| بقلم أبوالقاسم الديباجي | إن مسألة إقامة العدالة يوم القيامة تتجسد في جملة واسعة من المعطيات، من جملتها إقامة الشهود على الإنسان في تحديد واثبات طاعته أو معصيته، فالشهود في محكمة السماء متعددون، ومتفاوتون، وهم:
1 - شهادة البارئ جل اسمه: لا مناص من القول إن الله تبارك وتعالى هو أول الشهود، والذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، وحيث تظهر تلك الشهادة بوضوح وجلاء لا يقبل الشك من خلال الآيات المتفرقة من الكتاب العزيز، والمتعرضة لذلك الأمر، والمبينة له، ومنها قوله جل اسمه في سورة الحج: «إن الله على كل شيء شهيد» (17)، وقوله تبارك وتعالى في سورة يونس: «فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون» (46)، وقوله عز من قائل في سورة يونس أيضاً: «ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً».(61)
2 - شهادة الأنبياء عليهم السلام: وإلى ذلك يشير قوله تعالى في سورة النحل: «ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء»(89)، وقوله جل اسمه في سورة النساء: «فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً».(41)
3 - شهادة الأئمة عليهم السلام: «وللأئمة من أهل البيت عليهم السلام شهادة يوم القيامة كما تذكر التفسيرات المختلفة لجملة من الآيات المباركة، وهي شهادة دامغة كغيرها من الشهادات التي ستقام يوم القيامة، فقوله جل اسمه في سورة البقرة: «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا».(143)
نُقل عن الامامين الصادق والباقر عليهما السلام قولهما في تفسيرها: نحن الأمة الوسطى، ونحن شهداء الله تعالى على خلقه، وحججه من أرضه، وأما قوله جل اسمه في سورة النساء: «فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً»(41)، قد روي عن الامام الصادق عليه السلام قوله: نزلت في أمة محمد صلى الله عليه وآله خاصة، في كل قرن منهم إمام منا شاهد عليهم، ومحمد صلى الله عليه وآله شاهد علينا.
4 - شهادة الملائكة: ثم ان هناك شهودا آخرين جعلهم الله تعالى من المراقبين والناظرين لعمل الإنسان في حياته، وحيث يُستقدمون يوم القيامة للإدلاء بشهادتهم عن عمل هذا الإنسان، قال تعالى في سورة ق: «ونُفخ في الصور ذلك يوم الوعيد، وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد» (20-21)، وقوله جل اسمه في سورة الانفطار: «وإن عليكم لحافظين، كراما كاتبين، يعلمون ما تفعلون».(10-12)
5 - شهادة الأرض: بل ونجد أن الأرض يوم القيامة هي من الشاهدين على الإنسان بأفعاله المتعددة، تشهد على من كان على ظهرها ما فعل منذ ولد وحتى دُفن في جوفها. قال تعالى في سورة الزلزلة: «إذا زُلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها، وقال الإنسان ما لها، يومئذ تحدث أخبارها، بأن ربك أوحى لها»(1-5)، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله قوله في تفسير هذه الآيات: (أخبارها) أن تشهد على كل عبد وأمة بما عملوا على ظهرها، تقول عمل كذا وكذا يوم كذا، فهذا أخبارها.
نعم، ومن هنا فإنا نجد الكثير من الأخبار والروايات المتعددة التي تدعو الإنسان إلى الاكثار في الصلوات في الأماكن والبقاع المختلفة من الأرض، لأنها جميعها ستشهد له يوم القيامة بأن صلى عليها، وعبد الله تعالى فيها. فمن ذلك ما روي عن الإمام علي عليه السلام من قوله: صلوا المساجد في بقاع مختلفة، فإن كل بقعة تشهد للمصلي عليها يوم القيامة. وما روي من أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يرتحل من منزل إلا وصلى فيه ركعتين، وكان يقول: حتى يشهد علي بالصلاة.
