شدد رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك على أنه أيا كان التصور الذي سيطبق للتقشف الذي تعتزم الحكومة إقراره بالتعاون مع البرلمان فإنه لن يسمح أن يمس المواطنين الأقل دخلا او يمس الحاجات الأساسية للأسرة. وقال سمو الشيخ جابر المبارك في حديث لصحيفة (الحياة) اللندية في عددها الصادر اليوم «إن هذه ليست المرة الأولى التي نواجه فيها أزمة في أسعار النفط فقد حدثت أزمات في الماضي وإن كان التراجع الحالي كبيرا نسبيا». وأضاف «إن الحاجة الى التقشف سبقت الأزمة النفطية فلسنا بحاجة الى خفض المصروفات كقيمة مالية فحسب بقدر حاجتنا الى وقف الهدر غير المجدي وتحسين الإدارة الحكومية وترشيد بعض البنود في الموازنة والعمل على إيجاد ثقافة استهلاكية مسؤولة في المجتمع». وقال إن «الحكومة حاليا في حوار مستمر مع مجلس الأمة»، معربا عن تفاؤله «بإمكانية التوصل الى اتفاق مناسب لخطة التقشف التي ستكون لها نتائج ايجابية على المنظور البعيد». من جهة ثانية، أكد سمو الشيخ جابر المبارك أن «قدرنا أننا في منطقة تموج بالتغيرات والاضطرابات ونحن على حافة حرجة فيها ورصيدنا في مواجهة أي خطر هو الاتكال على الله سبحانه ثم وحدتنا الوطنية وتماسكنا الداخلي».وقال: «إن تماسكنا الداخلي متحقق بإذن الله على الرغم من أي اختلاف في الرؤى والآراء لأن الكويت هي سفينتنا التي تحمل الجميع».وأضاف «نحن على ثقة بأن ربان سفينتنا حضرة صاحب السمو امير البلاد حفظه الله ورعاه سيقود الكويت إلى بر الأمان بإذن الله بخبرته وحنكته ودرايته وعلاقاته الإقليمية والدولية».وأكد سمو الشيخ جابر المبارك «حرص دولة الكويت على أن تحقق افضل العلاقات مع جيرانها ومنها ايران»، موضحا أن «لنا ملاحظات على بعض السياسات الإقليمية للحكومة الإيرانية وهذا موضع حوار ونقاش دائم مع المسؤولين الإيرانيين».وتابع: «إن للكويت موقفا واضحا تجاه التجاوزات التي وقعت أخيرا ضد المملكة العربية السعودية وضد بعثاتها في طهران ومشهد ومسؤولية النظام الإيراني تكمن في التعامل مع الأمور بروح المسؤولية حتى وإن كانت هناك قوى واتجاهات سياسية مختلفة داخل ايران تتفاوت في التشدد والاعتدال».وأعرب عن اعتقاده بأنه «من مصلحة ايران وجيرانها العرب اتباع سياسة حسن الجوار واحترام سيادة جميع الدول على ضفتي الخليج».وردا على سؤال حول ما يعرف بـ(خلية العبدلي)، قال سمو الشيخ جابر المبارك إنه «من المؤسف جدا ان يتورط أي كويتي في نشاط إجرامي ضد وطنه وهذه القضية موضع النظر الآن في محكمة الاستئناف وللقضاء الكويتي المشهود له بالنزاهة والحياد الكلمة الأخيرة فيها».وأكد أن «الأجهزة الأمنية الكويتية متيقظة ولا تتوانى في رصد وملاحقة أي تنظيم او تخطيط إرهابي ضد الكويت او الخارج أيا كان مصدره او هويته».وردا على سؤال عن مواجهة إقليمية بين محورين أحدهما بقيادة السعودية والآخر بقيادة ايران تساءل سمو رئيس مجلس الوزراء: «ألم تبتل منطقتنا بما يكفي من الحروب حتى يتحدث البعض عن مواجهات جديدة».وأضاف في هذا السياق إن «علينا أن نتعظ من الماضي ولا نكرر الأخطاء والمملكة العربية السعودية لم تتدخل يوما في الشأن الداخلي لأي دولة بل كانت دائما مصدر خير ودعم ومساندة لأي دولة عربية او إسلامية».وأوضح أن «على القيادة الإيرانية خصوصا مسؤولية تعديل الكثير من السياسات والتوجهات لنزع فتيل التوتر في بقع كثيرة في المشرق العربي».وأكد سمو الشيخ جابر المبارك أن «دولة الكويت جزء لا يتجزأ من مجلس التعاون الخليجي»، مشددا على أن «أصحاب الجلالة والسمو قادة المجلس بينوا بشكل واضح ومتكرر سعيهم لتجنيب المنطقة كل الشرور وحرصهم على بناء علاقات أفضل مع الجوار مبنية على الاحترام المشترك وتبادل المصالح».بيد أنه أشار الى ان «التدهور الخطير الذي شهده اليمن العام الماضي بسبب تجاوزات جماعة الحوثي والمتحالفين معها على الشرعية بدعم خارجي واضح تطلب تدخلا خليجيا مباشرا لدعم الشرعية ولمساعدة الشعب اليمني الشقيق على استعادة السيطرة على سيادته الوطنية».