قدم تنظيم «داعش»-عن غير قصد- أكبر هدية للدول الغربية الكبرى في العام 2015. الهدية عبارة عن صفقات بعشرات المليارات من الدولارات قيمة عشرات من الطائرات الحربية تقدمت لشرائها في هذا العام بلدان مرعوبة من الإرهاب، واتضح أن أكبر مستفيد من هذه الصفقات هي مصانع الدول التي يصنفها «التنظيم» الإرهابي بالعدو الأكبر.هذه الصفقات أنعشت اقتصادات دول غربية أسهمت في توظيف عشرات الالاف من العاطلين عن العمل في مقابل زيادة موجة بطالة العرب جراء تعثر الاستثمار وتراجع انتاج مصانع عربية لأسباب مختلفة أهمها تأثير الإرهاب على الاستقرار الاقتصادي.لكن تأثير الإرهاب وإن كان سلبياً على اقتصادات عربية فإنه كان إيجابياً على الصناعة الغربية حيث انهالت طلبات من دول عربية وغربية وآسيوية على مصانع أميركية وأوروبية وروسية من أجل شراء عتاد وأسلحة مختلفة أهمها مقاتلات حربية تصل قيمة بيع الواحدة منها نحو أكثر من ربع مليار دولار (أي ما يعادل قيمة أكثر من نحو 5 إلى 7 ملايين برميل نفط)، فضلاً عن زيادة الطلب على العتاد والصواريخ والمعدات اللوجيستية والبوارج الحربية، ومعدات التجسس والبنادق والقنابل، لدرجة بلغت قيمة شراء رشاش أميركي اليوم ما يعادل سعر 12 برميل نفط.ووفق أرقام معهد ستكولهم الدولي لأبحاث السلام «SIPRI» ارتفعت مبيعات الأسلحة بشكل لافت جعل بعض الشركات تضاعف من إنتاجها. حيث تزايد الطلب العالمي على مختلف الأسلحة الخفيفة والثقيلة بسبب الصراعات والحروب الدائرة في الشرق الأوسط، وأسهمت زيادة التوتر في الشرق الأوسط والحرب ضد تنظيم الدولة بالإضافة للحرب في اليمن وليبيا إلى لجوء دول عربية كثيرة منخرطة جيوشها في هذه الصراعات إلى زيادة إنفاقها على شراء الأسلحة، وهذا ما أنعش مصانع كثيرة مرتبط انتاجها بدورة تصنيع السلاح.وعبر تقرير معهد ستوكهولم عن قلق متزايد من زيادة تصدير كل من ألمانيا وروسيا للأسلحة الخفيفة والمتوسطة نحو دول الشرق الأوسط بسبب الحروب الدائرة وتزايد المخاوف من تهديدات تنظيم «داعش» على الأمن القومي لدول قريبة من معقل التنظيم في العراق وسورية.لكن حسب تقرير «SIPRI» نما الطلب أكثر على الأسلحة الأميركية وخصوصاً العتاد الثقيل والطائرات الحربية الأمر الذي استفادت منه مصانع أميركية.وذكر تقرير لصحيفة الـ«غارديان» إن «دول الشرق الأوسط بسبب إرهاب تنظيم الدولة والحرب عليه فضلا عن حرب اليمن والصراعات في ليبيا زادت من نفقات مشترياتها الحربية وخصوصاً من العتاد الثقيل من الولايات المتحدة وأوروبا».وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن «حجم مشتريات دول الشرق الأوسط من السلاح حتى صيف عام 2015 بلغ نحو 18 مليار دولار وصفتها مصادر الصحيفة بأنها ستكون وقود استمرار الحرب في المنطقة»، مؤكدة استمرارية الحرب خصوصاً على «داعش» وفق تصريحات مسؤولين أميركيين توقعوا أن الحرب على «داعش» ستكون طويلة.وكشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن دول الخليج من بين أكثر الدول التي زادت نفقاتها على توريد الأسلحة خصوصاً المملكة العربية السعودية التي تقود التحالف العربي المشارك في الحرب ضد تمرد الحوثيين في اليمن ناهيك عن حربها ضد «القاعدة» و«داعش».بدورها سارعت روسيا إلى أن تأخذ حصة لها في المشتريات المتنامية لدول الشرق الأوسط من السلاح، فزادت بذلك مبيعات مصانعها لدول مختلفة أهمها حلفاؤها في سورية وإيران فضلاً عن دول أخرى مثل مصر.وبدافع من طلبات عربية وغربية وآسيوية على السلاح والمقاتلات الحربية وظفت مصانع أميركية وفرنسية على سبيل المثال نحو 150 ألف عامل من أجل تلبية طلبات متزايدة، واستفادت دول أوروبية من زيادة طلبات دول عربية على السلاح لتزدهر الصناعات الثقيلة ووحدات التركيب والتكنولوجيا المرتبطة بالمنتوج الحربي، ونمت بالتالي صادارات هذه الدول وبفضل ذلك تراجعت البطالة بفعل زيادة معدلات التوظيف على سبيل المثال في فرنسا التي عقدت صفقات مع دول عربية لشراء مقاتلات حربية متطورة.