فيما توقع النائب صالح عاشور انتخابات 2017 صعبة وقوية، أكد على أن المؤشرات توحي بأن من قاطع سيشارك، منتقدا غياب التضامن الحكومي حيث يستغل بعض الوزراء طيبة رئيسها ويحرجه سياسياً.وقال النائب عاشور في حوار لـ «الراي» إن الحكومة محظوظة إذ إن الجو العام فرض الاستقرار في الدولة كما أن غياب الكتل خدمها إلا أنه استدرك أن وضعها بشكل عام غير مرضي عنه في الشارع لفقدانها المعالجات المناسبة للقضايا موضع البحث على الساحة مما يشكل ضغطاً على النواب في ذلك.وأشار الى أن القصور الحكومي لم يراع حساسية الانتخابات المقبلة بالنسبة لأعضاء المجلس الحالي مردفا أن الدورالأخير من الفصل التشريعي عادة ما يشهد فرد عضلات إلا أنه استدرك بأنه «من السابق لأوانه القول إن المجلس بدأ التحضير لذلك»، مضيفا أن الدور الحالي سيكون صعباً على الحكومة إذا فكر النواب في الانتخابات المقبلة والنائب الحالي الذي ليس لديه رصيد سياسي أو مواقف مرضية في الشارع سيكون في موقف صعب.واعتبر عاشور استمرار أعضاء المجلس الحالي على نهجهم الحالي وعلى «طمام المرحوم» كما قال يعني أنهم لا يفقهون سياسة طالبا العذر عن هذا التعبير.وفيما قال إن أمام الحكومة تحديا اقتصاديا يتمثل في معالجة العجز في الموازنة العامة أوضح أن أمامها كذلك تحديا سياسيا يكمن في إدخال التيارات المقاطعة التي اختارت الخروج إلى اللعبة السياسية مجددا قائلا إن هؤلاء خارج المشهد حاليا وسهل عليهم الانتقاد، مضيفا أنه يعتقد بأن هذه التيارات والقوى السياسية تمد جسور تواصل لها مع الحكومة وأن الحكومة حققت نجاحاً بالتواصل غير المباشر مع هذه القوى و التيارات السياسية مدللا على ذلك بتخفيف حدة الانتقاد إلى الحكومة ورئيسها وغياب أو تقليل الندوات السياسية وإلغاء الخروج إلى الشارع.ودعا عاشور إلى اعتماد تعديلات دستورية قائلا: «إذا أردنا مصلحة البلاد ومستقبلها فإن علينا أن نعي أنه آن الآوان لتعديلات دستورية»، مضيفا أنه إذا صبت 60 في المئة من هذه التعديلات الدستورية لصالح الديموقراطية في مقابل تعديل غير مرضي عنه فإن لا مشكلة لديه في ذلك.وقال:«لا نريد دستوراً يعود بنا إلى الخلف»، مؤكدا على أنه لا يعني أن يكون التعديل الدستوري في المجلس الحالي وإنما المرحلة السياسية الجديدة تحتاج إلى التفكير في هذا الأمر».وفيما تحدى أن يذكر له أحد ما أنه طرح قضية طائفية مؤكدا على أن هناك فرقا بين الطرح الطائفي وبين تبني حقوق الطائفة، قال إن المواطن يمكن استغلاله كطابور خامس إذا زرع به الشعور بالاضطهاد وأن البعض كان يعمل على ذلك، وأن القوى العظمى تستخدم سلاح الطائفية وأنها للأسف نجحت إلى حد ما فيها.وفي ما يلي نص الحوار:• بالأمس قدم استجواب لوزير الصحة الدكتور علي العبيدي واليوم انت تلوح بمماثل لوزير التربية وزير التعليم العالي الدكتور بدر العيسى وبالأفق تلوح أخرى فهل بدأ التحضير للانتخابات المقبلة مبكراً أم أن هناك مشكلة في التشكيلة الحكومية؟- سياسياً عادة ما يشهد دور الانعقاد الأخير فرد عضلات وإثارات سياسية وتهديد بالاستجوابات، ومن السابق لأوانه القول إن المجلس الحالي بدأ التحضير لذلك، لكن في الحقيقة وضع الحكومة الحالية غير مرضي عنه في الشارع ولدى غالبية المواطنين وعدم الرضا هذا يشكل ضغطاً علينا كنواب إذ ان هناك قصورا حكوميا واضحا في حل قضايا المواطنين وإلى الان المواطن لا يستشعر جديتها في حل المشاكل بدءاً من قضية المرور ومروراً بالعلاج بالخارج والتعليم وانتهاء بالحالة المالية وان طرحت حلولاً فهي غير حقيقية وهذا القصور الحكومي لا يراعي حساسية الانتخابات البرلمانية المقبلة بالنسبة لأعضاء المجلس.