شدد الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب أنه رجل دين لا سياسة، وأنه يبحث عن لم الشمل والوفاق وليس الفرقة والاختلاف، وتوحيد صف المسلمين وتضييق الخلاف في ما بينهم»، متحاشيا الحديث عن وضع جماعة الاخوان المسلمين على قائمة الارهاب في مصر وعدد من الدول العربية.وقال الطيب الذي سمي بـ«شخصية مهرجان القرين الثقافي»، في حوار مفتوح مع نخبة من المثقفين والمفكرين والأدباء الكويتيين وقياديي المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب، بحضور وزير الاعلام وزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود والامين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون المهندس علي اليوحة في مكتبة الكويت الوطنية، أمس، قال إن «الازهر رغم كل ما يوجه اليه من هجوم مركز وممنهج يقاتل على اكثر من جبهة» واصفاً مشيخة الازهر بالقلعة المتقدمة للدفاع عن الاسلام ووسطيته.واضاف «نحن الان نواجه ما يسمى جماعة (داعش) تلك النبتة الشيطانية التي ظهرت من دون سابق انذار، بقوة وحداثة تسليحها وتقدمها التكنولوجي وتفوقها في ما يسمى بنظم المعلومات، وانتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي، اصبحنا خط المواجهة لها بعد ان القي بكل الحمل على الازهر الشريف»، لافتا إلى أن «ظهور( داعش) جاء نتيجة عوامل خارجية وداخلية، وما يهمني العوامل الداخلية التي بدأت بتوجسنا من بعضنا وخلافنا العقائدي والفكري والتشكيك في وطنية بعضنا بعضا، والتعصب المذهبي والتكفير لبعضنا بعضا، وهذا كله يحاربه الازهر ويقف له بالمرصاد»، مبيناً ان «الازهر راجع مناهجه الدراسية وطورها».واكد الطيب ان «الازهر منبر الوسطية والاعتدال، ومنارة العلم الشرعي منذ انشائه في عام 972 ميلادية حتى تاريخه اي منذ 1044 عاماً، وقد اسس في بداية الامر كمدرسة للمنهج الشيعي ولكن سرعان ما تحول لنبراس ومنارة المذهب السني». واوضح ان «الأزهر جامع وجامعة يضم 67 كلية للتعليم الجامعي، اضافة إلى المدارس والمعاهد الابتدائية والاعدادية والثانوية العامة منها والخاصة، ويقدم العلوم الشرعية من فقة وتوحيد وشريعة، والعلوم الطبيعية من كيمياء وفيزياء ورياضيات وغيرها، واللغويات من العربية الام إلى مختلف اللغات الاخرى».وأضاف الطيب ان «الازهر يدرس الدين الاسلامي بمختلف مذاهبه حتى المذهب الذي انقرض اهله كالمذهب الظاهري».واستطرد «لدينا 400 الف طالب وطالبة بمختلف مراحلهم التعليمية بينهم 40 ألفاً من 110 دولة»،مشددا على ان «وسطية الازهر ناتجة من مناهج التعددية. حيث يختار الطالب مذهباً يدرس على اساسه، فتجد الطالب المالكي يؤم في الصلاة زميله الشافعي والحنبلي والحنفي»، واصفاً ذلك بالتدريب العملي على قبول الآخر وعدم إقصائه أو رفضه أياً ما كان مذهبه او فكره او توجهه.وضرب الطيب مثالاً بتجربته الدراسية حيث قال انه التحق بالازهر للدراسة في العام 1956 وتلقى العلوم الشرعية على مذهب الامام مالك وسكن كطالب مع اخوانه وزملائه من المذاهب الاخرى من دون الشعور بأي فرق بل بإيمان بأن الكل على صواب وعلى طريق الحق، واصفاً الخلاف بين الائمة بالطبيعي والصحي. وقال ان الازهر «يُدرس لطلابه المذاهب كلها من زيدية واثنى عشرية واشعرية والمذهب الاباضي وغيرها من المذاهب ليس من منطلق انها مذاهب باطلة او منحرفة وانما على اساس كل يأخذ منه ويرد عليه، وذلك هو اساس اعتدال الازهر ووسطيته، وتلك التعددية والتنوع الفكري جعلا الازهر لا يكفر ولا يقصي الآخر».