وبفضل هذه الصفقات استطاعت شركة «داسولت» الفرنسية زيادة توظيف نحو 15 ألف عامل في 2015 بعد أن ضاعفت طاقة إنتاجها لتلبية طلبات كثيرة مستجدة على مقاتلات رافال وطائرات هيليكوبتر.وذكرأكبر موقع «وظائف» في فرنسا «ديراكت امبلوا» أن «المصانع الحربية الفرنسية خصوصاً في قطاع الطيران ضاعفت نسبة التوظيف لديها مقارنة مع العام 2014 مدفوعة بصفقات جديدة لشراء مقاتلات رافال من الجيل الخامس».وبامتلاك هذه المقاتلات تسعى دول في الشرق الأوسط إلى تعزيز قدرتها العسكرية في ظل حربها المستمرة على الإرهاب وخصوصاً تنظيم الدولة، وكانت دول عربية أعلنت عن نيتها شراء مقاتلات من الجيل الخامس.وفي مقابل رفض البيت الأبيض التفاوض مع العرب حول شراء مقاتلات أميركية من الجيل الخامس مثل F-35- و F-22 لجأت دول خليجية وشرق أوسطية إلى السوق الأوروبية من أجل الحصول على مقاتلات من هذا الجيل مثل «رافال» الفرنسية و«يوروفايتر» البريطانية-الإيطالية المسموح ببيعها للعرب.لكن على الرغم من استثناء الدول العربية من قائمة المشترين المحتملين لمقاتلات الجيل الخامس الأميركية التي سمح ببيعها فقط لنحو 11 دولة أغلبها أعضاء في حلف الشمال الأطلسي علاوة على إسرائيل، استمر نمو مشتريات هذه البلدان من أسلحة وعتاد وصواريخ تنتجها مصانع لوكهيد مارتن التي ضاعفت انتاجها بنحو ثلاثة أضعاف.فحسب موقع شركة «لوكهيد مارتن» المصنعة لمقاتلة إف-35 وصواريخ باتريوت فإن «الطلبات على العتاد والسلاح فضلاً عن مقاتلات الجيل الخامس من F-35 وفر 133 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في الولايات المتحدة، مما يجعل الشركة من أكبر الموفرين للوظائف ضمن ميزانية برنامج وزارة الدفاع الأميركية. حيث تشير التوقعات إلى أن انتاج مقاتلات F-35 سيتجاوز أكثر من الضعفين في السنوات المقبلة، ما سيسهم في خلق المزيد من فرص العمل».وحسب الموقع نفسه فإن تصنيع F-35 سيضفي بصمة على الاقتصاد الأميركي حيث ستنتعش 44 ولاية أميركية من زيادة انتاج «لوكهيد مارتن» للأسلحة، حيث تتوزع على كامل التراب الأميركي وحدات تصنيع f-35 وغيرها من المقاتلات من الجيل الخامس.وحسب موقع مصنع f-35 فإن «المحللين يعتقدون أنه خلال عمر برنامج تصنيع F-35 ستضخ الشركة إلى الاقتصاد الأميركي نحو 380 مليار دولار علاوة على مليارات أخرى ستوفرها زيادة الصادرات من هذه المقاتلة».وبامتلاك إسرائيل للمقاتلات الأميركية المتطورة جداً ستكون الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي ستعزز أسطولها الجوي بطائرات «F-35» التي تتسابق قوى عظمى من أجل اقتنائها أبرزها بريطانيا، كما طلبت قوى كبرى أخرى في العالم شراء هذه المقاتلة.وبدافع زيادة المخاوف في دول عديدة في العالم من خطر إرهاب «داعش» العابر للحدود فضلاً عن زيادة المشاركة في التحالف الدولي الذي يقصف معاقل التنظيم، سارعت دول كثيرة من بينها بريطانيا واستراليا وإيطاليا وإسرائيل لشراء عشرات المقاتلات من الجيل الخامس المتطور لمقاتلات f-35 الممنوعة عن العرب.واستفادت المصانع الأميركية من خوف هذه الدول بزيادة حصولها على صفقات سلاح بمليارات الدولارات، حيث كانت أعلنت أستراليا رغبتها في الحصول على (72 مقاتلة من طراز F-35) بقيمة 12.8 مليار دولار أي أن سعر بيع الطائرة الواحدة نحو 177 مليون دولار، وإسرائيل (75)، وكندا (65)، وإيطاليا (90) مقاتلة،. يذكر أن المقاتلة F-35 تصل تكلفتها نحو 100 مليون دولار حسب موقع «ديفانس نيوز».وتبين من خلال مواقع مؤسسات عسكرية وشركات تصنيع حربي زيادة صفقات التسلح في العالم مدفوعة بالخوف من خطر «داعش»، حيث خصصت حكومات كثيرة بينها عربية مبالغ ضخمة من اجل تمويل مشتريات أسلحة لمكافحة شبح الارهاب الدولي.والملاحظ ان بعض الدول الأوروبية المصنعة للطائرات اتجهت هذا العام لشراء مقاتلة F-35. وخصوصا بعد قرار لوكهيد مارتن خفض كلفة انتاج F-35 الى نحو نصف التكلفة بعد تعهد البنتاغون انفاق نحو نصف تريليون دولار لاقتناء 2500 مقاتلة من هذا الجيل.
متفرقات - قضايا
«التنظيم» يدفع دولاً لشراء الرشاش الأميركي الواحد بما يعادل 12 برميل نفط !
هدية «داعش» للغرب في 2015 ؟!
11:07 ص