• لماذا تعتبر الانتخابات البرلمانية المقبلة «حساسة» ؟- جميع المؤشرات توحي بأن من قاطع الانتخابات، ولا أعني هنا المعارضة لأن هناك من قاطع الانتخابات وليس من المعارضة، سيشارك وهذا يعني أن الانتخابات المقبلة ستكون صعبة وقوية والنائب الحالي الذي ليس لديه رصيد سياسي أو مواقف سياسية واضحة ومرضية للشارع سيكون موقفه صعبا خلال الانتخابات المقبلة لأن من سيشارك بها هم أصحاب خبرة في البرلمان وسيخوضها على أساس أجندة وملف سياسي وسيطرحون قضايا تحرج النواب الحاليين، ولذلك أعتقد أن دور الانعقاد الحالي سيكون صعبا على الحكومة إذا فكر النواب في الانتخابات المقبلة والعملية السياسية، أما إذا استمر أعضاء المجلس الحالي على طمام المرحوم فهذا يعني أن النواب لا يفقهون شيئا في السياسة وليعذروني على هذا التعبير ولكن من يفكر من النواب الحاليين في خوض الانتخابات المقبلة ولا يفكر بالأداء والبروز سياسيا فإن موقفه سيكون صعباً.• ما الجديد حول الأداء الحكومي، فالحكومة الحالية امتداد لحكومات سابقة من حيث الأداء وأيضا الشخوص، وعلى سبيل المثال وكلاء الوزارات ومسؤولي الهيئات والجهات المستقلة هم ذاتهم؟- الحكومة الحالية محظوظة على المستوى السياسي والاجتماعي، فالجو العام فرض حالة الاستقرار في البلاد وغياب الكتل والتيارات عن المجلس خدمها فالحكومة تتعامل مع أشخاص ولذلك فإن غالبية الوزراء يشعرون بأريحية وليس لديهم أي قلق أو توتر من أي تهديد ليقينهم أنه تهديد فردي، كما أن الفترة الماضية شهدت وفرة مالية ولم يكن لديها أي تحديات، أما اليوم فالآن أمام الحكومة تحدٍ اقتصادي ومالي، وإذا لم تنجح فإن الكلفة ستكون عالية عليها، وليس شرطاً أن تكون في المجلس الحالي وإنما قد ترحل إلى المجلس المقبل، فإذا استمر سعر البترول بالانخفاض إلى فترة أطول فإن ايرادات الدولة ستنخفض 25 في المئة وهذا الرقم بحاجة إلى تعويض وإذا لم تنجح الحكومة بسد العجز فإنها ستدفع ثمن هذا التحدي في المجلس المقبل وستحاسب حسابا قويا، وأمام الحكومة في مواجهتها للتحدي المالي خياران: إما أن تبدأ بالمعالجة من قمة الهرم إلى قاعدته بمعنى أن إيقاف الهدر لابد وأن يبدأ بها ثم تتجه إلى المواطن، وإما أن تبدأ من المواطن وإذا لجأت إلى الخيار الثاني فستكون حكومة فاشلة ولن تنجح لأنه حتى أصدقاءها سيقفون ضدها وعلى الحكومة أن تفرق بين الحلول الاقتصادية والمالية فالحل المالي سهل كأن تخفض قرض الزوج وما شابه أما الحلول الاقتصادية فإنها تحتاج إلى خطوة كفرض رسوم على تحويلات الوافدين المالية الخارجية وبعض الاحصاءات حددت قيمة هذه التحويلات بـ 18 مليار دولار وعند وضعنا لرسوم تقدر بعشرة في المئة على هذه التحويلات سنورد مليارا وثمانمئة مليون دولار فأيهما أجدى فرض رسوم على تحويلات الوافدين تعود على البلاد بمليار وثمانمئة مليون دولار أم تخفيض قرض زواج المواطن !! وبالتالي فإن على الحكومة أن تفكر أكثر من مرة قبل التوجه للمواطن في معالجة عجز الموازنة، والدولة اليوم أمام مأزق وسد العجز مسؤولية الحكومة