شكّل تفعيل عمل حكومة الرئيس تمام سلام، وتثبيت «شعرة معاوية» التي تمنع «الانفجار» بين «تيار المستقبل» و«حزب الله»، العنوانيْن الأبرز اللذين طبعا المشهد السياسي أمس في لبنان الذي لم يمرّ اعتراض وزير خارجيته جبران باسيل على البيان النهائي لوزراء الخارجية العرب في القاهرة الذي وصف «حزب الله» بـ «الارهابي» من دون ارتدادات داخلية وتحديداً على خط الانقسام بين فريقيْ «8 و 14 آذار».وحضرت في «يوم الحواريْن»، الاول الحوار الوطني الذي انعقد قبل الظهر في مقرّ رئيس البرلمان نبيه بري في عين التينة والثاني الذي التأم ثنائياً مساءً وفي المكان نفسه بين «المستقبل» و«حزب الله»، مجمل عناوين الساعة محلياً وإقليمياً، من الانتخابات الرئاسية ومحاولات إحداث ثغرة في جدارها، الى الحاجة الملحة الى تفعيل الحكومة المعطّلة، مروراً بـ «العاصفة الديبلوماسية» بين ايران والمملكة العربية السعودية والتي كانت أدخلت علاقة حليفيهما الرئيسييْن في لبنان (المستقبل وحزب الله) في دائرة «التوتر العالي» مجدداً بما أنذر بـ «حرق المراكب» بينهما.واستقطبت طاولة الحوار الوطني امس، الأنظار في ضوء تطور بالغ الدلالات تمثّل في انضمام زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية الى حلقة الغائبين عن الحضور الى جانب زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون. واذا كان اعتكاف «الجنرال» عن المشاركة ارتبط في المرحلة الأخيرة بتوجيه رسالة امتعاض من طرْح اسم حليفه في «8 آذار» - اي فرنجية - للرئاسة من قبل الرئيس سعد الحريري ما شكّل خطراً فعلياً على حظوظ عون، فإن غياب رئيس «المردة» وهو الاول له منذ بدء الحوار، بدا بمثابة رسالة الى «حزب الله» بالدرجة الاولى بعد المناخ الذي تبلور وحسم ان الحزب هو الذي «فرْمل» دخول فرنجية الى قصر بعبدا لحسابات داخلية وخارجية، ووصل الى حد وصف رئيس كتلة نوابه محمد رعد زعيم المردة بأنه «شخص».ولم يحجب غياب عون وفرنجية عن جلسة الحوار الوطني التي تمثّل فيها الأول بصهره الوزير باسيل والثاني بالوزير السابق يوسف سعادة، مداولات الطاولة التي لم تخلُ من حماوة وتركّزت في شكل اساسي على ملف الحكومة في ضوء دعوة رئيسها الى جلسة بعد غد لبحث بنود غالبيتها حياتية.وبدت الجلسة محاولة لتوفير غطاء لالتئام مجلس الوزراء بحضور جميع مكوّناته ومعالجة موقف عون المتمسك بالاتفاق على آلية دائمة لعمل الحكومة في ظل غياب رئيس الجمهورية وعلى التعيينات الأمنية، وسط معلومات اشارت الى ان آلية العمل لن تطرح مشكلة في جلسة الخميس المقبل ولا الجلسات التي ستليها باعتبارها ان بنود البحث حياتية ومالية واقتصادية ولا خلاف عليها، والى ان المساعي تتركّز مع «التيار الحر» على بعض التعيينات الممكنة في فترات لاحقة في المجلس العسكري من دون قيادة الجيش.وعلى وقع مناخ ايجابي ساد حيال امكان انعقاد جلسة الخميس الحكومية بكامل نصابها، لم تمرّ الجلسة الـ 13 من الحوار الوطني من دون مناخ من التساجل على خطين: الاول موقف باسيل في اجتماع وزراء الخارجية العرب، والثاني موقف النائب محمد رعد الذي اعتبر فيه متوجهاً الى الحريري انه «يجب الا يجد مكاناً له في لبنان».وفي الملف الأوّل أوضح باسيل، بعد انتقاد من رئيس «كتلة المستقبل» فؤاد السنيورة، ملابسات موقفه من بيان القاهرة وأيّده فيه النائب وليد جنبلاط، علماً ان تقارير كانت نقلت عن مصادر رئيس الحكومة ان ما قام بها وزير الخارجية جاء بالتنسيق مع رئيس الوزراء وتم التفاهم عليه سلفاً، موضحة ان باسيل اضطر، في ظل الإصرار على ادراج بند ادانة «حزب الله»، الى الامتناع عن التصويت، نظراً الى ان الحزب عضو في الحكومة اللبنانية ونظراً الى ما يرتبه مثل هذا القرار على الوضع الداخلي عموماً والحكومي خصوصاً.اما في الملف الثاني، فقد حاول السنيورة وأطراف آخرون من «14 آذار» اغتنام فرصة وجود النائب محمد رعد على طاولة الحوار لتسجيل اعتراض على مواقفه من الحريري، الا ان بري سرعان ما تدخّل وأرجأ مناقشة هذا الموضوع الى جلسة الحوار المسائية بين «المستقبل» و«حزب الله».واكتسبت جولة الحوار الثنائي الجديدة هذه دلالة بالغة الأهمية باعتبار انها الاولى بعد «الاشتباك الكلامي» بين «المستقبل» و«حزب الله» على خلفية التوتر السعودي - الايراني.وتوجّه «المستقبل» الى الحوار، الذي كان ناقش على مدى أيام جدوى الاستمرار فيه بعد كلام رعد، وهو عازم على الحصول على موقف واضح من «حزب الله» حيال ملابسات ما قاله رئيس كتلة نوابه وخلفياته ومغازيه مع اعتباره هذا الكلام «تهديداً غير مقبول»، وعلى تأكيد ان الحريري ماضٍ في مبادرته الرئاسية بترشيح فرنجية وانه سيقوم بالمزيد من الخطوات لتفعيلها.وخلال الحوار الذي شهد عتاباً متبادلاً حول موقف الحريري رداً على هجوم السيد حسن نصر الله على السعودية كما حول كلام الامين العام لـ «حزب الله» والنائب رعد، تطرق البحث الى ملف تفعيل الحكومة لمنع انهيارات على أكثر من صعيد.وفيما كان التئام الحوار في ذاته يشكّل رسالة الى ان السعودية وايران اللتين تتواجهان في ساحات عدة في المنطقة غير راغبتين في إخراج لبنان من واقع «الحرب الباردة»، كان الحريري يشيد «بالقرار الصادر عن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، والذي ترجم وقوف العرب صفا واحدا في مواجهة التدخل الإيراني السافر في شؤونهم وتضامنهم مع المملكة العربية السعودية ازاء العدوان على بعثتها الديبلوماسية في ايران»، معتبراً ان «امتناع وزير خارجية لبنان جبران باسيل عن التصويت على القرار، هو موقف لا وظيفة له سوى استرضاء ايران والاساءة لتاريخ لبنان مع اشقائه العرب، وهو أمر مرفوض في قاموسنا ولا ندرجه في خانة تعبر عن موقف الدولة اللبنانية».