«... أين هو الرئيس، في أي كوكب؟». «معادلة 8 فبراير النيابية المضحكة... أنا نازل عالجلسة تا انتخبك.. انت شو عامل؟».«تغريدتان» ساخرتان لكلّ من رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط والرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان اختصرتا يوم الانتخابات الرئاسية الذي أقفل امس، كما هو «مكتوب»، على الـ «لا جلسة رقم 35»، وسط مؤشرات داخلية وخارجية تشي بأن «عَدّاد» الفراغ سيواصل دورانه ومعه البلاد في... حلقة مفرغة.ولعلّ أكثر المفارقات التي طبعت يوم امس في البرلمان وارتسمت معها ملامح مشهد «سوريالي» تتمثّل في الآتي:• ان الجلسة التي كانت محدَّدة لانتخاب رئيسٍ عطّل نصابها المرشّح الرئيسي لـ «حزب الله»، اي زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون المدعوم من «الجناح» المسيحي في قوى «14 آذار» اي حزب «القوات اللبنانية» بقيادة سمير جعجع، وذلك لرفْضه، اي عون، النزول الى جلسة لا يضمن انها ستنتهي الى انتخابه، هو الذي لا يملك ورَقياً أكثر من 45 صوتاً.• ان الجلسة غاب عنها ايضاً مرشّح «الاحتياط» لـ «حزب الله» والرئيس السوري بشار الاسد اي زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، المدعوم من الجناح المسلم في قوى «14 آذار»، اي تيار «المستقبل» بقيادة الرئيس سعد الحريري، وذلك «انسجاماً» مع موقفه بأنه سيقاطع ايّ جلسة لا يحضرها «حزب الله» في حين يملك في جيْبه «دفترياً» نحو 70 صوتاً كفيلة بإيصاله الى قصر بعبدا في الدورة الثانية من اي جلسة انتخاب يتوافر نصابها (86 نائباً).• ان «حزب الله» يقف في المشهد الخلفي لتعطيل الاستحقاق «مختبئاً» وراء عون الذي يعيش على قناعة بأنه المرشّح «الحقيقي» للحزب وان الأخير في لحظةٍ ما قد «يمون» على فرنجية بالانسحاب من السباق الرئاسي او ان «معجزة» قد تتيح له الحصول على تأييد «المستقبل» لانتخابه. اما استمرار زعيم «المردة» في ترشحه فيبدو بمثابة «خط الدفاع» الثاني للحزب اذ انه يضيف «طبقة جديدة» من التعقيدات التي تؤخّر بتّ الاستحقاق الرئاسي الذي يريده «حزب الله» على طريقة «إما كل شيء او لا شيء»، مستفيداً من التحولات في الملف السوري ومراهِناً على عوامل جديدة تعزّز الموقع الاقليمي للمحور الذي يشكّل حلقة أساسية منه، وتالياً تتيح له تحقيق انتصارات «قالِبة للتوازنات» في لبنان تترجم «فائض القوة» العسكري الذي يملكه.• ان مرشِّحيْ عون وفرنجية، اي «القوات» و«المستقبل» حضرا الجلسة (أرجئت الى 2 مارس) رغم غياب «المرشَّحيْن»، وكانت مناسبة لمكوّنيْ «14 آذار» لتواصُل علني، أراداه من خلال خلوة الرئيس فؤاد السنيورة مع نائب رئيس «القوات» جورج عدوان، رسالة الى ان مسار ترميم العلاقة بين الجانبيْن يسلك طريقه رغم صعوبة توافقُهما على ارضية مشتركة في الملف الرئاسي الذي يبقى عالقاً كما قال عدوان عند خطوتين يجب ان تترافقا «الاولى يقوم بها (حزب الله) بأن يتفاهم مع النائب فرنجية لينسحب لمصلحة العماد عون، والثانية ضرورة تفاهم العماد عون مع مكوّنات (14 آذار) خصوصاً (تيار المستقبل) و(حزب الكتائب) للوصول إلى انتخابه رئيساً».وهكذا مرّ 8 فبراير كغيره من «اليوميات الرئاسية»، وإن كان سجّل حضوراً «نادراً» لرئيس البرلمان نبيه بري الى مقرّ مجلس النواب الى جانب نحو 57 نائباً لم يكن عددهم كافياً لافتتاح جلسة الانتخاب التي تحتاج الى نصاب الثلثين من الأعضاء الذين يتألّف منهم البرلمان، وسط اقتناع متزايد بأن الأفق الرئاسي ما زال مقفلاً بالكامل أقلّه في المدى المنظور رغم حصْر المعركة بين مرشحيْن من «8 آذار»، وان مسار الأزمة في سورية وإمكان تحوُّلها أرض مواجهة مباشرة و«بلا قفازات» بين السعودية وايران سيصعّب من فرص «اقتناص» تسوية قد لا تعود متاحة.وعلى وقْع موقفٍ للمنسّقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ التي لم تُخْفي في حديث صحافي نشر في بيروت، انها توجه دائماً رسالة الى الخارج بان «لا تأخذوا الاستقرار في لبنان أمراً مسلّماً به اذ ان هناك نقاط ضغط تحت السطح مثيرة للقلق وخطيرة»، تتجه الأنظار الى عناوين مالية واقتصادية تعكس مؤشرات مقلقة حيال الوضع اللبناني الذي يعاني استنزافاً حقيقياً في ضوء واقع «المؤسسات العرجاء» واستشراء حال الفساد والهدر ووقوع البلاد تحت حِمل النزوح السوري الذي بات يشكّل خطراً فعلياً على مستويات عدة ديموغرافية واجتماعية واقتصادية.وفي هذا السياق، تستقطب الأضواء الجلستان اللتان تعقدهما حكومة الرئيس تمام سلام بعد غد ثم الخميس وسيتخللهما بحثٌ في مجموعة بنود بينها درس السبل المتاحة لتعزيز موارد الخزينة التي تواجه صعوبات جدية، في ضوء تقارير عن تزايد حجم النفقات وقلة الإيرادات وعن الانكماش الاقتصادي.ويبدو واضحاً ان حال تَجاذُب كبير تسود داخل الحكومة حيال امكان طرح إقرار ضريبة (بين دولارين و 3 دولارات ونيف) على صفيحة البنزين لتغطية نفقات الانتخابات البلدية وتثبيت متطوعي الدفاع المدني وشراء معدات لضمان أمن المطار وأمور أخرى، وسط إعلان وزراء وقوفهم الحازم ضدّ اي توجّه بهذا المعنى يلقى قبولاً لدى فريق تيار «المستقبل» وأيضاً لدى بري الذي نقل عنه زواره انه شخصياً ضد زيادة خمسة آلاف ليرة على البنزين، موضحا أن الرفع بنسبة ثلاثة آلاف ليرة قد يكون قابلاً للنقاش، لأن هناك احتياجات مالية ملحة للدولة، محذراً من أن الوضع المالي بات صعباَ إلى حد أن وزير الدفاع رفع الصوت منبهاً إلى أن الجيش يواجه خطر النقص في الذخيرة بفعل الشح المالي.
خارجيات
«المستقبل» و«القوات» وجّها رسالة علنية حيال مسار ترميم علاقتهما
«ترحيل» الانتخابات الرئاسية في لبنان إلى مارس المقبل
05:41 ص