لم يحجب «الضجيج» السياسي الذي تعيشه بيروت على خلفية بلوغ أزمة النفايات مرحلة فاصلة وُضع معها مصير حكومة الرئيس تمام سلام على المحكّ، «الصخب» الديبلوماسي الذي تَصاعد في الساعات الماضية على خلفية القرار العربي - الخليجي بتصنيف «حزب الله» كـ «منظمة ارهابية» بعد سلوك السعودية مسار «المراجعة الشاملة» للعلاقات مع لبنان «المصادَرة إرادة دولته من حزب الله»، بدءاً من وقف العمل بهبة الـ 3 مليارات دولار لتسليح الجيش اللبناني من فرنسا، وهبة المليار المخصصة لقوى الامن وغيرها من إجراءاتِ منع السفر التي لاقتها سائر دول مجلس التعاون الخليجي.وفيما كانت بيروت غارقة في «البحث عن جنس الحلّ» لملف النفايات الذي من شأنه «إنقاذ رأس الحكومة» في ضوء تهديد رئيسها بالاستقالة خلال ايام، ما لم تتحمّل القوى السياسية مسؤولياتها في تغطية خيار المطامر الموقتة، بدا ان الرهانات التي سادت على وساطاتٍ دولية يمكن ان تساهم في فرْملة الاندفاعة الخليجية - العربية ضدّ «حزب الله» والتي لم يعد ممكناً فصل تداعياتها عن مجمل الواقع اللبناني، لم تكن في محلّها.وأوحت تطورات الساعات الماضية، ان الاتصالات الخارجية باتت تركّز على سبل توفير «تَعايُش» بين مناخ الغضب الخليجي حيال «حزب الله» وبين موجبات منْع خروج لبنان عن منطوق «الحرب الباردة»، بمعنى محاولة رسم «قواعد اشتباك» للمواجهة التي انفجرت بين السعودية وايران في «بلاد الأرز»، بما ينسجم مع العنوان الذي يرفعه المجتمع الدولي حول «استقرار لبنان خط أحمر»، والذي ينطلق في جانبه الأساسي من الخوف من ان يؤدي اي تدهور أمني الى «تفلّت» كتلة الـ 1.5 مليون نازح سوري التي يستضيفها في غمرة محاولات اوروبا لجم مدّ المهاجرين.وفي حين تنتظر بيروت وصول مساعد وزير الخارجية الاميركي للشؤون السياسية توماس شانون اليها منتصف الشهر الجاري، قبل نحو اسبوع من زيارة للامين العام للامم المتحدة بان - كي مون يرافقه فيها رئيس البنك الدولي جيم يانغ كيم، فان مجموعة اشارات برزت وعكست مضي السعودية في موقفها حيال لبنان، وسط اعتبار اوساط سياسية «أن الرياض التي لمست ان بيروت باتت تحت التأثير الايراني شبه الكامل تريد ان تضع المجتمع الدولي امام مسؤولياته لجهة إعادة التوازن الى الساحة اللبنانية بعدما اختلّ بقوة لمصلحة طهران في الأعوام الأخيرة، بحيث صار اي دعم عسكري للجيش لن يصبّ الا في إطار سياسة يسيطرعليها حزب الله ويتحكّم بها، بدليل سابقة خروج لبنان عن الإجماع العربي في إدانة الاعتداء على السفارة السعودية في طهران.ومن أبرز هذه الإشارات:* إبلاغ وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الى «رويترز» ان الجيش السعودي «سيتسلم أسلّحة فرنسية تم طلبها في الأصل من أجل لبنان»، وذلك ضمن هبة الثلاث مليارات دولار للجيش اللبناني.