يلتئم مجلس الوزراء اللبناني اليوم، في جلسة ستشهد نقاشاً محتدماً حيال ملفين، أوّلهما سياسي ديبلوماسي، والثاني سياسي - قضائي، ينذران بتحمية المناخ الداخلي، وإن من دون ان يخرج عن الضوابط التي تمنع تفلّته من صمامات الأمان التي تمنع انزلاقه الى التوتر العالي.الملف الاول يتعلّق بالسياسة الخارجية للبنان في ضوء موقفيْ الوزير جبران باسيل، في كل من اجتماعيْ وزراء الخارجية العرب في القاهرة، ثم في المؤتمر الاسلامي في جدة، بالنأي بالنفس عن الإجماع العربي على إدانة ايران والاعتداءات على السفارة السعودية في طهران وتدخّل الاخيرة في الدول العربية، وهو ما كان دفع رئيس الحكومة تمام سلام الى اتخاذ موقف متقدّم ينتقد سياسات ايران من دافوس.ويأتي بحث هذا الملف، الذي حضر بشكل عرَضي على طاولة الحوار الوطني امس، على وقع الكشف عن انه أخذ حيزاً كبيراً من المداولات في اجتماع «كتلة المستقبل» (الرئيس سعد الحريري) اول من امس، التي دعت الحكومة إلى أن «تبادر إلى توضيح سياستها الخارجية، وبالتالي المبادرة إلى العودة للتمسّك الواضح والصريح بانتماء لبنان العربي في مواجهة محاولات فصله عن عروبته ودفعه إلى أحضان إيران».وجاء هذا الموقف وسط مخاوف نقلتها صحيفة «اللواء» عن مصدر نيابي في «المستقبل»، واستناداً إلى قراءتها لما يُكتب في الصحف الخليجية والسعودية تحديداً، من أن أوضاع اللبنانيين في الخليج غير مطمئنة، وأن المخاطر التي قد يتعرّضون لها حقيقية، متوقّعة فرض عقوبات واتخاذ إجراءات بحق هؤلاء، خلال الساعات المقبلة.وكان لافتاً في هذا السياق ما غرّد به وزير العدل اللواء أشرف ريفي عبر «تويتر» امس، إذ كتب: «أقول للاخوة الخليجيين والإخوة العرب: نحن لبنانيون عرب ولن نكون إلا لبنانيين عرباً، وسنبقى كذلك، فهذا تاريخنا. لا تؤاخذونا ولا تؤاخذوا أهلنا بما فعل المرتهَنون منا».اما الملف الثاني على طاولة مجلس الوزراء فيتمثّل في طلب إحالة ملف الوزير السابق ميشال سماحة على المجلس العدلي، في ضوء إطلاق سبيله من محكمة التمييز العسكرية لقاء كفالة مالية، في قضية نقل متفجرات بسيارته من سورية، سلّمه اياها اللواء علي مملوك، لتنفيذ تفجيرات واغتيالات ارهابية وفتنوية في شمال لبنان صيف 2012.وعلى وقع ترقُّب كباش فعلي حول هذه القضية في ظل رفض «حزب الله» لمثل هذه الإحالة وتمسُّك «المستقبل» وحلفائه في «14 آذار» لها، تشخص الأنظار على سلوك وزراء المرشحيْن للرئاسة حيالها، اي العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، وهل سيعتمدان سياسية «النأي بالنفس» عن موقف الحزب ام لا، في سياق توجيه رسائل بأنهما «مرشحا منتصف الطريق».وكان الأبرز عشية بتّ هذا الملف ما كُشف من أنه في إطار مواكبة المستجدات ذات الصلة بقرار محكمة التمييز العسكرية القاضي بتخلية سماحة، حصل تغيير في هيكلية أعضاء المحكمة، بحيث أصبحت تتألف في هيئتها الأساسية الناظرة في الدعاوى الجنائية، من عضوية كل من الضباط العميد الركن غبريال خليفة والعميد سامي الخوري (بديلاً من العميد جان غرغوار الجميل) والعميد منير مخللاتي (بديلاً من العميد أسامة عطشان) والعميد الركن حسن أبي حيدر (بديلاً من العميد علي أبي رعد).واعتُبر تغيير أعضاء محكمة التمييز العسكرية بمثابة «تعويض» للمعترضين على قرارها تخلية سماحة وتمهيد لامتصاص الاعتراض على بقاء هذا الملف في عهدتها، لاستكمال إعادة محاكمة الوزير السابق أمامها.
خارجيات
حكومة سلام أمام تحدّي احتواء «الغضبة» الخليجية على سياسة لبنان الخارجية
05:51 ص