نفقد بين كل فترة وأخرى صديقا أو قريبا أو جارا ونتأثر بوفاته سواء كان صاحب أثر في المجتمع أو لم يكن كذلك، وأعظم ما نتأثر به عندما نفتقد شخصية كبيرة ومؤثرة في المجتمع القريب أو بالأمة بشكل عام، حتى لو لم تربطنا علاقة قوية بهذه الشخصية، أننا نألم ونحزن لهذا الفراق خاصة إذا كان الفقيد صاحب أثر بالغ في المجتمع. وقد تألمت عندما سمعت بخبر وفاة العم الفاضل الشيخ جاسم محمد مالك الكندري بوعبدالله والذي يشتهر بين أهل الكويت «بجاسم ملك بوعبد الله»، وحقيقة لا تربطني أي علاقة شخصية بهذا الداعية الطيب ولكن كنت أراه يتردد على مسجدنا كثيراً «لولوة الزبن بمنطقة بيان» وكلّما يزورنا المسجد أجد ترحيب المصلّين به (صغيرهم وكبيرهم) وكنت أشاهده بالمقبرة غالباً، ولعلّ بعض الناس في بلدنا أو في البلاد الأخرى يسألوننا ماهي مناقب الراحل رحمه الله حتى فوجئنا بهذا القدر الكبير من محبة الناس والدعاء له والكتابة عنه وخاصة حضور جنازته «وهذا ماكنت أتوقعه بلا شك» فوجدت أن الشيخ بوعبدالله رحمه الله تميز في عدة أمور:- تميزه بالجانب الإيماني في الحرص على العبادة خاصة بالمساجد ويذكر الشيخ الفاضل محمد العلي أن الشيخ بوعبدالله رحمه الله في فترة الاحتلال عام 1990 كان يطارده جنود البعث ويتنقل من بيت إلى آخر وعندما استقرّ عندهم بالبيت كانوا يلحّون عليه بالصلاة بالبيت خشية اعتقاله ولكن كان رحمة الله عليه بإصرار كبير يذهب للصلاة في المسجد.- حرصه على حضور الجنائز حتى كان الذي يأتي للمقبرة يشاهده هناك، ويندر عدم وجوده لأنه لا يكتفي بالحضور فقط ولكن يعزي أهالي جميع الموتى.- نشاطه في الجانب الدعوي فقد كان سريع الحركة في مساجد ومناطق الكويت وكان من ثمرة دعوته تتلمذ العديد من الشباب بمختلف الأعمار على يده.- بعده عن الصراعات والتصنيف الحزبي والجدال ولذلك يُلاحظ قلّة خصوماته وعداواته ومن ينتبه وقت وفاته يجد كل التيّارات والمشايخ من كافة المشارب تفاعلت معه بالدعاء والترحم وذكر المناقب.- خلقه العالي يشهد لي بعض الثقات أن حتى من قاموا بالاساءة له ببعض المواقف لا يذكرهم بسوء ولا ينتقص منهم.- قوة ذاكرته وحفظه للأسماء ومعرفته بأهل الكويت بكافة تنوعاتهم وأذكر عندما عرفته بمسجدنا سألني عن الاسم والعائلة ثم قام بذكر مجموعة من الأهل وسكنهم، وأذكر أنه في إحدى المرات رأينا بوعبدالله رحمه الله مع مجموعة من الشباب فذكرنا قوة معرفته وذاكرته فقال أحد الشباب أنتم تبالغون فقلنا له اذهب بنفسك وتأكد وفعلاً ذهب صاحبنا الى بوعبدالله وتعرف عليه وسأله عن اسمه والعائلة وذكر له أسماء أعمامه وأخواله وسكنهم.- بذله الكبير في عمل الخير والتبرعات من أعمال معروفة وغير معروفة وفي الكويت وخارجها وبعد وفاته عرف بعض الأقرباء منه جهوده الخيرة التي لا يعلمها أحد.رحم الله الشيخ الداعية بوعبدالله جاسم مالك الكندري وفعلاً نعيش في زمن صعب عندما نفتقد رجال الدعوة والصحوة...هؤلاء الرجال الذين من ثمرتهم أئمة مساجد ومشايخ ودكاترة بالشريعة وأجمل ما فيهم التواضع وعدم حب البروز ولذلك قيل للفاروق رضي الله عنه في أحد المعارك استشهد فلان وفلان ورجال لا نعرفهم فقال رضي الله عنه ولكن الله يعرفهم.bomo6ar@gmail.com