اختيار اللاعب الدولي السابق لكرة القدم جاسم يعقوب، من ضمن 48 أسطورة عالمية اختارها الاتحاد الدولي للتأريخ والإحصاء، لم يكن مفاجأة بالنسبة للجماهير الكويتية، وإن كان البعض يريد أن يشكك في أحقية «بوحمود» في نيل تلك المكانة التي يستحقها عن جدارة، من خلال زج أسماء مثل فيصل الدخيل وفتحي كميل وعبدالعزيز العنبري.البعض لا يزال يجهل تماماً ماذا تعني كلمة «الاسطورة»، ويعتقد أنها تمنح لكل من يملك سجلا تهديفيا، او يجيد فن المراوغة في الملعب، أو من يسجل اسمه في لائحه شرف أي بطولة رسمية ساهم في تحقيقها، واعتبارات أخرى كثيرة يعطيها المشجع للاعبه المفضل.أسطورية جاسم في الكويت والخليج كانت لدى شعوبها بمثابة «الخيال والخرافة» التي تحولت الى حقيقة في حياتها، حيث إنه ظهر في وقت كانت فيه كرة القدم تمارس في المنطقة الخليجية لمجرد الاستمتاع وهي «طمباخية» في نظرهم ليس لها أي قيمة فنية او اجتماعية، ولكن «المرعب» حولها بقدراته وموهبته الفنية والشخصية التي كانت تختلف كلياً عمن سبقه من اللاعبين مثل عبدالرحمن الدولة ومحمد المسعود وسعود العصيمي، الى لعبة مميزة في المجتمع يجب على الجميع أن يمارسها من أجل نفسه والجماهير ووطنه.جاسم يعقوب في مطلع السبعينات من القرن الماضي، غير معالم كرة القدم وحولها الى عالم آخر في شكلها ومعناها وقيمتها في المجتمع، بسببه الكل عشق اللعبة، وسعى الى ممارستها، عندما بدأت تمارس بشكلها الحقيقي في العالم.جاسم يعقوب... كان سبباً في انتشار المواهب، وظهور فيصل الدخيل وعبدالعزيز العنبري وفتحي كميل وسعد الحوطي ويوسف سويد ومؤيد الحداد وكافة «الجيل الذهبي»، لولاه لما مارسوا هؤلاء اللعبة بطريقة جعلتهم نجوما قادوا الكويت الى الريادة الاقليمية والآسيوية والعالمية.«المرعب» كان يملك موهبة فنية وشخصية قوية تختلف عن بقية اللاعبين في الكويت والخليج، واسمه كان بمثابة «الماركة الأصلية» التي سعى الكثير من اللاعبين وغيرهم من أهل المجتمع الى تقليده.جاسم... لم يكن مجرد لاعب موهوب، ولو كان ذلك لانتهت مسيرته مبكرا، ولكن كان بمثابة الرمز والعلم المرفوع عالياً والنصب التذكاري والقدوة، الذي ينظر له الشباب بكل فخر واعتزاز. مازلت أتذكر جيداً ما كان يقوله شقيقي الأكبر «عادل» أنه وأصدقاءه القدامى كانوا يحضرون لقاءات القادسية من أجل مشاهدة جاسم يعقوب قبل واثناء وبعد المباراة، حتى أن سيارته «المرسيدس» الحمراء التي تحمل رقم (9) وهو نفس رقم فانيلته، كان مجرد لمسها يمثل لهم الشيء الكثير.وإذا أرادت الأجيال الحالية أن تعرف قيمة وشعبية «بوحمود»، في الكويت والخليج، يجب أن تعيد شريط مرضه المفاجئ الذي أصاب الجميع قبل أن يصيبه، الذي كان بمثابة الفاجعة أصابت كل بيت، حتى أن الحياة الاجتماعية «شلّت» يومها، وكانت تعد الأيام والساعات والدقائق انتظاراً لعودة «ابنها البار» من رحلته العلاجية سالماً غانماً، فكان استقباله «كرنفالا» وعيدا وطنيا.كاتب هذه السطور لم يتسن له مشاهدة جاسم في بداية مشواره بحكم العمر، ولكن كنت محظوظا جداً أنني «لحقت» على مشواره الأخير مع «الأزرق الذهبي» وتألقه وفوزه بكأس آسيا 1980، وتأهله الى أولمبياد موسكو في العام نفسه، وهدفه العالمي على حارس الاتحاد السوفياتي السابق رينات داساييف، ومشاركته في مونديال إسبانيا 1982. كانت هي «زبدة» ويكفيني ذلك من تاريخ هذه «الأسطورة» الكروية التي كانت ومازالت وستبقى حاضرة في أذهان كل من يعشق كرة القدم.