وهي المطالبة بالحلول والدعوم تقدر بستة مليارات دينار يذهب منها اثنان للوقود اللازم لتوفير الطاقة الكهربائية وعلى الحكومة أن تبدأ في تخفيض دعمها للقطاع الخاص وأصحاب العقار والعمارات الاستثمارية في خدمات الكهرباء والماء، وفي النهاية أقول للحكومة إن عليها البدء بنفسها وإثبات جديتها في معالجة الهدر المالي ثم التوجه للمواطن الكويتى فهو محب لبلده ومضحٍ ومستعد لإعطاء البلد الكثير متى ما وجد الجدية من الحكومة والقدوة بالتوفير وايقاف الهدر ونحن يجب أن نكون قدوة في إيقاف الهدر وأدعو الحكومة إلى إلغاء امتيازاتنا كنواب و وزراء من بنزين وتلفون من مهمات ولجان ودورات ومؤتمرات وغيرها.• هل من تحدٍ آخر يقف أمام الحكومة ؟- الحكومة أمامها تحدٍ سياسي، ومن الواضح أنها ليست فريقاً متضامناً وللأسف فبعض الوزراء يستغلون طيبة رئيس الحكومة وفي بعض الأحيان يوقعونه في حرج سياسي من خلال التعيينات في الجهات الحكومية والتي يجب أن يتم التعيين فيها من العاملين بها وليس من الخارج بالبراشوت واليوم على سبيل المال معظم وكلاء وزارة التربية من خارج الوزارة وليس لديهم القدرة على تطوير التعليم ولا يمكنهم تطويره أيضا وهذا المثال يمكن تعميمه على بقية الوزارات وسيترتب عليه انهيار إداري وعندها ستتم محاسبة الوزراء وسيتسبب ذلك بحرج لرئيس الحكومة فمساءلة أكثر من وزير يشكل عبئا على رئيس الحكومة ويكشف أن هناك من يستغل طيبته بعدم الالتزام بالقانون، وهناك تحدٍ آخر يقف أمام الحكومة ويتمثل في علاقتها بالكتل والتيارات السياسية المقاطعة بعد خروجهم من اللعبة السياسية ومسؤليتها إدخالهم إلى العملية السياسية إما بالمشاركة فيها وإما حثهم على المشاركة في الانتخابات المقبلة...• وما حاجة الحكومة الحالية إلى التيارات والقوى السياسية التي اختارت الخروج من اللعبة السياسية إن صح التعبير؟- العملية السياسية تهدف إلى تطوير البلاد ومشاركة كافة قطاعات المجتمع بها والتيارات السياسية التي اختارت الخروج من اللعبة السياسية تمثل قطاعات من المجتمع وهؤلاء إن استطاعوا أن يخلقوا جوا لدى قواعدهم بعدم الرضا عن الحكومة سيتسببون بمشاكل وهم الآن من السهل عليهم الانتقاد لأنهم خارج العملية السياسية، واليوم أرى أن الحكومة حققت نجاحا بالتواصل غير المباشر مع القوى والتيارات السياسية المقاطعة، وليس بالضرورة أن يكون هذا التواصل مباشرا بين رئيس الوزراء وبينهم أو الوزراء لكن هناك مؤشرات جيدة على مشاركة القوى السياسية في العملية السياسية خلال الفترة المقبلة ونحن نحتاج إلى مشاركتها.• ذكرت أن الحكومة غير متضامنة ، فما هي دلائل هذا التوصيف ، وكذلك ما هي مؤشرات تواصل الحكومة الحالية مع القوى السياسية ؟- من مؤشرات عدم التضامن الحكومي ما حصل مع نائب رئيس الوزراء وزير التجارة السابق عبدالمحسن المدعج الذي ترك وحيدا وكذلك تباين مواقف الوزراء في التصويت على بعض القوانين وأيضا في استجواب وزير النفط السابق الدكتور علي العمير ترك وحيدا في مواجهة الاستجواب ، ومن مؤشرات تواصل الحكومة مع التيارات القوى السياسية انخفاض هجومهم على الحكومة ورئيسها والوضع السياسي وعدم الدعوة إلى الخروج للشارع وهدوء وتقليل الندوات السياسية .• ألا تعتقد أن انخفاض النقد والندوات يعود إلى عدم رغبة الشارع بالنزول والتصعيد؟