أعترف انا ذات «الكتاب» الذي كنت استمتعت معكم بسرد سيرتي عبر أيام المعرض، على هذه الصحفة من جريدة «الراي» اعترف... بانني قضيت اوقاتا سعيدة، في جناحي، رغم ان احدا لم يتكرم بشرائي... وها هو معرض الكويت الدولي للكتاب سينفض غدا، ورغم ان صاحبي الناشر لم يحقق المردود المادي الذي كان يأمله... إلا انه في قرارة نفسه قرر خوض التجربة في المعرض المقبل... لاعتقاده في ان الرقابة المشددة هذا العام ربما كانت السبب الرئيسي وراء عزوف القارئ عن شراء الكتب... وفي حقيقة الامر ان هذا ليس له علاقة من قريب او بعيد بمسألة القراءة... لانها حالة عربية عامة اصابت الثقافة العربية من دون ان تجد من يكرس نفسه من المحليين والدارسين وقته من أجل وضع الحلول المناسبة لها.غدا... سأعبأ مع زملائي من الكتب في كراتين محكمة الغلق، وسأعاني الأمرين... في ما يخص مسألة الشحن، والتفريغ، ولكن قبل ان يبادر صاحبي في فعل هذا الاجراء سأتحدث لكم سريعا عن انطباعاتي العامة حول معرض هذه السنة.وبغض النظر عما فعلته الرقابة من منع للكتب وردود الفعل التي صاحبت هذا المنع، بعضها كان يجانبها الصواب، والآخر كان مبالغ فيه... الا ان المحصلة النهائية ان العديد من الكتب القيمة، والجريئة ايضا تم تداولها في المعرض، ووجد القارئ المخلص للثقافة ما يبحث عنه من كتب تلبي احتياجاته المعرفية، واعتقد ان مسألة الرقابة أصبحت مستهلكة ويجب على المسؤولين إلغاؤها او حتى التخفيف من حدتها وترك الآراء التي تتعارض وتختلف تسير في طريقها، وعلى القارئ ان يختار وليس الرقابة الرأي الذي يصلح له... مع الوضع في الاعتبار ان هناك بعض الامور لا يمكن التهاون فيها كما صرح وزير الاعلام في مؤتمر افتتاح المعرض، وهذه الامور تخص وحدة الوطن، ونقاء الدين، ولحمة المجتمع الكويتي.ونكون في هذه العجالة قد انتهينا من مسألة الرقابة، كي نتحدث عن المعرض بصفة عام من خلال ما حظي به من تنظيم وصل إلى درجة ان أي صاحب دار نشر لم يسجل له اي شكوى... وهذا الامر لم يأت من فراغ بقدر ما جاء بفضل الجهد المبذول من قبل اللجنة المنظمة، تلك التي نسقت وتابعت ونظمت ثم تركت المعرض في موقف المساند لدور النشر، كي تعرض كتبها براحة وطمأنينة... وبالتالي اتسع المجال كي تقدم خدمات متميزة للقارئ من خلال منافذ عديدة جلس فيها موظفون من العلاقات العامة للارشاد والتوجيه، وحتى البحث مع القارئ عن الكتب التي يريدها واماكن وجودها.وحينما تجول بي صاحبي في اروقة المعرض شاهدت لمحات وطنية معبرة، من خلال الصور الكبيرة تلك التي وضعت في زوايا المعرض، والتي هي في الاساس لادباء ومفكرين، ومثقفين من الكويت. عرفت انهم من الرواد والناهضين بالثقافة المحلية، وهذا الامر كان مدعاة للغبطة والسعادة.ولو تحدثنا بأمانة وبعد ان انتهت الانشطة الثقافية المصاحبة للمعرض، وتنوعت بين الامسية والمحاضرة والندوة، إلا ان المحصلة كانت طيبة، من خلال المشاركين من اساتذة وادباء، ومفكرين، ولكن الطموح كبير في ان للادباء الشباب تدورا في انشطة المعرض في دورته المقبلة، وهذا الامر اعتقد انه سيتحقق من خلال ما يتمتع به المجلس الوطني من مسؤولين مثقفين وادباء وفنانين.ودائما ما يأخذ المعرض التشكيلي في معرض الكتاب مكانا هامشيا، لا يمكن لاحد الانتباه اليه، وعلى هذا الاساس فان الجمهور يكاد لا ينتبه اليه الا بالصدفة، وعلى ذلك فان ابرازه امر مهم وضروري، من اجل الثراء ومن الممكن وضعه في خيمة تقابل الصالة الرئيسية للمعرض.ان هذا معرض الكويت للكتاب حدث ثقافي حرك الساكن ونشط الجمود، في ثراء وجاذبية.ان غدا... سيكون يوما صعبا علي انا «الكتاب» حينما اترك الكويت، عائدا إلى بلدي، وستبقى الذكريات الجميلة راسخة في صفحاتي... اعذروني ايها القراء الاعزاء فانني أشاهد صاحبي الناشر يجرد الكتب التي على أرفف الجناح، ولربما لا أتمكن من التحدث اليكم مرة اخرى... فإلى لقاء قريب في معرض الكويت الدولي للكتاب... حفظتكم السلامة والى لقاء قريب.
محليات - ثقافة
كتاب... يحكي سيرته / معرض الكويت الدولي للكتاب... حدث ثقافي حرّك الساكن ونشط الجمود
كتاب وقارئ!
09:46 ص
| يرويها - مدحت علام |