فلتسمح لي عزيزي القارئ أن أتعامل معك بالطريقة نفسها التي تتعامل بها معك الحكومة، وأن أكتب مقالي هذا بسرعة ومن دون تركيز على طريقة «سلق البيض».ولتعلم عزيزي القارئ أنني عندما أكتب بهذه الطريقة فأنا لا أظلمك، لأنك اشتريت الجريدة، فإذا لم يعجبك هذا (السلق) الذي أحكيه إليك فتستطيع أن تنتقل إلى مقالات أخرى فيها توابل وبهارات وسلق لحم! بمعنى أن الجريدة تعطيك خيارات كثيرة بينما الحكومة تسلق لك البيض إجبارياً في الشوارع والخدمات والهيئات والوزارات واللجان.وإذا لم يعجبك كلامي السابق وفي أحقيتي أن أمارس سلق البيض عليك، فاسمح لي مرة أخرى أن أوضح لك وجهة نظري كفيلسوف يكتب فلسفته في المطبخ.بما أنك مازلت تقرأ المقال ووصلت معي إلى هذه السطور فأنت راضٍ عن (سلق البيض) الذي مارسته معك، والسبب عزيزي القارئ الهمام يا من تشكو الزحام وسرقة اللئام هو أنك اعتدت سلق البيض في حياتك. فأنت تسمع عن خطة تنمية تم التعامل معها على طريقة سلق البيض، وأبناؤك يتعلمون في مدارس سلق بيض، ويتعالجون في مستشفيات سلق بيض، وإذا كنت تسكن في شقة إيجار كعلب السردين ولكنك تدفع للمالك سعراً يفوق إنتاج قارب صيد للسردين نفسه فأنت تعيش أحلى حالات سلق البيض، أما إذا كنت ممن يتابعون الرياضة ومشاكلها فاعلم أنك تعيش مرحلة احتراق البيض.ومن الممكن عزيزي القارئ أن أسلق لك بيضاً حتى الصباح، ولكن (طاسة المقال) لن تكفي.والآن وبعد كل الذي ذكرته لك، فهل يعقل أن تترك كل هذه الأمور وتتفرغ لشتمي وسبي ولعني لأني كتبت لك مقال (سلق بيض) على السريع؟عموماً أنا لا أملك في هذا الوطن سوى الدرجة الثالثة وثلاث علاوات وكثير من الكتب، ولكنني أملك أيضاً الجرأة لكي أعترف وأعنون هذا المقال بـ(سلق بيض) وأدين نفسي أمام القارئ. ولكن هل تجرؤ وزارات الدولة التي تمتلك في هذا الوطن خزائن المال والذهب والياقوت والمرجان أن تعترف أنها تمارس (سلق البيض) منذ سنوات حتى وصلنا لمرحلة توصيات رفع الدعم عن الكثير من الأشياء؟ هل تستطيع أن تدين نفسها أمام الشعب؟فالاعتراف بالخطأ هو أول خطوة في الطريق الصحيح، وإلا فسينطبق علينا قول الشاعر المصري الذي لا أعرف اسمه بل لا أذكر أنه قال هذا البيت أم لا (إزاي هنمشي عدل والسكة معووجة).قصة قصيرة:في صباح ما، وفي دولة تغفل عنها الأقمار الاصطناعية، حيث يتولى الصُم الإعلام، ويتولى البكم إخبار الحقائق، خرج الأب كي يشتري حليباً لابنته، فاعتلى الرصيف وسار عليه حذراً، فقتله العسكر بالخطأ، وألصقوا به تهمة التحريض على اعتلاء أملاك الدولة.كاتب كويتيmoh1alatwan@