- قد يكون ذلك صحيحا إذ إن من نتائج أخطاء القوى والتيارات السياسية انعدام رغبة الشارع في التصعيد والحراك ، ولكن من وجهة نظري فإن الخطاب السياسي للقوى المتواجدة خارج العملية السياسية انخفضت حدته ، وهذا يدل على وجود تواصل فيما بينهم والحكومة الحالية .• وهل طويت المرحلة والحالة السياسية الماضية إلى غير رجعة وهل تغيرت حدود العمل البرلماني ؟- إذا أردنا مصلحة البلاد ومستقبلها فإن علينا أن نعي أنه آن الأوان لإجراء تعديلات دستورية فكل دول العالم العريقة عدلت دساتيرها لتواكب العصر ونحن يجب علينا ذلك ، وأعلم أن هناك مخاوف من أن فتح باب التعديلات الدستورية قد يؤدي إلى تعديلات غير مرضية ، وهذا التخوف يجب ألا يكون عائقا أمام التعديلات الأخرى فإذا عدلنا ما نسبته 60 أو 70 في المئة لصالح المستقبل السياسي والديموقراطية مقابل تعديل واحد غير مرضي عنه فلا مشكلة لدينا في ذلك ، إذ من غير المعقول أن يكون لدينا دستور جامد كما أننا لا نريد تقديسه.• ما هي هذه التعديلات وما حاجتنا لها الآن في رأيك؟- حينما ذكرت أننا بحاجة الآن إلى تعديل دستوري لم أقصد ان يكون هذا التعديل في المجلس الحالي ، وإنما عنيت أن المرحلة السياسية الجديدة بحاجة إلى تفكير بالأمر وتعديل الدستور لمزيد من الحرية والديموقراطية ، نحن لا نريد دستورا يعود بنا إلى الخلف وإنما يطورنا وفي السابق لم تكن جميع دول الجوار ديموقراطية ولكنها اليوم غير ذلك ولننظر إلى النظام السياسي فيها ، فالعراق على سبيل المثال وكذلك سورية ومصر وليبيا وتونس جميعها ستدخل في العملية الديموقراطية وكذلك دول الخليج بدأت بذلك تدريجيا والمنطقة بدأت فعلياً بالتحول الديموقراطي ما يوجب ألا نظل في مكاننا ، كما أن الحكومة تحتاج كذلك إلى التعديل الدستوري لجهة زيادة عدد الوزراء فيها سواءً بزيادة عدد أعضاء مجلس الأمة أو إلغاء تحديد عددهم من الدستور ، ونحن كذلك بحاجة إلى تعديل شروط الترشح للانتخابات البرلمانية وكذلك عدم اشتراك الوزراء في عضوية المجلس بالتصويت وكذلك سقف العدد اللازم لتقديم طلب طرح الثقة ومواد أخرى ، وعندما نطالب كتطور سياسي بالحكومة المنتخبة فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن يكون رئيس مجلس الوزراء منتخبا أو ألا يتم تعيينه من قبل سمو الأمير ، وأحد مفاهيم الحكومة المنتخبة يتمثل في عرض التشكيل الحكومي على مجلس الأمة قبل القسم وهذه الصيغة يعمل بها في الكثير من البرلمانات ، وإذا لم يوافق البرلمان على جميع الوزراء يتم تغييرهم قبل القسم والتشكيل هذا بالإضافة إلى مشاركة البرلمان في التشكيل ولذلك أقول إن علينا ألا نهاب التعديل الدستوري للمصلحة العامة ومن يقول إلا الدستور ولا يريد تعديله لا ينشد مصلحة الدولة وتطورها.• ذكرت تغيرات المنطقة في «سورية ومصر والعراق وليبيا» وأنها بدأت فعلياً الدخول في عملية التطور الديموقراطي ، فما الذي تراه للمنطقة؟- التغيير في المنطقة بدأ ، واليوم في مصر تم انتخاب رئيس الجمهورية بشكل مباشر وفي الدورة المقبلة سيكون هناك منافسون للرئيس السيسي وبعد دورتين انتخابيتين لن تكون مصر كما هي اليوم ، وفي ليبيا المعارضة هي من يشكل الحكومة وفي العراق الأحزاب هي من يسير الشأن العام بها وتونس واليمن وسورية أيضا لن يستمر الوضع فيها بين اللاسلم واللاحرب والجميع مستسلم للحل السياسي وستنتهي حالة لا غالب ولا مغلوب وهي حالة تخدم مصالح الدول الكبرى من بيع أسلحة وتدريب وامتصاص الفوائض المالية بالخليج والحل السياسي في سورية بالتأكيد سينتهي إلى العملية الديموقراطية .