة لشركات بنك مصر - لكن الأخوين رفضا ذلك ما جعل الشركاء الأربعة ينفصلون، وظل عماد وعبد الرحمن في شركتهما التي تعرضت لخسارة كبيرة بعد أن فقدا إعلانات بنك مصر وشركاته.
فساءت أحوال الأخوين وأعلنا إفلاسهما وأغلق المكتب.
وعندما أغلق المكتب افترق الأخوان في مجال العمل، وبدأ كل منهما في البحث عن عمل يجمعهما، فهما لم يتعودا أن يتركا بعضهما، فاشتغل عبد الرحمن في الجمعية الزراعية الملكية، أما عماد حمدي فعمل في مستشفى أبو الريش، وهناك تذكر حبه لممارسة الطب... لكنه عمل في المستشفى بصفته موظف حسابات، وقضى في المستشفى مدة 3 سنوات، وكان خلال تلك الفترة... قد توطدت علاقته بالأطباء فكان يتردد كثيرا على غرفة العمليات حتى إنه دخل أيضا غرفة المشرحة.
العودة إلى الهواية
بالرغم من أن عماد كان شغوفا بعالم الطب لكنه استمر في هوايته فقد كان يذهب كل يوم إلى جمعية أنصار التمثيل والسينما، كما بدأ الأخوان عماد وعبد الرحمن الاهتمام بالموسيقى والتحقا بمعهد «تيجرمان» للموسيقى العالمية، وكان ذلك المعهد يضم خيرة المدرسين الهولنديين.
وقد درس في هذا المعهد معظم الموسيقيين المصريين حتى الفنان محمد عبد الوهاب استفاد منه أيضا، وقد درس عماد حمدي البيانو وأجاد العزف عليه وبعد ذلك تعلم النوتة الموسيقية وقرر دراسة الهارموني وأصبح لديه حلم أوسع بأن تكون لديه فرقة موسيقية، حتى إنه عندما كان يعزف كان الأصدقاء والأهل يصفقون له كثيرا، وخاصة عندما يعزف المقطوعات الصعبة مثل مقطوعات موسيقية لـ «بيتهوفن وموزارت وباخ».
لكن عماد حمدي لم يجد نفسه في هواية الموسيقى كهواية التمثيل، وكان هناك صديق عماد يشاركه نفس الهواية فاتفقا معا على أن يترجما إحدى المسرحيات العالمية ليقدماها لإحدى الفرق المسرحية، لكن ذلك الصديق انتقل إلى الفيوم وكان عماد حمدي يسافر إليه كل أسبوع ليتابعا العمل أو أن يأتي له صديقه في نهاية الأسبوع بالقاهرة حتى لا يحدث أي تعطل في عملهما.
فيلم وداد
وذات مرة كان عماد مسافرا إلى الفيوم، وفي الطريق رأى مجموعة كبيرة من الناس وهم يتمايلون على دقات الطبول والمزمار، وعندما سأل عما يحدث فقيل له: إن ذلك كان عبارة عن تصوير أحد مشاهد فيلم «وداد»، الذي كانت تمثله أم كلثوم وينتجه أستوديو مصر، وعندما عاد إلى القاهرة وبدأ يسأل عن كل من له علاقة بالفن في استوديو مصر - الذي أنشئ بفضل جهود طلعت حرب - وسأل العاملين بالاستوديو وعندما سمع اسم محمد رجائي زميل قديم لعماد حمدي - تخرجا معا في مدرسة التجارة العليا - قرر عماد الذهاب إليه ومقابلته،
وبالفعل رحب به رجائي وطاف به في أنحاء الأستوديو، وعندما سأل رجائي عماد حمدي عن عمله الحالي أجاب بأنه محاسب في مستشفى أبو الريش، وسأل عماد عن إمكانية توظيفه في أستوديو مصر فعرض عليه رجائي وظيفة رئيس حسابات وبالفعل بدأ العمل.
وأصبح عماد حمدي بحكم وظيفته يجلس مع جميع الممثلين الذين يأتون للأستوديو، ويلتقي معهم لكي يحاسبهم ويعطيهم رواتبهم وعلاواتهم، وتوطدت علاقة عماد حمدي أكثر مع الفنانين عندما نقل من رئيس قسم الحسابات إلى مدير للإنتاج، وهنا انغمس أكثر في العمل الفني، وقد عاصر عماد حمدي إنتاج أفلام كبيرة ومهمة، وخاصة أفلام نجيب الريحاني، وشاهد ما يحدث أمام الكاميرا وكل تفاصيل العمل السينمائي داخل البلاتوه، وتعرف على نيازي مصطفى وصلاح أبو سيف وكمال الشيخ وهم يعملون في قسم المونتاج... وأيضا على حسن الإمام عندما كان عامل كلاكيت يتقاضى «17» قرشا في اليوم.
