شكّلت «جرعة الدعم» التي أعطاها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي امس للمبادرة المتصلة بطرْح اسم زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، مؤشراً بارزاً الى ان هذه المبادرة التي لم «يكتمل» نصابها الإقليمي، والتي تحظى بمباركة دولية، ما زالت «على قيد الحياة»، رغم «الفرْملة» التي أصابتْها نتيجة عدم جهوزية «حزب الله» ومن خلفه إيران للإفراج عن الانتخابات الرئاسية اللبنانية، بتوقيت اختاره الآخرون، ومن خارج مستلزمات التسوية التي تراها طهران والحزب من ضمن حساباتٍ تتّصل بمجمل صراع النفوذ في المنطقة ولعبة التوازنات في لبنان.وجاءت مناسبة عيد الميلاد ليعبّر من خلالها رأس الكنيسة المارونية عن أوضح موقف له من «خيار فرنجية» منذ انكشاف طرْح اسم الأخير كمخرج للمأزق الرئاسي، بعد اللقاء الذي جمع زعيم «المردة» وزعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري في باريس قبل أكثر من شهر.وقد اكتسبت مواقف البطريرك التي أطلقها في «رسالة الميلاد» أهميتها لأنها حملت 3 عناصر أساسية:? الأول حسم فيه مقاربته لطرح الحريري، وهو القطب الأبرز في 14 آذار، اسم فرنجية (أحد أبرز اقطاب 8 آذار) رئاسياً، وهو ما بدا متّصلاً بكون زعيم «المردة» واحداً من الأقطاب المسيحيين الاربعة الذين كانوا اجتمعوا في بكركي بعد بدء «عهد الشغور» في سدة الرئاسة، ليتكرّس حينها وبرعاية الراعي ما سُمي بـ «الموارنة الأربعة الأقوياء»، وهم كل من الرئيس امين الجميّل والعماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، اضافة الى فرنجية، وسط تفاهم على دعم اي منهم ينجح في الحصول على الأكثرية المطلوبة لانتخابه.ودعا الراعي «الكتل السياسية والنيابية إلى مقاربة جدية للمبادرة الجديدة المختصة بانتخاب الرئيس. فإنها تتصف بالجدية كما هو ظاهر في عامل الثقة والأمل الذي أحدثته على المستوى النقدي والمصرفي، وفي الدفع الجديد للتفاهم بين فريقيْ 14 و8 آذار»، معلناً انه «بات على الكتل السياسية والنيابية أن تلتقي حول هذه المبادرة، من أجل كشف الأوراق بموضوعية وشجاعة، واتخاذ القرار الداخلي الوطني، والذهاب إلى المجلس النيابي وإجراء عملية الانتخاب وفق الدستور والممارسة الديموقراطية».* العنصر الثاني تمثّل في غمْز البطريرك من قناة «حزب الله» وأمينه العام السيد حسن نصر الله المتمسك بـ «تسوية السلّة الكاملة» التي تشمل الانتخابات الرئاسية والحكومة رئاسةً وتركيبة وقانون الانتخاب واسم قائد الجيش، اذ سأل الراعي «ما معنى وجوب سلة أو تسوية متكاملة مع انتخاب الرئيس؟»، مضيفاً: «معلوم أن البرنامج الأساس لرئيس الجمهورية هو احترام الدستور، وضمانة عمل المؤسسات العامة، والحفاظ على وحدة الوطن وعلى استقلاله وسيادته وسلامة أراضيه، وحماية العيش المشترك، ورفض أي فرز للشعب أو التجزئة أو التقسيم أو التوطين بأي شكل أو نوع كان. ودور الرئيس تحقيق تصميم اللبنانيين على قيام الدولة الديموقراطية البرلمانية المدنية ومؤسساتها».? اما العنصر الثالث فتمحور حول رفْض البطريرك إجراء اي انتخابات نيابية قبل الرئاسية، اذ طالب بـ «وضع قانون انتخاب جديد»، لافتاً