هناك تدريب يُطرح في بعض الدورات لمعرفة طباع الأشخاص وأنماط تفكيرهم، ويُطلَب من كل شخص أن يتخيل نفسه داخل حديقة للحيوان، وقد رأى فيها جميع الحيوانات التي خلقها الله تعالى على الأرض.ثم يُقال له: ما هو أكثر حيوان أعجبك فيها؟ ولماذا؟، وغالباً ما تتطابق الإجابة مع بعض الطباع والصفات التي يحبها نفس الشخص أو يتمنى تحقيقها أو الوصول إليها.طُرح السؤال مرة على مجموعة من الفتيات فاختارت إحداهن «الفَرَاشة»، وقالت إن السبب هو أن «الفراشة» تُحلق في الجو ولا يوجد ما يعيقها عن انطلاقتها، وأنها تحب حياة الحرية والانطلاق.وبلا شك فإن كثيراً من الفتيات في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، لديهن الشعور بأنهن يقعن تحت ضغط وتقييد العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية التي قد تحد من حريتهن وحركاتهن وتصرفاتهن، وأن البعض منهن يتمنين لو ضربن بهذه الأعراف والعادات عرض الحائط وانتقلن نحو الحرية المطلقة.ونقول إن هذه الأعراف والتقاليد لا بد أن توزن بميزان الشرع، فما وافق الشرع قبلناه وما خالف الشرع رفضناه.وهناك من الأعراف ما قد تتفق مع الشرع في أصلها لكن هناك اختلافاً بين المجتمعات في طريقة تطبيقها، وهذه لا يأثم الإنسان إن خالف طبيعة مجتمعه ما دام لم يخالف الشرع لكنه سيكون محل نقد واستهجان من المحيطين به.ويمكننا القول إن الإسلام أعطى المرأة والفتاة حريتها في العديد من الأشياء، فلها حرية التصرف بمالها، ولها حرية اختيار الزوج، ولها حرية أن تلبس ما تشاء في بيتها.لكن هناك بعض القيود والحدود التي أوجب الإسلام على المرأة الالتزام بها، وحذر من مخالفتها، حفاظاً عليها وصوناً لكرامتها.كأن تلبس اللباس الشرعي عند خروجها من المنزل وتتجنب التبرج، وخاصة إذا كانت ستمر بالرجال أو تخالطهم، ونهاها عن السفر بمفردها من دون محرم، وحذرها من الخلوة بالرجل الأجنبي، وغيرها من الأحكام الشرعية.إلا أن بعض الفتيات قد لا تلتفت لمثل هذه الحدود، وتعتبرها من التخلف والرجعية، وقد تتجرأ الفتاة لتقع في الحرام إرضاءً لهوى نفسها دون مبالاة لعواقب فعلها!!ونقول لهذه الفتاة هداها الله، إن لم تخشِ الله تعالى وتخافين عقابه، وإن لم تستحِ من نَظَرِهِ إليك وأنت على المعصية، فعلى الأقل احترمي البيت الذي تنتسبين إليه، احترمي أباك و أخاك، احترمي أهلك وعائلتك... احترمي من قد يلحقهم الأذى النفسي والاجتماعي من تصرفاتك وأفعالك.في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وقعت امرأة في الزنا، فرأى الجريمة زوجها، فاشتكى إلى رسول الله من فعلها، فانكرت المرأة، فأمر النبي عليه الصلاة والسلام بالملاعنة بينهما، فحلف الرجل خمس شهادات - وهو ما تقتضيه الملاعنة - أنه رأى امرأته وهي تقع في الزنا، وحلفت المرأة أربع مرات أنها لم تفعل وقبل الخامسة قيل لها: اتقي الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فترددت وهمّت بالاعتراف لكنها قالت: «والله لا أفضح قومي» فشهدت في الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.وبرغم عظم الجرم الذي ارتكبته المرأة بإنكارها للفاحشة، واستحقاقها لعقاب الآخرة وهو أشد وأنكى، إلا أنها آثرت ألا تفضح أهلها وقومها.فأين بعض فتيات هذا الجيل من هذا الموقف؟Twitter: @abdulaziz2002
مقالات
رسالتي
البنت الفَرَاشة
08:53 م