أفلام تسجيلية
وفي أستوديو مصر طلبت وزارة الصحة من عماد حمدي أن ينتج لها أفلاما تسجيلية ذات طابع إرشادي، وكانت فرصة عماد حمدي عندما بدأ المخرج جمال مدكور في إخراجها واختار عماد حمدي للمشاركة في تمثيلها،
ثم صدر قرار بنقل عماد من قسم الإنتاج إلى قسم التوزيع كمدير ونقل لمكتب خاص له في قلب المدينة، ومضت «4» سنوات حتى اتصل به المخرج كامل التلمساني ليرشحه لدور البطولة في فيلم «السوق السوداء»، وذلك بعد أن شاهد الأفلام الصحية.
وعندما قابله وعرض عليه وافق عماد حمدي على الفور، وفي اليوم التالي ذهب إلى كامل التلمساني الذي كان يستعد لخوض تجربة الإخراج السينمائي لأول مرة، ولم يكن يريد التعامل مع ممثل معروف، واختار عماد حمدي لأنه وجه مصري صميم.
وكان عماد آنذاك يتقاضى 60 جنيها كراتب شهري من استوديو مصر، لذلك لم يشأ كامل أن يطلب منه ترك عمله من أجل الفيلم، واتفق معه على مواعيد عمل مناسبة، وعلى أجر عن دوره في الفيلم قدره «200» جنيه وشاركته البطولة في الفيلم عقيلة راتب وزكي رستم.
وقام عماد حمدي بتصوير الفيلم كمحترف يعرف كيف يتعامل مع الكاميرا، وعندما بدأ عرض الفيلم وفي ليلة العرض الأول ذهب مع أبطال الفيلم لدار السينما، وكان خائفا من نتيجة تجربته الأولى.
لكن الجمهور لم يتقبل فيلم عماد حمدي الأول وأحاط بدار السينما ما اضطر عماد حمدي للاختباء داخل دورة المياه حتى ينصرف الجمهور الثائر وسقط أول فيلم في حياة عماد الفنية، لكنه فوجئ بأن النقاد قد امتدحوه بالرغم من هجومهم على المخرج والسيناريست.
سجن الليل
وعندما عرض فيلم «سجن الليل» في صالة سينما ريفولي كان الاتفاق المبدئي أن يعرض لمدة يومين فقط ثم ينقل لصالة أخرى لكنه عرض لمدة «4» أسابيع متواصلة.
وكانت سيارات الإسعاف تقف أمام باب دار السينما كل يوم لتحمل السيدات اللاتي يتعرضن للإغماء وحالات فقدان الوعي نتيجة عدم سيطرتهن على دموعهن ومشاعرهن عندما يشاهدن عذاب المرض على وجه البطل الشاب.
وعندما قام ببطولة فيلم «المنزل رقم 13» للمخرج المبتدئ كمال الشيخ أمام فاتن حمامة ومثل ذلك الفيلم نقلة نوعية جديدة في أفلام التشويق والحركة وحقق نجاحا كبيرا وأصبح عماد حمدي هو الورقة الرابحة لكل مخرج جديد.
وما يكاد ينتهي من تصوير فيلم حتى يبدأ بآخر وقد أرهقه ذلك ما جعله يشعر بحاجة ماسة للاستقرار العائلي حيث كان يشعر بالوحدة والفراغ العاطفي ويشعر بحاجة لزوجة يحبها وتحبه وتقدر ظروف عمله وتقف إلى جانبه لتخفف متاعبه، وكانت الفنانة فتحية شريف هي تلك الزوجة التي اختارها وكانت تعمل في ذلك الوقت كبطلة في فرقة الريحاني وتؤدي ألحان سيد درويش والشيخ سلامه حجازي وتزوجها العام 1946 واستمرت حياته العائلية الهادئة موفقة وكانت تقدر ظروفه وطبيعة عمله، وضحت بعملها الفني من أجل إسعاده، وبعد الزواج انهالت عليه عقود العمل وتوثقت علاقاته بالمخرجين وكانت مرحلة ما بعد الزواج مليئة بالحماس والعمل المتواصل، وأنجبت فتحية له ابنه نادر الذي أضفى نوعا من البهجة والسعادة على الأسرة.
نجما معروفا
العام 1949 استقال عماد حمدي من وظيفته في أستوديو مصر بعد خدمة 8 سنوات، وأصبح نجما مرموقا لذلك استقال وتسلم مكافأة نهاية الخدمة، ومضت «7» سنوات وعماد حمدي يعيش حياة سعيدة مع زوجته وابنه، حتى التقى والفنانة شادية في «قطار الرحمة».
حيث رأى الفنانون بأن يقوموا بتظاهرة فنية تعبيرا عن ترحيبهم بإعلان الثورة في قطار ينطلق من القاهرة لأسوان ويتوقف في جميع المحطات لتقديم حفلات غنائية يرصد ربعها لأعمال الخير ولدعم الثورة.
