بالنسبة لي شخصيا، هوايتي المحببة المتمثلة في الكتابة عادة ما تبدأ بمواكبة أو سماع أو مشاهدة حدث معين، لينطلق معه أساس الفكرة، وبعد قراءة ومتابعة مستمرة لهذا الحدث، يتشكل لب الموضوع. وأكاد أجزم أن المتابع للأحداث المحلية الكويتية في أول أسبوع من بداية العام الجاري، لن يقف عاجزا عن كتابة مقالات متنوعة ومتعددة على مدار أشهر مقبلة! فلنسرد لك عزيزي القارئ كما يقول مذيعو الأخبار (موجز النشرة لهذا الأسبوع).بدايةً، إطلعنا على خبر تزوير الجناسي الكويتية عبر أحد موظفي الإدارة العامة للجنسية ووثائق السفر. الأدهى والأمر، أن المدعو وبعد أن تكشف أمره، هرب من الكويت ولكنه دخلها بعد ذلك مرات عديدة، لأنه بكل بساطة يحمل جوازا آخر وباسم آخر واستمر في تزوير الجناسي التي كانت تباع بثمن بخس!وأيضا، قضت محكمة الجنايات حبس المتهم الرئيسي في قضية ما يعرف باسم (قروب الفنطاس) وثلاثة آخرين عشر سنوات مع الشغل والنفاذ في قضية تهريب المتهم الرئيسي الممنوع عن السفر خارج الكويت. ما يندى له الجبين ويشيب له شعر الرأس، آلية تهريب المتهم عبر منفذ النويصيب ومكر ودهاء المجرمين الذين شاركوه في ذلك، والذي عكس من جانب آخر هشاشة الدولة في ضبط أمنها وحماية حدودها، التي استبيحت فمن المفترض أن يكون المسؤول عنها؟كذلك، نشرت (الراي) خبرا عن مبالغ مالية ضخمة تصل قيمتها إلى أكثر من ثمانية مليون دينار صرفت كمساعدات لغير مستحقيها، مع وجود شبهة تلاعب من قبل موظفي وزارة الشؤون التي ستسعى للكشف عنه من أجل استرداد الأموال الضائعة من خزينة الدولة! وأيضا نُشر خبر آخر عن قيام البلدية بالكشف عن عدد ضخم من كفالات الضمان (المضروبة) التي يصل عددها إلى الآلاف احتوت على تواقيع وأختام وأوراق بنكية مزورة لشركات مقاولات مختلفة، بمساعدة بعض موظفي البلدية مقابل حفنة دنانير باعوا فيها البلد!أما حدث الأسبوع بلا منازع، فهو قضية الطبيب المزور، الذي مارس هوايته في علاج المرضى داخل المستشفى الأميري لأشهر عدة، بلا حسيب ولا رقيب، ودون أن يكشف عن أمره أحد، لأنه بكل بساطة أراد تحقيق طموحه في ممارسة الطب دون حصوله على الشهادة، وكل ذلك على حساب المرضى. المصيبة، أن الوزارة لم تكشف عن هذا الموضوع إلا بعد أن انفضح أمرها في الصحافة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي. وبمعنى أدق، ان هذا الموضوع كان يمكن أن يمر مرور الكرام، لو إستطاعت الوزارة (طمطمة) القصة. والطامة الكبرى، أن الوزارة مازالت تكابر في نقلها لأحداث ماجرى وتقلل من أهميته، وكأن أرواح البشر وصحتهم (لعبة)!كل ذلك فقط في أسبوع! فماذا بعد؟باختصار، لا أعتقد أن ما حدث هو محض للصدفة وأن قصصا وأحداثا مشابهة لن تحصل في المستقبل القريب.تنوعت الأحداث واختلفت مواقعها ومواقيتها والجهات المسؤولة عنها، ولكنها اجتمعت جميعا في مسبباتها. فالتنظيم الهيكلي والمؤسسي للوزارات والجهات الحكومية المختلفة أكل عليه الدهر وشرب، وسياسة الدولة وفكرها الإداري المتخلف في آلية تعاملها مع موظفيها وغياب إستراتيجية واضحة في إدارة الموارد البشرية وانعدام مبدأ الثواب والعقاب وانتشار الواسطة في التعيين وغياب الرادع والوازع، كل ذلك ساهم في انتشار الفساد والرشاوى والتسيب والإهمال واللامبالاة وغيرها التي أدت وكانت سببا لأحداث الأسبوع الماضي والقادم أسخن! فهل ستعي الحكومة ذلك، أم أنها ستستمر على بركة الله وحفظه، لأنه بكل بساطة (الله خير حافظا)!boadeeb@yahoo.com