تحوّلت مأساة بلدة مضايا السورية التي تستغيث تحت وطأة تجويعها، الى كرة ثلج في لبنان، تَداخل فيها الإنساني بالسياسي، والى عنوان ساخن لم يتأخّر في الدخول على خط الانقسام العمودي والأفقي الذي تشهده البلاد منذ نحو 5 أعوام، على خلفية الأزمة السورية، ومنذ ايام، على خلفية التوتر السعودي - الإيراني.وبدا لبنان «الحقيقي» و«الافتراضي» مشدوداً الى مضايا، التي لا تبعد عن حدوده الشرقية إلا بضعة أميال، وسط استمرار تحركات التضامن على الأرض مع البلدة، التي يواجه سكانها الجوع بـ «اللحم الحي» واتساع رقعة الدعوات الى اعتصامات لـ «نصرة مضايا» حتى فكّ أسْرها وإدخال المساعدات اليها، فيما صارت مواقع التواصل الاجتماعي «ساحة حرب» كلامية بين «تيار المستقبل» (يقوده الرئيس سعد الحريري) وبين «حزب الله» الذي يتّهمه فريق «14 آذار» بالمشاركة مع النظام السوري في حصار مضايا و«في جريمة الحرب التي تُرتكب» بحق هذه البلدة التي يعيش فيها نحو 45 ألف نسمة. وفي حين دعت المنظمات الشبابية لقوى «14 آذار» الشعب اللبناني والمجتمع المدني كما الأحزاب كافة، إلى «تحركات للمساعدة في وقف معاناة المحاصَرين في مضايا ومواصلة الضغط على المجتمع الدولي لتمرير قوافل المساعدات في أسرع وقت» على قاعدة انه «مهما طال الظلم فإن التغلب عليه آت لا محالة»، كان الاستقطاب السياسي حيال هذه القضية التي صارت «الرقم واحد» في وسائل الإعلام العالمية، يعبّر عن نفسه من خلال إعلان محطة تلفزيون «المستقبل» في مقدّمة نشرتها الإخبارية (ليل الخميس) أن التاريخ سيسجّل «أن عيون أطفال مضايا قاومت مخرز (حزب الله)»، وأن «أهلها رفضوا الخضوع وقرّروا أن يتحوّلوا إلى دروس في العنفوان»، فيما كان تلفزيون «المنار» التابع لـ «حزب الله» يشير الى أن ما يُعرض على الشاشات بطريقة غير إنسانية هو زائف. وفي موازاة ذلك، كانت «الحرب من خلف الشاشات» تستعر على مواقع التواصل الاجتماعي التي شهدت تطاحناً غير مسبوق عبر هاشتاغات نارية متبادَلة انضمّ اليها لبنانيون وسوريون وخليجيون وتمحورت حول مضايا ومَن يتحمّل مسؤولية ما يجري فيها.واذا كان هاشتاغ «نصرالله - مجرم - حرب» و«نصرالله - سفاح - مضايا» تحوّلا الأكثر تداولاً ابتداء من ليل الخميس - الجمعة، وتضمّنا كمّاً من الهجوم بكل الأسلحة الكلامية السياسية والدينية على الامين العام لـ «حزب الله» والنظام السوري وايران، فإن مناصري الحزب سرعان ما ردّوا بهاشتاغ «الحرامي - المقبور-رفيق - الحريري» الذي استُخدم لشتم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونجله سعد و«تيار المستقبل» والمملكة العربية السعودية.وفي سياق آخر، تفاعل كلام لنائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، قاله خلال حوار تلفزيوني، عرض في جزأين، في برنامج «إسلاميون وبعد» عبر قناة «الميادين» رداً على سؤال حول أن الحزب يدفع في اتجاه تحويل لبنان الى دولة اسلامية، اذ اكد أن «إقامة دولة إسلامية لا يتعارض لا مع المسيحية ولا مع اليهودية، لأن المسيحية واليهودية كدين لا يتصديان للحياة السياسية، هما يتصديان للحياة الدينية، والإسلام يحفظ لهما حياتهما الدينية بشكل كامل، لأنهما أهل كتاب، ويمكنهما ان يمارسا طقوسيهما الدينية كما يريدان». وختم: «طرح الإسلام كحل هو رؤيتي فلماذا منعي من التفكير بذلك؟».وردّ نائب «القوات اللبنانية» شانت جنجنيان على قاسم قائلاً: «بئس ما سمعناه من الشيخ قاسم عن إيمانه بتحويل ?لبنان الى دولة إسلامية (...) هل من داع لتذكير الشيخ قاسم بأن الديانة المسيحية هي أساس تكوين الكيان اللبناني؟ وهل من داع للفت انتباه الشيخ الجليل الى أن المناصفة بين المسلمين والمسيحيين تتعارض بالشكل والمضمون والأهداف مع الأنظمة الدينية؟».
خارجيات
«القوات»: بئس ما سمعناه من الشيخ قاسم عن إيمانه بتحويل ?لبنان إلى دولة إسلامية
مضايا تُشعل «حرباً إلكترونية» بين مناصري «المستقبل» و«حزب الله»
02:00 ص