وتقابل عماد حمدي مع شادية وانتهت المقابلة بمشروع حب وزواج، لكنه «متزوج ولديه ولد»، ولم يكن أمام عماد حمدي سوى أن يطلق زوجته ويتزوج من شادية بالرغم من سعادته مع زوجته الأولى فتحية شريف.
وفي العام 1953 تزوج عماد حمدي من شادية في الإسكندرية التي شهدت أول لقاء سينمائي بينهما وكان فيلم «أقوى من الحب»، وذلك عندما فكر عماد أن يخوض تجربة الإنتاج السينمائي حتى يضع شادية في المكان المناسب وعثر عماد حمدي على قصتين جيدتين هما «شاطئ الذكريات» و«ليلة من عمري» ونجح هذان الفيلمان اللذان أرّخا لبداية جديدة في مشوار شادية السينمائي.
بعدها اتجهت لأداء الأدوار التراجيدية، وقدمت فيلمي «موعد مع الحياة» و«المرأة المجهولة» اللذين حققا لها النجاح الفني والشعبي، وفجأة توقف الحب وبدأت المشكلات وكانت تلك الفترة بمثابة النكسة في حياة عماد حمدي حيث تم الطلاق بين عماد حمدي وشادية بعد زواج استمر «3» سنوات.
ابتعاد عن العمل
توقف عماد حمدي عن العمل فترة طويلة... حتى عرض عليه المنتج رمسيس نجيب بطولة فيلم «حتى نلتقي»، وكانت تلك القصة مشابهة لقصة حياته مع الزواج، في البداية رفض عماد القيام بالدور لكن رمسيس نجيب استطاع إقناعه ولعب عماد دوره في هذا الفيلم دورا مماثلا له في الحياة، ولكي ينسى... بدأ عماد يعمل بكثرة متفانيا في عمله لكي ينسى... حيث كان يخرج في الصباح ولا يعود إلا في منتصف الليل للحفاظ على لقب فتى الشاشة الأول، وبالرغم من كبر عماد حمدي لكن المخرجين ظلوا يصرون على ترشيحه كفتى أول لمدة «20» عاما.
في العام 1960 اختاره المخرج حسن الإمام للمشاركة في فيلم «زوجة في الشارع»، وكان ضمن طاقم الفيلم الوجه الجديد نادية الجندي... وعندما رآها عماد حمدي رأى فيها وجه الشابة الجميلة شديدة الحيوية وللمرة الثالثة فكر عماد بعمق في حياته ولم يفكر بفارق السن بينه وبين نادية الجندي وتزوجها بعد انتهاء الفيلم وبعد عام أنجبت نادية الجندي له ابنه هشام.
وبعد الزواج الثالث فكر في الإنتاج مرة أخرى، وأنتج لها فيلم «بمبة كشر»، الذي كان يحتاج لميزانية كبيرة، وحتى يتحاشى متاعب متابعة الضرائب كتب الفيلم باسمها... حيث بلغت تكاليفه «50» ألف جنيه واتفق الزوج وزوجته على أن تأخذ هي نسبة من الإيرادات.
خلافات زوجية
وهنا عرف الزوج عماد عدم وفاء زوجته له وشب الخلاف بينهما... حزم عماد حقائبه وخرج من بيت الزوجية ولم يندم على شيء بالرغم من أن الإنتاج لهذا الفيلم كلفه الآلاف وأيضا شقة الزمالك كتبها باسم زوجته السابقة نادية الجندي، وكان ثمنها يبلغ ربع مليون جنيه في التسعينات.
كان المشهد الأخير في حياة عماد حمدي عبارة عن خسارة سببتها له زوجته الفنانة الشابة، وهو العجوز وعدم وفائها له وغرقه في الحزن والصمت... ما أثر على راحة البال لديه.
وجاءت مرحلة الشيخوخة فاستكمل عماد حمدي تألقه في دور الأب وقدم أنجح أفلامه منها «أم العروسة» و«ميرامار» و«ثرثرة فوق النيل»، وآخرها فيلم «سواق الأتوبيس»... حيث رشحه المخرج عاطف الطيب لهذا الدور وبالرغم من شعور عماد حمدي بالإجهاد والإرهاق أثناء فترة التصوير إلا أنه حاول التماسك حتى انتهاء الفيلم بمشهد موت الأب وكأنه بهذا المشهد يعلن انتهاء مشاهده في الحياة.
وقبل أن يموت بعامين - 1982 - كان على فراش المرض وبدأ يصاب بالاكتئاب... لذلك آثرت زوجته الأولى «فتحية شريف»... أن تكون بجانبه في أيامه الأخيرة... إلا أن الموت خطفها قبله وبذلك حرم من اليد الوحيدة الحانية عليه ما زاد من اكتئابه واستسلم لمزيد من الإحباط وحب العزلة والبعد عن الناس حتى توفي في 28 يناير العام 1984.