على قاعدة أن «استجواب المصالح غير صالح»... خرج وزير الصحة الدكتورعلي العبيدي أمس من مواجهة الاستجواب «بوجه أبيض» على قول النواب، عقب مرافعته الطويلة و«المقنعة» على المنصة، مقدماً فيها التفاصيل والوثائق والحقائق والوقائع والأحداث أمام نواب «انتظروا المرافعة ليقرروا» تجديد الثقة بلا طلبات ولا اقتراحات ولاحتى توصيات.وكانت الجلسة التي استمرت زهاء 10 ساعات، شهدت مناقشة هادئة لمادة الاستجواب، بعد حديث النائبين راكان النصف وحمدان العازمي عن تجاوزات مالية وإدارية في وزارة الصحة، وتبودلت فيها الاتهامات بين الطرفين - المؤيد والمعارض للاستجواب - بتنفيذ أجندة «مصالح خاصة».وأكد العبيدي في تصريح للصحافيين عقب الجلسة سعيه والعاملين في الوزارة «بتسهيل الخدمات الطبية للمواطنين والمقيمين على هذه الأرض الطيبة والرقي بها ووضع بروتوكولات تحمي حقوق المريض في علاجه في القطاعين الحكومي والخاص».وشكر العبيدي، رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك«لدعمه المتواصل لتنمية القطاع الصحي في البلاد»، مشيراً إلى أن «الوزارة أنجزت الكثير وسننجز في القريب المقبل».وأضاف:«انتهينا اليوم من تفنيد محاور الاستجواب دون تقديم أي ورقة»، شاكراً «أعضاء المجلس على هذه الثقة الغالية».وعبرالعبيدي أيضاً عن شكره إلى رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم على حسن إدارته للجلسة أملاً أن «ينتهي هدف الجميع إلى مصلحة واحدة هي خدمة الوطن والمواطن».وكان الوزير العبيدي رد مفنداً محاور الاستجواب، مبيناً أن «إنقاذ حياة المرضى وتخفيف المعاناة عنهم واسعاف المصابين هي الأوسمة التي أنشدها تقرباً إلى مرضاة الله وخدمة بلدي».وقال: «يشهد الله بأننا في وزارة الصحة من أعلى الهرم إلى قاعدته قصينا الحق من أنفسنا ووقفنا على مكامن الخلل وحاسبنا من يجب أن يحاسب».وقدّم العبيدي «أجندة الإصلاح الصحي التي انطلقت في وزارة الصحة والإنجازات التي تحققت، منها النقل الجوي وبرامج الكشف عن الأورام»، مضيفاً: «تعودت في الوقوف في الصف الأول والله حسبنا ونعم الوكيل».وعن محور الأخطاء الطبية، قال العبيدي إن «الخطأ الطبي يكون في حال وجود إهمال أو تقصير، مشيراً إلى ان الجهات المختصة والطب الشرعي هي المعنية بتحديد وجود الخطأ».وأشار إلى أن في ألمانيا هناك 17 ألف شخص توفوا في 2010 بسبب الأخطاء الطبية، لافتاً إلى ان «هذه دراسات منشورة في مجلات أجنبية».وذكر ان «الأخطاء الطبية لم تزدد في عهد العبيدي والأرقام متقاربة في جميع السنوات»، مضيفاً: «نحن لا نخضع للضغوط الشعبية، فهناك لجان تحقيق والمخطئ سيحاسب».وتابع: «أقبل بالمساءلة السياسية إذا لم أتخذ اجراءات لكني عملت بالإجراءات وبمسطرة واحدة وقمت بواجبي».وعن وفاة المرحوم العازمي قال: «وصلتني معلومة ان هناك خطأ طبياً في مستشفى الجهراء في (الويك ايند) وشكلت لجنة تحقيق وتبين ان الطبيب كان يعمل بنظام (اللوكم) وهو نظام عالمي يتيح استقدام أطباء زائرين من الخارج»، لافتاً إلى ان «الطبيب سافر ولم نتمكن من منعه من السفر بكل صراحة».وتابع: «وجهت كتاباً إلى (الداخلية) لكن لم تكن هناك شكوى رسمية، ولا أحد يمنعه»، مشيراً إلى ان «الطبيب خرج قبل أن تبدأ اللجنة عملها والآن الموضوع في عهدة النيابة».ونفى العبيدي ان يكون فصل طبيبين من أجل التكسب السياسي وقال مخاطباً حمدان العازمي: «مو أنا اللي أسويها... أفصل طبيباً علشان الاستجواب ... غلطان يالعازمي».