اقتربت المساعي المحمومة الجارية في لبنان لتَدارُك استقالةٍ لرئيس الحكومة تمام سلام من لحظةٍ حاسمة بعدما وُصفت اتجاهات سلام الى «قلب الطاولة» بأنها جدية للغاية أكثر من اي وقت، خصوصاً ان توقيتها المحتمل كما تَردّد على نطاق وزاري واسع، كان متوقعاً غداً اي في الموعد الاسبوعي لانعقاد مجلس الوزراء.وأكدت مصادر وزارية مشاركة في الاتصالات والمشاورات الناشطة على أكثر من مستوى لـ «الراي» ان ملامح ايجابيات بدأت تبرز منذ ليل الاثنين في موضوع أزمة النفايات وتذليل العقبات التي تعترض خطة توزيع أربعة مطامر، الأمر الذي يحمل على الاعتقاد بأن الساعات الفاصلة عن الخميس ستحمل بلْورة لخطة المطامر ما لم تحصل مفاجآت ليست في الحسبان.ولفتت المصادر الى ان ملف النفايات الذي يشكل نسبة 90 في المئة من العوامل التي دفعت سلام الى رمي ورقة التهديد بالاستقالة في وجه القوى السياسية، يتجه نحو بلْورة «تَوافُقٍ» سياسي ومناطقي ومذهبي اضطراري وقسري على قاعدة توزيع المطامر بمنطق المساواة في تَحمُّل الأعباء، وان هذا الاتجاه كان سلك غالبية الطريق لولا نشوء عقبة قوية من الجانب السني في منطقة اقليم الخروب (الشوف) التي يجري العمل على معالجتها بتركيز منذ يومين.واذ يضع الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري ثقله السياسي لمساعدة رئيس الحكومة في التوصل الى حلّ وشيك، قالت المصادر نفسها ان الحريري يسعى الى تجيير حل هذه الأزمة بالكامل لمصلحة سلام وتفعيل الحكومة، وهو يقوم لذلك بكل المساعي اللازمة، فيما نقل زوار «بيت الوسط» (منزل الحريري) تفاؤلاً بالحل خلال اليومين المقبلين.واشارت المصادر الى ان من غير المستبعد ان يجري طرح الملف على طاولة الحوار الوطني التي ستنعقد اليوم في مقر رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، بحيث تأخذ الخطة التي ستُعتمد التغطية السياسية الواسعة، علماً ان تفاصيل الخطة لا تزال تُفرض حولها السرية خشية زيادة التعقيدات في حال تَسرُّب أجزاء منها دون أخرى.اما على المستوى السياسي، فتستعدّ الحكومة ووزارة الخارجية لاجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة غداً، الذي يبدو انه يتّسم بأهمية كبيرة في سياق ما يتعرّض له لبنان من إجراءات خليجية بسبب تصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية. وقالت أوساط مطلعة لـ«الراي» ان التنسيق الذي سيحصل بين سلام ووزير الخارجية جبران باسيل قبيل اجتماع القاهرة ينطلق من تقديرات مسبقة بأن السعودية قد تطلب من الجامعة العربية اعتماد تصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، وأن الأمر سيعيد تالياً وضع لبنان أمام موقف حرج، الأمر الذي يتطلب موقفاً حازماً وواضحاً ومتوازناً لا يخرج فيه لبنان عن الإجماع العربي اذا تَحقق ولا يَتسبّب بأزمة داخلية جديدة.واذ اشارت الاوساط في هذا السياق الى احتمال عقد اجتماع بين سلام وباسيل للاتفاق على الموقف اللبناني قبل اجتماع وزراء الخارجية العرب، كشفت ان المعطيات المتوافرة عن الموقف الخليجي والعربي تشير الى تَشدُّد إضافي يتنافى مع البيان المتفائل الذي أصدره وزير البيئة محمد المشنوق اول من امس، بعد لقائه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في جاكرتا. وفسّرت ذلك بأن الوزير السعودي أعرب عن ارتياحه الى مبادرة سلام بإيفاد الوزير المشنوق الى المؤتمر الاسلامي بدل الوزير باسيل، ولكن ذلك لم يرقَ الى مستوى معالجة الأزمة المعقدة لمجرد حصول اللقاء بين الوزيرين، وإن كانت المساعي ناشطة من اجل توفير عقد لقاء مماثل بين الجبير وباسيل في القاهرة، ولكنها لم تصل بعد الى نتائج أكيدة، في حين تدعو دوائر مراقبة الى ترقُّب ما اذا كانت السعودية ودول الخليج ستعتمد سياسة تصعيد المعركة ضدّ «حزب الله»، ولكن مع الاكتفاء بـ «الدفعة الاولى» من الاجراءات العقابية بحق لبنان الرسمي، والتي شملت وقف المساعدات العسكرية ومنْع الرعايا من السفر الى بيروت.وإذا كانت الأنظار تتجّه اليوم الى الدورة 138 للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج التي تُعقد في الرياض حيث يفترض ان تتضح خريطة طريق التعاطي مع «حزب الله» في ضوء اعتباره منظمة ارهابية، والمسار الذي ستسلكه بلدان الخليج في اجتماع «الوزاري العربي» في القاهرة غداً، فإن موقف مجلس الوزراء السعودي (خلال انعقاده الاثنين) برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أعطى اشارة واضحة الى السقف الذي سيُعتمد، اذ شدّد على «قرار دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اعتبار مليشيات حزب الله بقادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة عنها منظمة إرهابية نظراً لاستمرار الأعمال العدائية التي تقوم بها (...) وتشكيلها تهديداً للأمن القومي العربي».وعشية هاتين المحطتين، برزت إطلالة سلام عبر قناة «العربية» (ليل الاثنين) اذ دعا خلالها الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله إلى التوقف عن مهاجمة المملكة ودول الخليج العربي، لافتاً إلى أنّ الحزب «مكوّن سياسي أساسي في البلد، وله دور مقاوم أساسي في وجه إسرائيل، وهو ذهب الى خارج لبنان وتدخّل في شؤون خارجية، وهذا ما أضرَّ لبنان، ونحن نُسائل حزب الله في ذلك، ونطلب منه العودة الى الوطن، لأنّ التجارب التاريخية أثبتت أنّ أيّ جنوح خارجي لأيّ تنظيم يجعل لبنان يدفع الثمن غالياً».واذ توجَّه الى دول الخليج والسعودية في مقدمها بالقول إنّ «العلاقات التاريخية بيننا وبينهم قائمة ودائمة وقوية ونعمل على تثبيتها ولن نُقصّر في ذلك، ولا يمكن أن أقول إنّه وفّقنا بسياسة النأي بالنفس»، قال: «رئيس الوزراء في لبنان هو الناطق باسم الحكومة (...) نحن مع الإجماع العربي وهو مصدر قوّتنا ولن نخرج عنه ولن نتخلى عن عروبتنا حتى لو حصل خطأ من هنا أو هناك»، كاشفاً أن بيان مجلس الوزراء الأخير (بعد اعلان السعودية المراجعة الشاملة للعلاقات مع لبنان ووقف المساعدات العسكرية) «حافظ على تماسك الائتلاف الحكومي، فلا يمكن فك العلاقة القائمة الآن داخل الحكومة، فذلك يعرّض لبنان للانهيار»، داعياً «الأخوة العرب» إلى «تفهم وضع لبنان».
خارجيات
سلام دعا نصرالله للكفّ عن مهاجمة السعودية والعودة إلى الوطن
لبنان ينأى عن «حزب الله» مع «انفلاش» وضْعه على لوائح الإرهاب
07:17 ص