يبدو أن ملف قسائم أملاك الدولة مسلسل لم ينتهِ بعد، أبطاله الحقيقيون متنفذون وأصحاب مصالح وضعاف نفوس، وأحداثه تدور حول شبهات تنفيع وواسطات وفساد! فبعد التجاوزات الأخيرة التي انكشفت بخصوص منح القسائم الزراعية وما تبعها من تحرك نيابي لتشكيل لجنة تحقيق جديدة للبحث عن التجاوزات والتلاعبات التي تمت عند تخصيص هذه القسائم عبر الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية، عادت مرة أخرى قضية قسائم الصلبوخ لتطل علينا من جديد من خلال وزير التجارة والصناعة الدكتور يوسف العلي.وبالعودة قليلاً إلى الوراء، فقد قامت الهيئة العامة للصناعة بصفتها الجهة المسؤولة عن منح هذه القسائم لمستحقيها خلال فترة تولي الدكتور عبدالمحسن المدعج لوزارة التجارة والصناعة، من خلال لجنة تخصيص قسائم الصلبوخ، بدراسة كافة ملفات الشركات الممنوح لها حقوق الانتفاع بالأراضي المخصصة وذلك لفرز تلك الشركات بحيث يتم تحديد تلك التي لم تقم باستغلال المواقع المخصصة أو التي قامت باستغلالها في غير الغرض المرخص لها، أو تلك التي خالفت أي شرط من شروط التخصيص لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم بهذا الخصوص.ونتيجة لذلك، أصدرت اللجنة المعنية في الهيئة العامة للصناعة قرارها بسحب عدد من القسائم المتجاوزة، وفتحت الباب أمام أصحاب تلك الشركات لتقديم تظلماتهم لدراستها من قبل الإدارات واللجان المختصة بالهيئة. كانت تلك قرارات جريئة وشجاعة من قبل القائمين على الهيئة العامة للصناعة للحفاظ على المال العام وحمايته وكبح باب التجاوزات ووقف الهدر المستمر في منح أراضي الدولة (لكل من هب ودب)، وفتح الباب أمام بقية الشركات الراغبة والجادة والمتعطشة للدخول في سوق الصلبوخ المحتكر أصلاً من قبل عدد قليل من الشركات.وبعد استقبال التظلمات المقدمة، قامت الهيئة بدراستها من جميع الجوانب وأصدرت القرارات المتعلقة في شأن تلك التظلمات والتي من بينها إعادة التأكيد على سحب القسائم المتجاوزة، في خطوة إيجابية وإصلاحية تحسب لمصلحة الهيئة والقائمين عليها. ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟قرر وزير التجارة والصناعة، وهو أيضا رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للصناعة، تحويل ملف سحب قسائم الصلبوخ إليه منفرداً، وأوقف قرار سحب تلك القسائم والذي صدر قبل أكثر من عام! متجاوزاً بذلك قرارات اللجنة المختصة من دون سبب واضح! ويبدو أن الوزير سيصدر قراراً بإعادة هذه القسائم لأصحابها بعد أن تم سحبها من قبل اللجنة المختصة وفقاً لما أشارت إليه جريدة الجريدة!والأدهى من ذلك، أن الوزير قام بتسلم التظلمات مرة أخرى من أصحاب تلك القسائم وعقد اجتماعات مباشرة معهم، رغم أن اللجنة المختصة كانت قد قامت بإتمام جميع الإجراءات اللازمة، وأصدرت القرارات المتعلقة بهذا الخصوص، في تجاوز واضح وصريح للهيكل الإداري والتنظيمي للهيئة! والغريب في الموضوع، أن الوزير بعد أن طلب ملف سحب القسائم، قام بعمل تعديلات على شروط وضوابط تخصيص وسحب قسائم الصلبوخ، في إجراء يثير علامات تعجب واستفهام كثيرة، خصوصاً في توقيته وطريقة تنفيذه!فهل يعقل ذلك؟Email: boadeeb@yahoo.com
مقالات
اجتهادات
أملاك الدولة... هل يُعقل ذلك؟!
12:04 ص