• وكيف ترى هذا التغيير وهل هو مفتعل ام استحقاق اجتماعي سياسي؟- الدول العظمى يختلفون عنا برؤيتهم إلى القضايا الاستراتيجية ولديهم مراكز دراسات إستراتيجية تخطط على المستوى القريب والمتوسط وبعيد المدى الذي يصل إلى الخمسين عاما المقبلة وما بعدها فيما نحن لا نرى أبعد من حاضرنا وجميع المؤشرات توحي بأن القوى العظمى تخطط على المدى القريب لإعادة رسم خريطة منطقتنا وبعضها تحقق فالسودان أصبحت دولتين وتقسيم ليبيا وارد والعراق رسميا غير مقسمة ولكنها فعليا كذلك وابن بغداد لا يستطيع دخول إقليم الأكراد إلا بدعوة من كردي وهي فعليا ثلاثة أقاليم وكذلك سورية لا يمكن أن تنتهي أزمتها وتعود جغرافيا كما كانت والأردن كذلك وسيكون فيهما تغيير جغرافي وديمغرافي ، وهذه السياسة مرسومة ولكن يبقى شيء مهم يكمن في أنه ليس كل ما يخطط له من قبل الدول العظمى يتحقق فإذا تعاونت الشعوب العربية والحكومات فإنه لن ينفذ وإذا رأوا أن تحقيق السيناريو الذي رسموه سيكون صعبا فإنهم سيقبلون بالممكن.• وماذا عن منطقة الخليج ، وهل هي ضمن استراتيجية إعادة رسم خريطة المنطقة؟- جاهل من يظن أن دول الخليج بعيدة عن استراتيجيات إعادة رسم خريطة المنطقة ولذلك علينا استباق الأحداث وألا ننتظر فرض الحلول علينا من الخارج وإنما نتبناها من الداخل ، بمعنى بدل أن يحدث فيها تغيرات جذرية يجب أن تشرع بتغيرات تدريجية وعلى الحكومات الخليجية وهي حكومات مقبولة من شعوبها أن تبدأ بإصلاحات وتعديلات تدريجية بمشاركة حقيقية من شعوبها في عملية الإصلاحات وأن تشكل برلمانات حقيقية وأن تفتح الحريات السياسية والإعلامية والاجتماعية وتسمح لمؤسسات المجتمع المدني بالعمل وأن تعطي المرأة دورا في المشاركة ، وهذه الخطوات ستحصن الخليج مما تريده الدول العظمى للمنطقة ، ولكن إذا انتظرنا فسنكون ضحايا للتغيير الحاصل .• لكن ما ذكرته قائم في الكويت ، فهل هي بمنأى عن السيناريو الغربي والأميركي للمنطقة كما ذكرت؟- نحن جزء من المنظومة الخليجية ، وصحيح أننا سابقون لدول الخليج في مجال المشاركة الشعبية والحريات وتأثير المواطن على القرار لكن هذا ليس سقف الطموح ، والمفترض أن تكون الكويت مثالا ناجحا لدول الخليج ، لكننا قدمنا في الفترة السابقة لإقرار نظام الصوت الواحد في الانتخابات نموذجا سيئاً للممارسة الديمقراطية ، والآن علينا أن نعيد دورنا الرائد في هذا المجال ، والكويت تقع في إقليم متلاطم الامواج ومن أجل إيصال سفينة الوطن إلى بر الامان يجب أن يكون هناك تعاون حقيقي بين الحكومة والمجلس ولا يكون على حساب المواطن او الديموقراطية والدستور.• هل يمكن للمجلس الحالي أن يقوم بهذا الدور وأن يقدم نموذجا جيدا للممارسة الديموقراطية؟- المجلس الحالي استثنائي ، فهو بعيد عن التيارات والتكتلات السياسية والسياسين وأغلب أعضائه ليسوا سياسين ولم يدخلوه بهذه الصيغة وإنما عبر التزكيات والفرعيات وغيرها.• البعض يرى وفق سيناريو «المؤامرة» بشان إعادة رسم خريطة المنطقة أن الطائفية أحد أدوات هذا التقسيم وأنت شخصيا تتهم بأنك من الشخصيات التي تستقطب إلى معارك طائفية وتحمل لواءها وبالتالي تنفذ هذه الأجندة بشكل أو بآخر؟