ورداً على محور شراء الأدوية قال العبيدي: «أستغفر الله لما قيل بأننا حولنا قطاع الأدوية إلى ربح غير مشروع، وهذا الكلام تأخذ فيه مكسباً معيناً لكن أنا ما راح أسكت فيه، أنا شفاف وليس لديّ ما أخشاه»، مؤكداً ان «الدعامات الذكية هي صرعة في علاج القلب وشراءها تم وفق الإجراءات واللجان المختصة».وتحدث العبيدي بالتفصيل عما ورد في الاستجواب في شأن «جل الجروح»، مشيراً إلى أن ما قدم كان عروض أسعار وتم تأجيل الشراء».وعن الشركة التي تولت علاج المرضى في التشيك، قال العبيدي انه في السابق كانت الخطوط الجوية الكويتية تتولى العملية لكن بعد ملاحظات ديوان المحاسبة ووزارة الخارجية والشكاوى حول «الكويتية» تقدمت الوزارة بعرض الممارسة على 3 شركات لمعالجة الخلل القائم.وأشار إلى أن «الوزارة كانت تتعاقد من دون الرجوع إلى ديوان المحاسبة ولم يكن في بالها ان الاعداد ستزداد بهذا الحجم لتذهب إلى الديوان وسنلتزم بما يقرره الديوان في هذا الشأن».وقدّم العبيدي كتاباً رسمياً يبين أن «الكويتية» كانت تتولى تقديم هذه الخدمة بكلفة تصل الى 15 مليون دينار في حين أن الشركة الحالية تقدم هذه الخدمة وتتقاضى 4 ملايين دينار.وتعليقاً على محور جلب الهيئات التمريضية للمستشفيات، رفض العبيدي «التكسب غير الأخلاقي»، مشيراً إلى أنه لا يملك الآن اجراء التحقيق مع الشركات الهندية أو الخاصة متسائلاً: «كيف يمكن اتخاذ اجراءات؟».وفي شأن ما ورد في الاستجواب بما يخص «الممرضات من دبي» قال: «ما راح اطوف هذا الموضوع ... بالفعل تقدمت شركة للتعاقد وجلب ممرضات من دبي يدخلن بفيز سياحية، لكني وعندما سمعت بوجود تلاعب في التعاقد مع الشركة أوقفت كل شيء لانني وزير أريد الإصلاح ولا يمكن أن أصفق بيد واحدة».وتحدث العبيدي عن محور استغلال المنصب الوزاري مفصلاً فيه باهتمام «لأنه يهمني الحديث عنه فهو يمسني بشكل مباشر... يمس العبيدي كمواطن قبل أن يكون وزيراً»، وأضاف: «كنت أول من يقدم الذمة المالية ولا أقبل الطعن بذمتي ومستعد لتقديمها مرة أخرى، يقولون إن هناك شركة مملوكة للوزير ثم يعودون للقول بأنه يريد العودة اليها!».وزاد: «ليس لدي شركة ولا اخواني ولا أبناء عمي حتى أريحكم ولا أقبل الطعن بذمتي»، مشيراً الى أنه عندما غادر الوزارة في 2012 عمل على تأسيس شركة لكنه تخارج منها «رسمياً وأخلاقيا» عقب عودته للمنصب الوزاري فوراً.وقال: «لو كنت أريد الاستفادة والتنفيع لذهبت لشركات غير الشركة التي أسستها وخرجت منها، ولو أردت تنفيع الشركة لرسيت عليها مناقصات بالملايين وليس بالاسعار التي حصلت عليها».وأضاف: «ليس لدي ما أخشّه وليس لدي ما أخفيه» مقدماً ما يثبت موافقات اللجان الطبية التي وافقت على ترسية دواء العمل بحضور 5 أطباء، متسائلاً: «إذا لم يكن لدى العبيدي ذمة في هذه المناقصة، فهل من المعقول أن يكون الأطباء الخمسة بلا ذمة ويأتمرون بأمر الوزير؟».وقدم العبيدي عرضاً تفصيلياً عن المكتب الصحي في الولايات المتحدة الذي اكتشف فيه التعديات على المال العام في ظل مطالبة المستشفيات الأميركية المكتب بالملايين.وقال: «لو عاد بي الزمان لاتخذت نفس القرار بعودة المكتب وتمت الاستعانة بالشركة خصوصاً أن هناك فواتير لم تدفع والأمر بحاجة الى استعجال».وعرض العبيدي ما يدلل «حجم التوفير الذي حققته الوزارة بالتعاقد مع الشركة لتدقيق القوانين».وتحدث عن شركة الخدمات الطبية، لافتاً الى أن مطالبتها كانت مستحقة خصوصاً أن هناك سكانا دخلوا على منطقة الأحمدي الصحية، وهو أمر لم يتم الاتفاق عليه عند إبرام العقد ولم يُمنحوا أي زيادة والتجديد للشركة كان في 2013 أي ليس في عهدي».