تتنوع الصناعات في هذا العالم الفسيح الرحب، فهناك صناعة التكنولوجيا التي غيرت وجه العالم، خاصة في الهواتف الذكية التي نستخدمها وبرامج «السوشل ميديا»...، كما أن الحب صناعة، والفن كذلك، ولكن مع كل أسف، أن هناك من يتفننون في الصناعة ولكن الصناعة غير المحمودة وهي صناعة الكراهية ونبذ الآخر وعدم قبوله.وتذكر موسوعة «ويكيبيديا» عن الكراهية بأنها «مشاعر انسحابية يصاحبها اشمئزاز شديد، نفور وعداوة أو عدم تعاطف مع شخص ما أو شيء أو حتى ظاهرة معينة، تعود عموما إلى رغبة في تجنب عزل أو تدمير الشيء المكروه، ويمكن للكره أن يُبنى على الخوف من غرض معين أو ماضٍ سلبي أو شخص معين نتج عن التعامل مع ذلك الفرد أو الشخص، ويمكن للناس أن يشعروا بالنزاع والمشاعر أو الأفكار المعقدة التي تستلزم الكره».وذكر الفيلسوف «ديكارت» أن «الكراهية هي إدراك أن هناك شيئاً سيئاً في مجتمع مع الرغبة في الانسحاب بعيداً عنه»، أما «أرسطو» فقال إن «الكراهية هي الرغبة في إبادة الكائن المكروه».إن مايحدث اليوم في العالم والمنطقة العربية على وجه الخصوص يستحق أن نضع عليه المجاهر الفاحصة والكاشفة، ونُعمل الدراسات للتشخيص الموضوع ووضع الحلول، وسبر الأغوار بعمق لمعرفة ما يحدث من عنف ونشر الكراهية الدينية والمذهبية بين أبناء الوطن، وتجد من يدعو إلى إبادة وفناء الآخر، حتى الأطفال نسمعهم يتحدثون عن القضايا الطائفية مع الأسف.ولكن بدأ أمر غريب بالتنامي كذلك، وهو دخول مشايخ الدين ومن يجب أن يكونوا على قدر من المسؤولية والتسامح وقبول الآخر... نجدهم يحرضون الناس على الكراهية المذهبية ومن كافة الأطراف مع كل أسف.ما يحدث اليوم في العالمين العربي والإسلامي من تطرف وكراهية مذهبية له تاريخ طويل من تنامي هذا الشعور عبر مؤسسات دينية مختلفة وهي نتاج الفكر الإقصائي، ومن يشاهد القنوات الفضائية العربية يجد أننا وصلنا لمرحلة بالغة الخطور من هذا الشحن المذهبي تستدعي الدخل وفك التشابك.من يدعو إلى الكراهية والطائفية ونبذ الآخر أين هو من حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما كان يقول: «لا يُبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئًا، فإني أحبُّ أن أخرجَ إليكم وأنا سليمُ الصَّدر».الكراهية مرض، يتكون وينمو في المجتمعات المريضة، وهذا مايحرمه ديننا الإسلامي الحنيف الذي يدعونا إلى التسامح والتعايش، فيجب محاسبة كل من يفرق ولا يجمع، ومن يحاول نشر بذور التفرقة بين مكونات المجتمع الواحد، خاصة ونحن نعيش ذكرى عزيزة على قلوبنا ونفوسنا وهي نعمة التحرير والأمن والاستقرار.akandary@gmail.com