6 - شهادة الضمير والنفس: خلق الله تعالى في الإنسان جانبا مهما وحساسا هو خير دليل له في حياته الدنيا، وخير منقذ له من ارتكاب الموبقات والمعاصي والظلم، وهو الضمير الذي لن يدع هذا الإنسان إسرافه ومعاصيه دون أن يردعه، وحيث يستمر هذا الأمر مع الانسان ليصل معه إلى يوم القيامة ليكون عليه شهيدا بما جناه وارتكبه، هو ونفسه البشرية التي سترجع إلى فطرتها، لتدلي بشهادتها ايضا، وتقر بالحقيقة التي تعرفها بلا شك ولا ريب. قال تعالى في سورة القيامة: «بل الإنسان على نفسه بصيرة، ولو ألقى معاذيره» (14-15)، وقوله جل اسمه في سورة الإسراء: «اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً».(14)
7 - شهادة الجوارح: ومن الشهود الدامغين على الإنسان يوم القيامة جوارحه وأعضاؤه التي ستعلن محكمة السماء ما دفعها الإنسان إلى فعله من الأعمال والتصرفات المختلفة، أكانت خيراً أم شراً، قال تعالى في سورة يس: «اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون»(65)، وقال سبحانه في سورة فصلت: «وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء.(21)
8 - شهادة الزمان: الزمن بدوران أيامه وتعاقب دهوره هو من الشاهدين على ذلك الإنسان المخلوق، مذكرا بالآخرة وحسابها، وأن ما يمضي منه لن يعود أبداً. قال الإمام علي عليه السلام: ما من يوم يمر على ابن ادم إلا قال له ذلك اليوم: أنا يوم جديد، وأنا عليك شهيد... أشهد لك به يوم القيامة.
9 - صحيفة الأعمال: ثم ان هناك ما يُكتب على الإنسان مما يقوم به من الأعمال المختلفة طوال حياته، فإن كل ذلك مسطر مكتوب، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وهو سيكون يوم القيامة من الشهود على ذلك الإنسان أيضاً، قال تعالى في سورة الجاثية: «وترى كل أمة جاثية كل أمة تُدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون، هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون». (28-29)
10 - شهادة الأعمال: تقدم منا آنفا الحديث عن تجسم الأعمال يوم القيامة، وحيث تبين بوضوح جلي أن الأعمال تتجسد أمام ناظري الإنسان بشكلها الحقيقي أو بما يناسب العمل، وينطبق عليه. نعم، ان هذا التجسيد للأعمال سيكون بمثابة شاهد لا تنكر شهادته، ولا تماطل حجته بأي شكل من الأشكال، لأنه عين الواقع، وصورته الحقيقية، قال تعالى في سورة الكهف: «ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربُك أحداً».(49)
* الأمين العام للهيئة العالمية للفقه الاسلامي
1 - شهادة البارئ جل اسمه: لا مناص من القول إن الله تبارك وتعالى هو أول الشهود، والذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، وحيث تظهر تلك الشهادة بوضوح وجلاء لا يقبل الشك من خلال الآيات المتفرقة من الكتاب العزيز، والمتعرضة لذلك الأمر، والمبينة له، ومنها قوله جل اسمه في سورة الحج: «إن الله على كل شيء شهيد» (17)، وقوله تبارك وتعالى في سورة يونس: «فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون» (46)، وقوله عز من قائل في سورة يونس أيضاً: «ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً».(61)
2 - شهادة الأنبياء عليهم السلام: وإلى ذلك يشير قوله تعالى في سورة النحل: «ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء»(89)، وقوله جل اسمه في سورة النساء: «فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً».(41)
3 - شهادة الأئمة عليهم السلام: «وللأئمة من أهل البيت عليهم السلام شهادة يوم القيامة كما تذكر التفسيرات المختلفة لجملة من الآيات المباركة، وهي شهادة دامغة كغيرها من الشهادات التي ستقام يوم القيامة، فقوله جل اسمه في سورة البقرة: «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا».(143)
نُقل عن الامامين الصادق والباقر عليهما السلام قولهما في تفسيرها: نحن الأمة الوسطى، ونحن شهداء الله تعالى على خلقه، وحججه من أرضه، وأما قوله جل اسمه في سورة النساء: «فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً»(41)، قد روي عن الامام الصادق عليه السلام قوله: نزلت في أمة محمد صلى الله عليه وآله خاصة، في كل قرن منهم إمام منا شاهد عليهم، ومحمد صلى الله عليه وآله شاهد علينا.