وأعرب عن «ثقة دولة الكويت في الدور السياسي والعسكري الذي تلعبه المملكة العربية السعودية الشقيقة بقيادة وحكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لإعادة الامور إلى نصابها في اليمن»، مؤكدا أن «مجلس التعاون لدول الخليج العربية سيقوم بدوره البناء في دعم كل القضايا العربية».وحول رؤية دولة الكويت للتحالف الإسلامي الذي أعلن عنه أخيرا ومناورات (رعد الشمال) التي تستضيفها السعودية، قال سمو الشيخ جابر المبارك إن «الكويت جزء من هذا التحالف وتشارك وحدات من الجيش الكويتي في المناورات».وأوضح أن «مشاركة الكويت ما هي إلا امتداد لالتزامنا الخليجي أساسا ضمن (درع الجزيرة) إذ كما تعلمون لدينا وحدات جوية وبرية تشارك الى جانب الأشقاء في جهود دعم الشرعية في اليمن».وبين الشيخ جابر ان «هناك اتجاها آخذا في التبلور لعمل عربي إسلامي مشترك يعزز الاستقرار في المنطقة ويمنع امتداد التوتر والتهديد الى مناطق جديدة».وردا على سؤال حول موقف دولة الكويت من الاتفاق النووي بين الغرب وايران قال: «نحن مع اي اتفاق يزيل التوتر ويمنع شبح الحروب»، مشيرا الى ان «لكل دولة الحق في التقنية النووية السلمية وقبول ايران الالتزام بالضوابط الدولية هو أمر ايجابي».وأعرب عن امله في «ان يعمل المجتمع الدولي على فرض الأمر نفسه على اسرائيل التي هي مستثناة من أي جهد دولي للرقابة على صناعتها النووية وهي السبب في نشوء هاجس السباق النووي في المنطقة».وحول رؤية دولة الكويت للأزمة السورية وموضوع مكافحة الإرهاب المثار دوليا بهذا الشأن قال سمو الشيخ جابر المبارك إن «المعلومات والصور القادمة من سورية كل يوم تدمي القلب وتوجع الفؤاد مما يصيب أهلنا واخواننا في سورية من محن».وأضاف إن «ما يعانيه الشعب السوري الشقيق من قتل وتشريد الملايين من شعبه إضافة الى الدمار الكبير الذي تعرض له هذا البلد العزيز يحتم علينا البحث عن حلول سياسية تنهي هذه المآساة الكبرى».وأوضح أن «ما يحزننا أكثر مسعى بعض الأطراف الى تهميش محنة الشعب السوري وتحويل القضية الى حرب ضد (داعش) والمنظمات الإرهابية الأخرى»، وتساءل في معرض إجابته: «هل الإرهاب ممارسة إجرامية مرفوضة أيا كانت هوية صاحبها أم تهمة يريد البعض لصقها بالعرب و المسلمين؟».وأعرب سموه عن استغرابه الشديد من «أسلوب تعامل القوى العظمى مع المسألة السورية مع كل ما تحمله من وحشية ومآس يدفع الشعب السوري ثمنها».وقال: «نحن في الكويت عرفنا الإرهاب وواجهناه منذ الستينيات ونحن في مقدمة المشاركين في أي جهد اقليمي او دولي ضد اي إرهاب مهما كانت هويته او طبيعة الجهة التي تمارسه ونطالب بأن يكون واجب الجميع مواجهة هذه الآفة دون انتقائية او سوء استغلال».ولفت الى ان «دولة الكويت فطنت منذ الشهور الأولى لمحنة سورية الى الجانب الإنساني الكبير للقضية وعملت على تنظيم واستضافة ثلاثة مؤتمرات للدول المانحة للشعب السوري بمبادرة من سمو امير البلاد الشيخ صباح الأحمد حفظه الله وكانت الكويت في مقدمة المانحين وهذا أقل واجب تجاه الشعب السوري الشقيق».وحول علاقة دولة الكويت مع العراق بعد ربع قرن على التحرير، قال سموه «العراق ظروفه صعبة ونحن بذلنا كل ما نستطيع في مساعدة جارنا الشقيق على تخطي مرحلة النظام السابق والانتقال الى نظام وطني تعددي يجمع العراقيين ويكون مرتكزا لاستقرار المنطقة بعد ان كان مصدر إرباك وكوارث لها إبان حكم صدام».وذكر إنه «للأسف لم تجر الأمور في العراق كما كان مأمولا وأعتقد انه على الرغم من وجود تدخلات خارجية فإن مسؤولية التعثر في العراق ترجع إلى فشل بعض الساسة العراقيين في تجاوز الفئة والطائفة والعرق الى العراق الوطن الأكبر مما فتح الباب لمزيد من التدخلات الإقليمية والدولية وإيجاد صراعات دائمة».وقال: «نحن لدينا علاقة جيدة مع الحكومة العراقية ونسعى دوما إلى تعزيز كل صور التعاون الممكنة ولكن كما ذكرت العراق ظروفه صعبة ونأمل ان يتمكن من تجاوزها».