ما تسمى اليوم بالحركة الحدسية يعود أصلها إلى عام 1928 من القرن الماضي عندما أسس حسن الساعاتي - البنا - «جماعة الاخوان المسلمين» بايعاز ومساعدة ومباركة السفارة البريطانية في القاهرة، وهدف السفارة من مساعدة حسن البنا هو الوصول الى الوضع المهترئ الذي تعيشه البلدان العربية الاسلامية والتشرذم الممزق لشعوبها، وقد تعددت أسماء هذه الحركة في البلاد التي انتشرت فيها مثل الكويت التي تغير اسمها من «جمعية الارشاد» إلى «جمعية الاصلاح الاجتماعي»، مختصرة اسمها اليوم الى كلمة «حدس»، وبالمناسبة فحدس في جاهلية الاسلام هو اسم لكاهنة كان يلجأ إليها كبار القوم عندما تستشكل عليهم قضية يريدون حلاً لها، كقضية هند بنت عتبة عندما اتهمت ببعض السوء وقد برأتها الكاهنة من الاتهام الذي نال من شرفها، نعود الى مرجوعنا ونقول ان أساس قيام «حركة الاخوان المسلمين» هي السفارة البريطانية، وكانت هذه الحركة تعتمد في تمويلها على السفارة البريطانية واشتراكات الاعضاء الذين انتسبوا اليها من واقع الاسم الذي اتخذته لنفسها، وأصبح لهذه الحركة حضور قوي على الساحة الدينية، وتأثير كبير على الناس فعملت على الدخول الى المعترك السياسي ورأت فيه قوة جديدة تضاف الى قوتها من الواقع الديني الى الدرجة التي أوشكت أن تصل بها الى الحكم في مصر أيام الملك فاروق، ولكن النظام اكتشف المؤامرة التي يسعى إليها «الاخوان المسلمون» فقامت السلطات بإلقاء القبض على حسن البنا واعدامه في فبراير من عام 1928 وتقديم رأسه الى الملك فاروق بمناسبة عيدميلاده، واستمر نشاط هذه الحركة حتى قام الرئيس جمال عبدالناصر بتشتيت قواهم فهربوا الى بلاد عدة ومنها الكويت التي احتضنتهم فتطورت الحركة فيها بمساعدة الحكومة الرشيدة وتأييدها المطلق لها في كل مواقفها، وقد ظهرت اليوم هذه المواقف بكل ما تملك من قوة في تأييدها لوزير النفط والكهرباء المنتمي الى «حدس»، رغم اتجاهات الرأي العام الشديدة المعارضة لخطوة الوزير بترسية مشروع المصفاة الرابعة على الشركات المحظوظة بالأمر المباشر، وقد شمر أعضاء حركة «حدس» عن سواعدهم في الدفاع عن وزيرهم واخذوا يصرخون في كل اتجاه منادين الناس في أن يؤيدوهم في هذه الخطوة التي عارضها كل الشعب الكويتي ما عدا عدد قليل من المنتسبين إلى «حدس» ولهم صوت عال في البرلمان والصحافة، وعلى الرغم من موقف البنك الدولي المشير الى ان كلفة مشروع المصفاة الرابعة تعد من أكبر التكاليف التي تمت في العالم لمثل هذا المشروع، وواحدة من أقل معامل التكرير اقتصادية في العالم، لكن هذا الرأي المحايد لم يعجب حركة حدس فانبرى المسؤولون فيها بالدفاع المستميت عن قرار السيد وزير الطاقة المنتمي للحركة التي تسعى الى تحقيق مصالحها ومصالح أفرادها ومن ضمن هؤلاء الأعضاء ذلك الذي صرح يوما عن «شركات ابنائه» وهم لم يبلغوا سن الرشد بعد، وأهل الكويت يعلمون بأنه وعائلته لا يملكون تلك المبالغ التي يستطيع هذا العضو الحدسي بامتلاكها ويؤسس «شركات لابنائه» تملك الملايين، وهو لم يكن يملك شروي نقير عندما دخل المجلس العتيد، هذه هي الصورة التي ظهرت امام المواطنين ومعارضتهم القوية للمشروع المذكور ومقدار الخطأ والتعمد الذي صاحب قرار الوزير، الا ان الحركة ظلت مدافعة عنه بكل قوة واشار أحد كبرائهم في القول لاحدى الصحف بان الحركة ليس لها من الاستفادة شيء في مشروع المصفاة الرابعة، «يكاد المريب أن يقول خذوني» واذا كان الامر كذلك كما يقول هذا الكبير، فلماذا اذاً الدفاع الشرس عن وزير الطاقة وتأييد قراره في المطلق؟ ولكن الله سبحانه وتعالى أراد ان يظهر الحق لأهل البلاد فخرج عدد من شباب «جمعية الاصلاح»، وأصدروا بيانا لعموم الشعب الكويتي يتهم فيه جمعية الاصلاح ودفاعها عن الوزير العليم، ويطالبه بالاستقالة مع أعضاء المكتب السياسي للحركة حيث رائحة الاستفادة تحوم وتنتشر حول المشروع، وكما فاحت رائحة تجارة الاقامات وصفقات السلاح ومشاريع هندسية أخرى وتنفيع محامين لتجار معينين ممثلين لوكالات كورية دخلت مشروع المصفاة الرابعة مما جعل «الحركة الدستورية»، «الاصلاح الاجتماعي» سابقا أسيرة هذه الشبكة من العلاقات المصلحية المشبوهة (الفساد)، وتساءل الشباب الاصلاحيون المنبثقون من قلب «الحركة الدستورية» باستغراب عن اصرار الوزير العليم على موقفه وعدم استثنائه من عرض مشروع المصفاة على لجنة المناقصات المركزية. وقد تصدى لهم عدد من المنتمين لـ «حدس» مدافعين عن وزيرهم الذي مضى في مشروعه، وكان يمكنه ان يبعد الشبهة عنه لو عمل على رفع مشروع المصفاة الى لجنة المناقصات المركزية حتى لو كان القانون يعطيه الحق بعدم رفعه، ويبرئ ذمته من الاتهامات التي تنهال عليه من جميع فئات المجتمع لاقراره والسير في ترسيته على من يريده والمتنفذون يساندونه فيما يسعى اليه في سلوك هذا المسلك الشائك ويدفعون به الى الأمام، وهو الرجل الذي مازال الناس يظنون به الظنون الحسنة، فليترك هذا الانطباع النظيف عند الناس قبل ان يغادر منصبه فلكل بداية نهاية ولتكن نهايته عن منصبه حسنة المظر والمنظهر تتسم بالعفة والطهارة وبراءة الضمير التي عرفه الناس بها وللحديث بقية عن المحامي المنتمي الذي دافع عن مشروع المصفاة الرابعة.
/>يعقوب العوضي
/>كاتب كويتي
/>ymalawadhi@hotmail.com
/>
/>يعقوب العوضي
/>كاتب كويتي
/>ymalawadhi@hotmail.com
/>