- أتحدى أي أحد يذكر أني طرحت قضية طائفية أو تبنيتها ، وهناك فرق بين الطرح الطائفي وتبني حقوق الطائفة وحينما حزت عضوية مجلس الأمة كان برنامجي حقوق الطائفة مثل عدم وجود وقف أو محكمة جعفرية أو قانون أحوال شخصية للشيعة وكذلك غياب ممارسة الشعائر الدينية للطائفة فالدستور كفل حرية الاعتقاد ولكن هذا الاعتقاد لا يوجد مكان لممارسته ومن ثم طرحت هذه القضايا وقدمتها باقتراحات بقوانين ولم يتم رفضها من قبل اللجان المختصة لقانونيتها ودستوريتها ولو كانت هذه المقترحات طائفية ومخالفة للدستور لما أجازتها اللجان البرلمانية كما أن الحكومة تجاوبت مع بعض هذه المقترحات وسمو الأمير حينما كان رئيسا للوزراء تفهم هذه المقترحات وأمر بإنشاء الأوقاف الجعفرية تحت مظلة الحكومة وتم عمل محكمة استئناف جعفرية في قانون الأحوال الشخصية ، ونحن الآن نطالب بمحكمة تمييز جعفرية وجميع الدول المجاورة لنا لديها مثل هذه النوع من المحاكم ففي تركيا يوجد 12 قانونا للأحوال الشخصية وفي لبنان ثمانية والسعودية قبل الكويت أعطت استقلالية للقضاء الجعفري في الإحساء والقطيف ومنحت امتيازات في الأوقاف الجعفرية قبل الكويت وتوسعوا الآن في رخص بناء المساجد أكثر مما لدينا وأنا أول نائب تحدثت عن التمييز في ترخيص المساجد بالكويت والآن بدأوا بإعطاء مساجد لكن ليس بالعدد المطلوب ، وهذا الأمر لا طائفية فيه وإنما الطائفية التمييز بين الناس على أساس الطائفة وتغييب مبدأ تكافؤ الفرص ومن يمارس الطائفية هو من يملك السلطة وإذا كان هناك طائفية في أي مجتمع فإن الحكومة هي من يمارسها لأنها هي صاحبة القرار ، أنا لست طائفيا وسعيت إلى إلغائها وإشعار المواطن بأنه في بلد يأخذ حقوقه وهذا الأمر يمنع استغلاله كطابور خامس فالمواطن يمكن استغلاله كذلك إذا زرع فيه الشعور بالاضطهاد ، والمشكلة أن الدول العظمى تسعى إلى تطبيق أجندتها بتقسيم المنطقة باستخدم سلاح الطائفية وللأسف فقد نجحت إلى حد ما بذلك ، وعلماء الاجتماع يؤكدون على أن المجتمعات المنسجمة انتهت في العصر الحالي وأصبحت مختلطة وغير متجانسة عرقيا وعقائديا ويجمعها الدساتير المدنية وهذا ما تحقق في الغرب ،ولكن يوجد لدينا نحن من لم يستوعب بعد ما وصلت إليه هذه المجتمعات الغربية من مدنية ولا يزالون يقتاتون على إثارة النعرات الطائفية من أجل تحقيق مصالحهم الخاصة .• هذا الحديث في إطاره النظري جميل ولكن عند الممارسة والموقف السياسي فإن الحسابات عادة تختلف وعلى سبيل المثال موقفك من أحداث سورية يختلف عن موقفك من أحداث البحرين؟- موقفي من سورية سبق وأن ذكرته فأنا مع حراك الشعب السوري وجميع الدول العربية بدون استثناء في اختيار حكومته وبناء دولة ديموقراطية بالطرق السلمية، ولذلك أيدت تحرك الشعب السوري عندما كان الحراك سلميا ولكن عندما تحول الحراك إلى عسكري وشهد تدخلا أجنبيا تغير موقفي ، وأنا أؤيد التغيير في سورية ولكن لا نريد استبدال ديكتاتور بآخر ، والنظام الآن فيها شكلي ونريد أن يأتي فيها نظام ديموقراطي حقيقي وووضع المنطقة كلها يختلف اليوم عما كان في السابق ، ولا بد أن تبدأ الشعوب بالمشاركة في الحكم تدريجيا إلى أن تصل إلى الديموقراطية على النموذج الغربي والاستفادة من تجربتهم التي توصلوا إليها بعد تجارب مريرة ودامية من الصراع والنزاع إلى أن وصلوا إلى صيغة جعلت مجتمعاتهم آمنة.