ولفت إلى أن «وسطية مصر في اساسها ليست من عبقرية الثقافة المصرية بقدر ما هي متأثرة بالازهر ووسطيته حيث انك لا تجد في المحروسة مذهبا يرفض آخر او يطغى على مذهب»، مبيناً ان «مصر بها المذاهب الاربعة المالكي، والحنبلي، والشافعي، والحنفي حيث ان القضاء في مصر يعمل على اساس المذهب الحنفي». وتابع ان «الاختلاف في اطار هدف واحد مطلوب ومحبب. الصحابة حدث بينهم خلاف حتى ان عمر بن عبدالعزيز قال لا يسرني ان لا يختلف الصحابة».وقال الامام الاكبر: «اعتقد ان الاسلام هو الدين الوحيد الذي فتح الباب على مصراعيه لقبول الخلاف والتعددية وقبول الاخر»، مضيفاً «للاسف استطاع الغرب خلق خلاف بين الثقافة الغربية والاسلامية، بحيث صدّر ثقافتنا كعدو للعلمانية (الثقافة الغربية) على خلفية دينية واصبح كل ما هو علماني مرفوض عند المسلمين وكل ما هو اسلامي مرفوض لدى العلمانيين، وهذا غير صحيح جملة وتفصيلاً».واوضح شيخ الازهر ان «الاستعمار لكي يقضي على حلم الوحدة والقومية تسبب في تراجع اللغة العربية كونها رابطا مهما للاتحاد في ما بيننا حيث في عهد الاستعمار كانت الحصص الاولى في المدارس للعلوم كالرياضيات والفيزياء على ايدي اساتذة شباب يمتلكون الحيوية والنشاط والانطلاق، وجعل حصة اللغة العربية الحصة السابعة في نهاية اليوم بعد ان يكون الطالب استنفد كل طاقته على يد استاذ مُسن يضيع وقت الدراسة في السعال لربط ذهن التلميذ صعوبة اللغة العربية وقدامتها مقابل حداثة العلوم الاخرى إلى ان اصبح الان عدم اجادة اللغة العربية او الجهل بها مدعاة تفاخر للكثير من الاسر العربية ودليل على التعليم الراقي بالمدارس الاجنبية».وبين ان «الازهر أدخل مناهج جديدة باسم الثقافة الاسلامية على المرحلتين الاعدادية والثانوية ليعالج من خلالها قضايا مثل الجهاد والهجرة والحاكمية والتكفير والمرأة وغير المسلم وكيفية التعامل معه»، موضحا ان «التطور التعليمي واقرار المناهج الجديدة في الازهر لتسليح الطلبة وتحصينهم ضد الاستقطاب الفكري المتطرف». وعن الجامعة بيّن ان مادة الثقافة الاسلامية مطبقة في الجامعة بكل كلياتها ولكن بتوسع اكثر من المراحل التعليمية الاخرى.وقال الطيب «شرفت برئاسة مجلس حكماء المسلمين لإطفاء الحرائق بين المسلمين عموماً وفي الوطن العربي خصوصاً، فالدم العربي الان يسيل بسبب خلاف مذهبي فقهي. على اساس مذهبي يقتل بعضنا بعضا ويستحل المسلم دم اخيه المسلم وان رجعنا للحق فهذا لا يصلح ان يكون سبباً للمأسي التي نعيشها. فسورية تحطمت وفي لبنان، عبث وصراع قاتل، وليبيا خلص امرها في ساعتين، العراق تحطم». وذكر ان «الغرب يغذي الخلاف بين العرب المسلمين ليستفيد هو ويتفرد، ولتربح مصانع الاسلحة لديه، خصوصاً وان الحرب في عصرنا لا توجد الا في بلاد العرب والمسلمين، فروسيا هادئة واستراليا ساكنة واليابان مستقرة، الحرب لدينا نحن فقط نحن نقتل وهم يربحون، للاسف العرب والمسلمون يموتون بعد ان يدفعوا ثمن الموت من اموالهم. تخيل لو ان بلادنا هادئة ومستقرة كيف يكون حالنا وحالهم اين ستذهب تلك الاسلحة، ستتوقف مصانع وتفلس وتنهض امتنا وتزدهر وهم لم يقدروا لنا ذلك ونحن ساعدناهم على تنفيذ مخططهم لنا».
محليات
رأى في حوار المكتبة الوطنية المفتوح أن الغرب صدّر إلينا الحرب والقتل... «نحن نموت وهم سالمون رابحون»
شيخ الأزهر: أنا رجل دين لا سياسة... وأبحث عن الوفاق
11:57 م