الى ان هذا «من مسؤولية مجلس النواب كسلطة تشريعية، بحيث يأتي القانون وفقاً للميثاقية اللبنانية، فيترجم المشاركة الفاعلة في تأمين المناصفة الفعلية، ويضمن الاقتراع الحر وحق المساءلة والمحاسبة، ويؤمن التنافس الديموقراطي، ويلغي فرض نواب على طوائفهم بقوة تكتلات مذهبية (مذكرة وطنية، صفحة 12، فقرة 23)»، ومشدداً على انه «لا يحق للمجلس النيابي التلكؤ عن وضع هذا القانون، كي يصار على أساسه إلى إجراء الانتخابات النيابية في بداية ولاية الرئيس الجديد».وكان لافتاً في رسالة الراعي انه في معرض دعوته لانتخاب رئيس في أسرع ما يمكن، اكد ان هذا الامر هو «مسؤولية وطنية جامعة لا تنحصر بالمسيحيين عامة والموارنة خاصة. فالرئيس هو رئيس للدولة، لا ممثل لطائفة»، فيما استوقف دوائر سياسية اعتباره انتخاب الرئيس ووضْع قانون جديد للانتخاب و«التزام الحكومة بممارسة مسؤولياتها كسلطة إجرائية وفقا للدستور، وتفعيل عمل المؤسسات العامة»، في سياق «المطالب المترابطة».ولم يتأخّر رئيس الحكومة تمام سلام في ملاقاة الراعي، اذ عكس بعد زيارة المعايدة التي قام بها لبكركي الاهمية التي يعلّقها البطريرك على المبادرة الرئاسية. واذ سئل اين أصبحت مبادرة ترشيح فرنجية؟ أجاب سلام: «سمعنا كلاما مؤثراً وواعيا على لسان غبطته في رسالة الميلاد ونأمل ان يأخذ هذا الكلام والتوجيه مداه عند الجميع، ونحن نتعاطف معه فيه لإعرابه عن الحرص على إبقاء هذه الفرصة وهذه المبادرة لنتمكن من تحقيق ما ادعو اليه دائما وهو تمسكنا جميعا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية».وفي سياق متّصل، برز كلام وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد زيارته مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان لمعايدته بالمولد النبوي الشريف اذ أكد ان «ترشيح النائب سليمان فرنجية ليس مبادرة بقدر ما هو حركة تواصل مع الأطراف السياسية اللبنانية كلها، لملء الشغور الرئاسي، وهي ولا تزال موجودة وحية ومستمرة»، مضيفاً: «أتوقع خلال أشهر قليلة أن تصل إلى نتائج إيجابية للتوافق على انتخاب رئيس، لأن لا أحد يمكن أن يدعي أن الشغور الرئاسي يحقق أي استقرار جدي».

استنفار وتعزيزات إسرائيلية على الحدود اللبنانية والسورية

| القدس - «الراي» |وضع الجيش الإسرائيلي قواته في المنطقة الشمالية على الحدود مع سورية ولبنان في حالة تأهب واستنفار، وعزز قواته بالمزيد من العناصر وصواريخ «القبة الحديدية» و«البساط السحري» المضادة للصواريخ. وأصدر الجيش الإسرائيلي امس تعليمات إلى المزارعين وجميع الإسرائيليين العاملين قرب الحدود اللبنانية بعدم الاقتراب من السياج الأمني قدر المستطاع.وأوضحت الإذاعة العبرية أن هذا التحذير يأتي في ظل الأوضاع المتوترة بعد اغتيال القائد في «حزب الله» اللبناني سمير القنطار. ونقلت عن مصدر عسكري إسرائيلي ان «التعليمات هي عبارة عن توصية للمزارعين باتخاذ الحيطة والحذر في المنطقة». وذكر المحلل العسكري لصحيفة «هآرتس» العبرية عاموس هرئيل أنه «في جميع الحالات تستند الجهوزية الإسرائيلية إلى فرضية خطيرة تقول إن الرد من قبل «حزب الله» يمكن أن يكون أخطر مما هو متوقع».