وقد عكس موقف الجبير الذي كان في عداد الوفد الذي زار باريس برئاسة ولي العهد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، ان باريس لم تنجح في إقناع الرياض بمعاودة الإفراج عن الهبة للجيش اللبناني، وانها أكدت لفرنسا المضي في صفقة الأسلحة ولكن مع تغيير وجهتها، وسط تقارير اشارت الى ان باريس التي اكدت وجوب حفظ استقرار لبنان، سمعت من ولي العهد السعودي موجبات اتخاذ المملكة قرار المراجعة الشاملة للعلاقة مع بيروت وأبرزها تنفيذ «حزب الله» سياسة إيران في لبنان والمنطقة وأدواره الامنية في دول الخيج.* اعلان مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي انه سيتم إبلاغ مجلس الأمن بتصنيف مجلس التعاون الخليجي «حزب الله» منظمة إرهابية، رابطاً عودة المملكة عن قرارها بمراجعة العلاقة مع لبنان بـ أن «الأمر يتوقف على ما إذا كانت الحكومة اللبنانية قادرة على إدارة شؤونها بمنأى عن الابتزاز الذي يمارسه حزب الله على المؤسسات والحكومة اللبنانية، وإذا حدث هذا الأمر يمكن حينها أن نعيد النظر بالقرار، لأن لبنان بلد مهم بالنسبة لنا، ولدينا كل النيات الحسنة تجاهه، ولكن لن نتسامح مع سلوكيات حزب الله التي تتسم بالإرهاب داخل لبنان وخارجه».* ملاقاة تركيا الموقف السعودي والخليجي - العربي من خلال ما نُقل عن نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش الذي اتهم «حزب الله» بالمشاركة في «أعمال اجرامية في سورية»، مضيفاً ان «لبنان عانى الحرب الأهلية سنوات طويلة، وهو الآن يبحث عن الاستقرار، وسورية تعاني الحرب الأهلية وتبحث عن الاستقرار»، ونجد ان«حزب الله»انتقل من الأراضي اللبنانية إلى السورية للمشاركة في الحرب الأهلية، وهذا أمر لا يمكن قبوله، ويُعدّ انتهاكاً لحرمة سورية.وفي حين خطف اللقاء الذي عُقد ليل الجمعة بين رئيس الحكومة السابق سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط الأضواء داخلياً، حيث تركّز البحث على الوضع اللبناني وملف النفايات ونتائج زيارة الوزير وائل ابو فاعور (موفداً من جنبلاط) للرياض حيث التقى رئيس المخابرات السعودية خالد الحميدان، وناقشَ معه الظروفَ التي أملت على المملكة مراجعة علاقاتها مع لبنان، برز انتداب رئيس الحكومة تمام سلام لوزير البيئة محمد المشنوق لتمثيله في القمّة الإسلامية الإستثنائية في شأن فلسطين التي تُعقد اليوم وغداً في جاكرتا ولا يُستبعد ان تتطرق الى ملف «حزب الله» بعد اعتباره من دول الخليج «منظمة ارهابية».وبعد تأويلاتٍ لقرار سلام ربطتْه برغبة رئيس الحكومة في «ضمان» موقف لبناني في هذه القمة «يصلح ما أفسده» وزير الخارجية جبران باسيل في اجتماعيْ وزراء الخارجية العرب والمؤتمر الإسلامي لجهة الخروج عن الإجماع العربي في التنديد بالهجوم على السفارة السعودية في طهران، نقلت تقارير عن مصادر رئيس الحكومة نفيها اي علاقة لاستبعاد باسيل بالخلاف الذي وقعَ بعد مواقفه الأخيرة في هذين الاجتماعين، موضحة أنّ الدعوة وُجّهت إلى سلام من الدولة الإندونيسية ومنظّمي القمّة وانه يحق تالياً لرئيس الحكومة أن يكلّف مَن يشاء من الوزراء ما دامت الدعوة موجّهة إليه «وهذه الأمور تحصل باستمرار وفي مؤتمرات عدّة».
خارجيات
اختبار جديد خلال القمة الإسلامية في جاكرتا وسلام كلّف وزير البيئة تمثيله
تضاؤل الأمل في لبنان بـ «فرْملة» الغضب الخليجي
07:15 ص