إذا أمعن الانسان في شيء فدقق فيه نظره يقال في لهجة الزمن الجميل «خزه» وإذا «خز» المرء شيئاً فإنه يجعل جل اهتمامه فيه ولا ينظر إلى شيء غيره ولا يسمع ما يدور حوله من حوار وإذا كان ماشياً قد يصطدم برفيقه كأنه لم يعرفه لأنه «يخز» شيئاً ما كالذين يخزون لوحة الأسهم في البورصة أيام انتعاشها والكل يجدّ ليحصد ما بذره من نتائج اسهمه فإنه لا يرى عن يمينه ولا شماله ولا من أمامه إلا لوحة الأسهم.فقد يصطدم بمن حوله وهو يعرفه، ولكن معرفة المال وتحقيق الأرباح و«خز» لوحة التداول أفقدته معرفة كل شيء، هذه الحالة تتكرر ونراها كل يوم مع الذين يتعاملون مع أجهزة الاتصال الاجتماعي فإذا دخلت ديواناً تجدهم صامتين كل له شأن يغنيه فترى أحدهم يضحك على ما يشاهده من نكات، وآخر يتحمس لموقف فيدافع عنه بينهُ وبين نفسه، وثالث مشغول بإرسال الرسائل لرفيق له وهو لا يجلس معه في هذا الديوان، ورابع يتحاور مع آخرين وقد فتح ديوانية أخرى وترك الديوان الذي هو فيه.عجيب!!وضع بعض الناس مع هذه الوسائل التي قربت البعيد وجعلت الدنيا قرية واحدة وبسطت الحقائق وقربت المعلومات وأتت بالخبرات على مختلف أنواعها، وبثت العلوم وجعلت المصادر للآداب بين أيدي الناس.فأين الذين يستخدمونها استخداماً طيباً فتثري ثقافتهم وتصقل ميولهم وتنمي أفكارهم وتطلعهم على عادات مختلفة وثقافات متباينة على عكس الذين يستغلونها للفاحشة واللهو والولوغ بالموبقات، وأمثلة هذه الحوادث كثيرة وعديدة ومختلفة لا نأتي عليها بمقالة بل تحتاج لكتب كثيرة ومهما أراد الإنسان أن يتثقف فإن مصادر الثقافة كثيرة وإن وسائل الاتصال هي أحد روافد الثقافة يلجأ إليها الانسان اذا احتاج تنمية وثقافة ومعرفة ولتكن الديوانية كما كانت هي منتدى ثقافي واجتماعي واقتصادي تتداول فيه الخبرات ولنجعل الناس يتحاورون على طبيعتهم، ولنترك «خز» الأجهزة في لقاءاتنا الاجتماعية المختلفة ولنتحاور في معلومات شتى ولا نجعل هذا الجهاز شغلنا الشاغل فنلجأ إليه كلما سمعنا حقيقة نجادل بها من غير معرفة، ونجعل هذا الجهاز حكماً في كل لحظة.فلينطلق الفكر وليحترم الناس آراء الناس ومعلوماتهم وخبراتهم أثناء حوارهم لأن الحوار الهادئ هو الذي يوصل إلى الحقيقة والجدال بالتي هي أحسن هو الذي يهدي إلى السبيل وما لنا إلا أن نقول:وتعطلت لغة الكلام وخاطبتقلبي بأحلى قبلة شفتاكِوبلغت بعض مآربي إذ حدثتعيني في لغة الهوى عيناكِ
مقالات
حروف باسمة
الخز... الخز
11:46 ص