4 - شهادة الملائكة: ثم ان هناك شهودا آخرين جعلهم الله تعالى من المراقبين والناظرين لعمل الإنسان في حياته، وحيث يُستقدمون يوم القيامة للإدلاء بشهادتهم عن عمل هذا الإنسان، قال تعالى في سورة ق: «ونُفخ في الصور ذلك يوم الوعيد، وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد» (20-21)، وقوله جل اسمه في سورة الانفطار: «وإن عليكم لحافظين، كراما كاتبين، يعلمون ما تفعلون».(10-12)
5 - شهادة الأرض: بل ونجد أن الأرض يوم القيامة هي من الشاهدين على الإنسان بأفعاله المتعددة، تشهد على من كان على ظهرها ما فعل منذ ولد وحتى دُفن في جوفها. قال تعالى في سورة الزلزلة: «إذا زُلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها، وقال الإنسان ما لها، يومئذ تحدث أخبارها، بأن ربك أوحى لها»(1-5)، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله قوله في تفسير هذه الآيات: (أخبارها) أن تشهد على كل عبد وأمة بما عملوا على ظهرها، تقول عمل كذا وكذا يوم كذا، فهذا أخبارها.
نعم، ومن هنا فإنا نجد الكثير من الأخبار والروايات المتعددة التي تدعو الإنسان إلى الاكثار في الصلوات في الأماكن والبقاع المختلفة من الأرض، لأنها جميعها ستشهد له يوم القيامة بأن صلى عليها، وعبد الله تعالى فيها. فمن ذلك ما روي عن الإمام علي عليه السلام من قوله: صلوا المساجد في بقاع مختلفة، فإن كل بقعة تشهد للمصلي عليها يوم القيامة. وما روي من أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يرتحل من منزل إلا وصلى فيه ركعتين، وكان يقول: حتى يشهد علي بالصلاة.
6 - شهادة الضمير والنفس: خلق الله تعالى في الإنسان جانبا مهما وحساسا هو خير دليل له في حياته الدنيا، وخير منقذ له من ارتكاب الموبقات والمعاصي والظلم، وهو الضمير الذي لن يدع هذا الإنسان إسرافه ومعاصيه دون أن يردعه، وحيث يستمر هذا الأمر مع الانسان ليصل معه إلى يوم القيامة ليكون عليه شهيدا بما جناه وارتكبه، هو ونفسه البشرية التي سترجع إلى فطرتها، لتدلي بشهادتها ايضا، وتقر بالحقيقة التي تعرفها بلا شك ولا ريب. قال تعالى في سورة القيامة: «بل الإنسان على نفسه بصيرة، ولو ألقى معاذيره» (14-15)، وقوله جل اسمه في سورة الإسراء: «اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً».(14)
7 - شهادة الجوارح: ومن الشهود الدامغين على الإنسان يوم القيامة جوارحه وأعضاؤه التي ستعلن محكمة السماء ما دفعها الإنسان إلى فعله من الأعمال والتصرفات المختلفة، أكانت خيراً أم شراً، قال تعالى في سورة يس: «اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون»(65)، وقال سبحانه في سورة فصلت: «وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء.(21)
8 - شهادة الزمان: الزمن بدوران أيامه وتعاقب دهوره هو من الشاهدين على ذلك الإنسان المخلوق، مذكرا بالآخرة وحسابها، وأن ما يمضي منه لن يعود أبداً. قال الإمام علي عليه السلام: ما من يوم يمر على ابن ادم إلا قال له ذلك اليوم: أنا يوم جديد، وأنا عليك شهيد... أشهد لك به يوم القيامة.
9 - صحيفة الأعمال: ثم ان هناك ما يُكتب على الإنسان مما يقوم به من الأعمال المختلفة طوال حياته، فإن كل ذلك مسطر مكتوب، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وهو سيكون يوم القيامة من الشهود على ذلك الإنسان أيضاً، قال تعالى في سورة الجاثية: «وترى كل أمة جاثية كل أمة تُدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون، هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون». (28-29)
10 - شهادة الأعمال: تقدم منا آنفا الحديث عن تجسم الأعمال يوم القيامة، وحيث تبين بوضوح جلي أن الأعمال تتجسد أمام ناظري الإنسان بشكلها الحقيقي أو بما يناسب العمل، وينطبق عليه. نعم، ان هذا التجسيد للأعمال سيكون بمثابة شاهد لا تنكر شهادته، ولا تماطل حجته بأي شكل من الأشكال، لأنه عين الواقع، وصورته الحقيقية، قال تعالى في سورة الكهف: «ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربُك أحداً».(49)
* الأمين العام للهيئة العالمية للفقه الاسلامي