وعبر العبيدي عن ألمه إزاء حادثة انتحال صفة طبيب «الذي كان يأتي في الليل ويطلب من الطبيب المناوب أن يحضر مع الأطباء للتعلم لكنه لم يدخل العمليات نهائياً وإنما غرفة الحوادث»، موضحاً أن «هذا المزيف استمر 5 أشهر وعلى فترات متقطعة».وتساءل: «ما هو دور الوزير في هذه القضية، إذ إني أمرت فوراً بإحالة الموضوع على النيابة وأنا خارج البلاد لاني حريص على صحة الناس وكذلك شكلنا لجنة تحقيق واتخذنا قرارات بالعقوبة على مسؤولين نظراً لوجود إهمال ؟».وعن الربط الآلي، قال العبيدي، إنه يأتي ضمن مشاريع مشتركة بين الكويت وبريطانيا وسينفذ من قبل شركة تابعة للحكومة البريطانية، مشيراً الى «أن كل الاجتماعات التي عقدت بين البلدين كانت بمعزل عن وزارة الصحة».وأشار الى أن «البريطانيين أكدوا أن هذا المشروع سيوفر على الكويت 50 مليون دينار سنوياً وسيحقق ربطاً بين جميع المستشفيات ويحفظ ملفات المرضى في الخارج».وكان النائب حمدان العازمي دعا في مرافعته خلال الاستجواب إلى محاسبة الوزير العبيدي وإقالته بسبب التجاوزات في وزارته، متحدثاً بإسهاب عن تفاصيل محاور الاستجواب، وحادثة الطبيب المزيف في المستشفى الأميري الذي قال إنه «دخل غرفة العمليات وكشف على المرضى».وأشار إلى حادثة وفاة المرحوم سعود العازمي بخطأ طبي، مشيراً إلى ان «الفقيد ذهب إلى المستشفى بعد شعوره بخدر في اليد، لكن الطبيب الذي كان تحت التجربة أعطاه ابرة بالخطأ... فمات الرجل».ونوه إلى ان «هذا الطبيب كان من المفترض ألا يعمل خلال فترة العصر لأنه تحت التجربة»، مشيراً الى «سلسلة من الحوادث التي ذهب فيها ضحايا نتيجة الأخطاء الطبية».أما النائب راكان النصف، فقال خلال مرافعته إن «إحدى الشركات حصلت على 5 ملايين دينار رغم أن رأسمالها 15 ألف دينار».وذكر أن «هذا الاستجواب كتب بيد علي العبيدي وليس بيدي».وتحدث النائب أحمد بن مطيع، مؤيداً للاستجواب معتبراً أن «الأخطاء الطبية أمرها مخيف ومرعب بعد تكاثرها وتزايدها»، مؤكدا أن «لامكان للخصومة مع الوزير غير أننا ننشد الإصلاح».وأشار بن مطيع إلى «حادثة وفاة عائشة العازمي التي انتقلت إلى رحمة الله بعدما تعرضت أثناء عملية منظار إلى جرح في البنكرياس أدى إلى حدوث نزيف حاد، في حين أعطاها الدكتور إبرة أدت إلى زيادة النزيف فتوفيت».لكن النائب الدكتور يوسف الزلزلة، تحدث معارضاً للاستجواب رافضا «العودة إلى نهج المجالس السابقة في تجريح الوزراء الذين منهم من قدم استقالته ليس خوفاً وإنما حتى لايتعرضوا إلى الإهانة».واستغرب الزلزلة «إلقاء التهم على الوزارة وكأننا أمام مسؤولين كلهم مجرمون»مضيفا:«نشهد نحن أعضاء لجنة الأولويات بالأداء المتميز لوزارة الصحة، إذ إننا استطعنا أن نكون في مصاف الدول المتقدمة».وفي المقابل، أشار النائب فيصل الشايع الذي تحدث مؤيدا للاستجواب إلى وجود علامات استفهام في هذه المساءلة تثير التساؤلات حول الشركة التي رأس مالها 15 ألف دينار وحصلت على مناقصات بـ 6 ملايين دينار.أما النائب سعدون حماد، فقد تحدث معارضا للاستجواب، مبينا أن حادثة«الشخص»المزيف تحدث في كل الوزارات،لافتا إلى أن النيابة أخلت سبيل الطبيب المزيف لأنه لم يقم بأي عمليات.واعتبر حماد أن«محور الأخطاء الطبية كان للتكسب السياسي»، موجها سؤالاً مباشراً إلى النائب حمدان العازمي:«وينك ياحمدان عن الأخطاء الطبية منذ سنوات؟».
محليات - مجلس الأمة
مجلس الأمة أنهى مساءلة وزير الصحة من دون تقديم طلبات أو اقتراحات أو توصيات
استجواب المصالح... غير صالح!
09:58 ص