جاء شهر رمضان... شهر الخيرات، وقد تعود المسلمون على معايدة بعضهم بمقولة شهيرة وهي «رمضان كريم» للدلالة على الكرم والعطاء وفعل الخيرات في هذا الشهر الكريم، ومنها الصدقات وإطعام الفقراء فهي من أفضل القربات في هذا الشهر الكريم.
وقبل الشهر الكريم بيومين أذاعت «قناة الجزيرة» بتاريخ 29 أغسطس تقريراً تضمن مناشدة من مبعوث الأمم المتحدة للعالم لإنقاذ ثلاثة ملايين صومالي مسلم على حافة خطر المجاعة الشديدة.
ومن اللافت أن المناشدة جاءت من الأمم المتحدة، وليس من الجامعة العربية، ولا من «منظمة المؤتمر الإسلامي» حيث إن الصومال دولة عربية إسلامية. وقد انتظرت بعد الخبر أن تسارع الدول العربية والإسلامية أو الجمعيات الخيرية، أو أن يسارع أثرياء المسلمين لنجدة إخوانهم، فلم أسمع همساً من أي منهم.
رغم أن بعض الدول تسارع لإرسال المعونات لمنكوبي الزلزال في بعض الدول الغربية المتضرر سكانها من الزلزال.
ويزداد حزن المسلم وكمده عندما يقرأ تقريراً لـ «مؤسسة ميريل لينش المالية العالمية» وهي تحصي عدد المليونيرات في المنطقة العربية بـ 395 ألف مليونير بمجموع ثروة يقدر بمبلغ 1.7تريليون دولار.
إنه لواقع مُحزن أن نجد ثلاثة ملايين مسلم يتعرضون للمجاعة، و395 ألف مليونير مسلم يتركونهم ينتظرون الموت جوعاً، أين الرحمة والأخوة، أين حق الله في أموالهم؟
ومن اللافت أن نجد أحياناً أثرياء المسلمين في حفلاتهم يُلقون بكميات كبيرة من الطعام في القمامة، وثراؤهم بلغ حد السفاهة في الإنفاق، بالطبع ليس كلهم فمنهم المنفقون في سبيل الله الصادقون ولكنهم قلة قليلة جداً.
وفي شهر رمضان الكريم يتسابق الكثير من المسلمين في صنع الموائد ويسمونها موائد الرحمن، فأين التسابق لسد جوع وحاجة المسلمين؟ وكأن الرحمن يناديهم من أرض الصومال «ياعبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم».
والله إن إخوتنا في الصومال اليوم يشكون إلى الله ظلم إخوانهم المسلمين لهم، وغداً سيقفون بين يدي الله بمظلمتهم وشكواهم.
الصومال دولة عربية إسلامية 95 في المئة من سكانها مسلمون، والجامعة العربية والدول العربية تركوها فريسة لأنياب العدوان الأثيوبي المدعوم من الطغيان الأميركي، وإذا كانت موازين القوى والضعف العربي هما السبب في عدم التدخل من أجل إنقاذ الصومال من الاحتلال لكن ما العذر لعدم إنقاذ شعب الصومال من الجوع؟
إن المنظمات التنصيرية تستغل حالات المجاعة والفقر وتتسابق للتنصير في أفريقيا، والآن تتجه إلى الصومال، كما فعلت في النيجر الدولة المسلمة التي تعرضت للجفاف والمجاعة ولم يسارع إلى نجدتهم إلا القلة القليلة من المسلمين، في الوقت الذي تسارعت فيه منظمات التنصير الممولة من الفاتيكان إلى النيجر، وهاهو المشهد يتكرر.
ومن المحزن أن نقرأ تلك الأخبار: أحد المسلمين يشحن سيارته إلى بريطانيا من أجل تغيير زيت الموتور وتتكلف عملية الشحن 18 ألف جنيه استرليني، في الوقت الذي لا يجد فيه ثلاثة ملايين مسلم شربة ماء أو قطعة لحم تلين أمعاءهم التي يبست. أندية عربية تعرض ملايين الدولارات من أجل شراء لاعب كرة يجري وراء الكرة ويدخلها الشبكة، في الوقت الذي لا يجد فيه ثلاثة ملايين مسلم طعاماً يدخلونه في أفواههم. قنوات فضائية يملكها مسلمون ينفقون ملايين الدولارات من أجل عمل مسلسلات شهر رمضان، ولا يجد مليون دولار طريقه إلى ثلاثة ملايين مسلم يموتون جوعى في مشهد مأساوي لن ينساه التاريخ.
وهنا لا ننسى أن ننسب الفضل لأصحاب الفضل، وهي «لجنة مسلمي أفريقيا بالكويت» ورئيسها الرجل الفاضل، الذي يساوي مليون رجل، عبدالرحمن السميط بارك الله فيه، وهو الذي يقوم بجهد جبار في مساعدة فقراء أفريقيا.
وأخيراً إن الفقه والشريعة الاسلامية تجعل السعي لقضاء حاجة المسلمين وحفظهم من الفتنة في دينهم وتأليف قلوبهم فرضاً أفضل عند الله من صلاة القيام والاعتكاف في البيت الحرام، فهلموا إلى الخير يامسلمون في شهر الخير وأطعموا إخوانكم في الصومال، وأيضاً في غزة هاشم المحاصرة في فلسطين. ورمضان كريم.
ممدوح إسماعيل
محام وكاتب
elsharia5@hotmail.com