من الماضي «الدستوري» بما سجلته المضابط والمواقف والقرارات التاريخية الى الحاضر بسخونته وأحداثه وأزماته، فتح النائب السابق دعيج الخليفة الجري دفتر الذكريات السياسية التي كان فيها معاصراً ومراقباً وشاهداً أيضاً وفي عينه المستقبل بتطلعاته وآماله لعل دروس التاريخ تكون «عبرة لمن اعتبر».النائب الذي دخل مجلس 1985 كأصغر ممثل للشعب آنذاك، عاد الى الوراء كثيراً ليتحدث لـ«الراي»عن التجربة الديموقراطية في حقبات مهمة من تاريخ الكويت، وكيف كان النزول الى رأي «الغالبية عنوان العمل لدى المؤسسين الذين وضعوا نهجاً في العمل البرلماني مبنيا على الاحترام والالتزام».عن كل المجالس البرلمانية تحدث مسلطاً الضوء على أبرز محطاتها، فيما روى مواقف عن المجلس التأسيسي الذي كان فيها والده المرحوم خليفة طلال الجري أول المطالبين بأن تكون الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي قبل ان يستجيب لرأي الغالبية في أن تكون الشريعة مصدرا رئيسا للتشريع.ورأى الجري ان مجالس الستينيات والسبعينيات كانت نموذجية، في حين قال ان حكمة أعضاء مجلس 81 حالت دون تنقيح الدستور والا لأصبح المجلس صورياً، لافتا الى ان «الحكومة عندما أصرت على التنقيح لم (يشد) العدساني ويطالب بتحريك الشارع وانما تعامل بحكمة».واعتبر الجري مجلس 1985 اقوى مجلس في تاريخ البلاد بعد الأول ومكملا له و أعطى ديوان المحاسبة قوة، لدرجة ان مسؤولي الدولة ينفذون ما يريده دون نقاش ولسان حالهم «حاضر».وكشف الجري عن حادثة ذهابه الى مكتب السعدون و«تمنيت عليه ان يعبر بسفينة المجلس أربع سنوات فرفض وقال (سنستجوب الحكومة وزيرا وزيرا)، فقلت له ان (الحكومة بإمكانها ان تقدم كتاب عدم تعاون فقال الشعب سينزل الى الشارع فأجبته بأننا من يقوده وليس هو من يقودنا، فصرحت بأن المجلس سيحل ولم يمض على تصريحي شهران حتى تم حله بشكل غير دستوري».وعن الحقبة الحالية قال:«انا ضد النزول للشارع ومن ينزل من أعضاء المجلس يكون قد تخلى عن دوره الذي حمله اياه الشعب»لافتا الى ان «الخطأ الذي وقع فيه مجلس 85 وقع به مجلس 2012 المبطل الاول».وفي ما يلي تفاصيل اللقاء:• لعل تجربتك في العمل البرلماني قصيرة جداً في مجلس 85 لكنها بلا شك ثرية خاصة بشخوصها وأحداثها التي كان لها بالغ الأثر على التجربة البرلمانية بالبلاد فهل تحدثنا عنها ؟ علاقتي بالحياة والعمل البرلماني بدأت منذ المجلس التأسيسي بعد ان وفق والدي رحمة الله عليه خليفة طلال الجري بالنجاح بعضويته واصبح أحد العشرين رجلاً ممن وضعوا اللبنة الاساسية للدستور الكويتي وكان له مواقف عدة في المجلس التأسيسي ومجلس الامة الاول.• مثل ماذا ؟ لعل أهمها تعديل المادة الثانية من الدستور، فقد كان والدي أول من طالب بأن تنص على ان الشريعة الاسلامية «المصدر الرئيسي» للتشريع رغم اتجهات القومية والناصرية السائدة في تلك الفترة لكن هذه المطالبة قوبلت باعتراض الكثير من أعضاء المجلس التأسيسي لدواعٍ متعلقة بمصير البنوك والحياة الاقتصادية حتى تدخل الخبير الدستوري آنذاك عثمان خليل عثمان ووضع حلاً وسطاً يتمثل بجعل المادة تنص على ان الشريعة الاسلامية «مصدر رئيسي» من مصادر التشريع، ورغم ان والدي تمنى ان تنص المادة صراحة على ان الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع الا ان الغالبية رأت الغاء «ال» التعريف من النص والتزم والدي برأي الغالبية وهذه هي الديموقراطية التي تأخذ برأي الغالبية الذين أرتأوا امساك العصا من المنتصف ولم يريدوا شدية الشريعة الاسلامية او تسيب القوانين الوضعية، وبعد ذلك انتقل والدي الى المجلس الاول ومن ثم الى مجلس 81 الذي شهد أزمتين من الأزمات التاريخية في الكويت وهما أزمة المناخ التي يعرفها الجميع وأزمة تنقيح الدستور وقد عاصرت تفاصيلها.• وماذا كان في تفاصيل ازمة تنقيح الدستور في مجلس 81 ؟ أزمة تنقيح الدستور في مجلس 81 كانت أقوى من أزمة المناخ ففي ذلك المجلس كانت الحكومة لديها غالبية الثلثين وباستطاعتها تمريره لكن حكمة رئيس المجلس آنذاك محمد العدساني حالت دون ذلك، فهو عندما رأى أن الحكومة مصرة على تنقيح الدستور وتمتلك غالبية ثلثي المجلس لم يشد ويطالب بتحريك الشارع وانما تعامل بحكمة وأخذ وعطاء وبشكل ودي وجمع مجموعة قليلة من أهل الرأي في الكويت وذهبوا لسمو الامير الشيخ جابر الاحمد رحمه الله وطالبوه بألا يتم هذا التنقيح وقالوا له المجلس على استعداد للتنازل والتصويت مع الحكومة حتى تسير المركب للأربع سنوات فأجاب طلبهم آنذاك وبالتالي لولا حكمة أهل ذلك الوقت في مجلس 81 بعيداً عن التشنج وجر الشارع الكويتي الى أزمة لنقح الدستور وأصبح مجلس الامة مجلساً صوريا ومجلساً شورياً.• وماذا عن تجربتك في مجلس 1985 ؟ انا لم اقرر خوض انتخابات مجلس 85 وقد كنت في انتخابات ذلك المجلس أعمل ضمن حملة والدي الانتخابية، لكنه أصيب بجلطة ولم يستطع خوض الانتخابات، فقرر الأهل والمؤيدون بالاجماع خوضي الانتخابات رغم رفضي للفكرة في البداية لأنني لم اكن مهيأ او متمكنا في ذلك الوقت، وفي النهاية خضت الانتخابات عن الدائرة 21 عوضاً عن والدي، وحزت المركز الاول فيها رغم صغر سني واصبحت أصغر عضواً في مجلس الامة في العام 85 نتيجة ظروف والدي الصحية، لكني كنت اتمتع بخلفية سياسية جيدة لمواكبتي فترة الستينات والسبعينات ونجاح تجربة الديموقراطية فيها، وكنت مواظباً على حضور الجلسات مع والدي منذ المجلس التأسيسي.• وما الذي ميز تلك الفترات من الممارسة البرلمانية في الستينات والسبعينات والتي وصفتها بفترة نجاح التجربة الديموقراطية من وجهة نظرك ؟ العمل البرلماني اتسم بالحكمة والروية في اتخاذ القرارات والمواقف في فترة الستينات والسبعينات وهذا ما تعلمته من أصحاب الرأي والخبرة كما تعلمت من البرلمانيين الأوائل ان كل مشكلة لابد وان يكون لها حل على الطريقة الكويتية وبالطريق الودي والسلمي والا يكون الكي هو الحل والعلاج فلا توجد أزمة الا ولها حلول ودية وسلمية، كما تعلمت منهم ان في العمل السياسي والبرلماني يجب ان تتنازل عن أشياء لتكسب أشياء أخرى، وان رأيك هو جزء من رأي الغالبية ولايمكن فرضه على الآخرين والحل يكمن في تقريب رأيك من آراء الاخرين، والأولون قالوا «الرأي مثل الذلول الشارد نتحاوطه حتى نجمعه».• على اي اساس وصفت حقبة الستينات والسبعينات بأنها فترة نجاح التجربة الديموقراطية ؟ فترة الستينات كانت نموذجية للعمل البرلماني، ففي المجلس الاول تم حل الحكومة الأولى وشكلت بعدها وزارتان والثالثة ثبتت وكانت وجهة نظر (أبو الدستور) الشيخ عبدالله السالم رحمه الله ان حل الحكومات أسهل عليه من حل المجلس، وقد عدلت الحكومات في الستينات، وقد كانت في البداية نسبة الشيوخ في الحكومة الاولى غالبية وعدلت في الحكومة الثانية وكان التجار فيها غالبية، ثم جاءت الحكومة الثالثة متجانسة بين جميع الفئات واستمرت حتى نهاية المجلس، وبالتالي فإن هذه الصيغة القائمة على التوازن والتجانس هي من أبقى التجربة الديموقراطية في البلاد، والبعض يظن ان المجتمع الكويتي مقسم بين تكتلات وقوى سياسية واسرة حكم وهذا غير صحيح فكلنا في الكويت كتلة واحدة، وقد نختلف مع الاسرة الحاكمة في رأي لكننا نتفق معها في آراء كثيرة وقد نختلف مع التيارات السياسية في آراء لكننا نتفق معها على مصلحة الكويت.• وبمقارنة مجلس 85 بالمجالس التي سبقته كيف تجد هذه المقارنة ؟ مجلس 85 يعد اقوى مجلس في تاريخ البلاد بعد المجلس الاول وأيضاً يعد مكملاً له، وفيه ميزة لم تكن متوافرة في المجالس التي سبقته او التي تلته فقد كان مجلساً رقابياً بامتياز بعد ان كان مجلس 81 الذي سبقه تشريعياً بامتياز ومجلس 85 اعطى ديوان المحاسبة قوة كبيرة الى درجة ان مسؤولي الدولة كانوا ينفذون ما يطلبه الديوان دون نقاش ولسان حالهم باستمرار «حاضر» خشية محاسبة المجلس لهم، كما ان مجلس 85 استطاع محاسبة الوزراء وأول استجواباته قدم من قبل النواب أحمد الربعي ومبارك الدويلة وحمد الجوعان الى وزير العدل آنذاك الشيخ سلمان الدعيج الصباح ويلقب بفارس الحكومة في مجلس 81، فهو رجل متمكن وقانوني ومتحدث ومقنع وكنا نكن له كل احترام وقدم له طلب طرح الثقة رغم انه من أقوى وزراء الحكومة وفارسها وعلى أثر الطلب قدم استقالته وبالتالي مجلس 85 نجح في تحقيق مكسب سياسي بممارسة دوره الرقابي وإبعاد فارس الحكومة في مجلس 81، وأول وزير من الاسرة الحاكمة تطرح فيه الثقة وهذا أضاف الى قوة المجلس قوة اخرى لأنه بعد هذا الاستجواب لن يتجرأ أي وزير على عدم التعاون مع المجلس او ديوان المحاسبة.• ولماذا تم حل هذا المجلس بالتحديد من وجهة نظرك ؟ بعد استجواب الشيخ سلمان الدعيج واستقالته اصبح المجلس كتلة واحدة خمسين نائباً مقابل الحكومة «15 وزيراً» واصبحت المعادلة غير متكافئة ولايمكن ان تسير سفينة المجلس دون تكافؤ وتوازن، ويجب في كل الاحوال ان يكون في الكتلة النيابية تأييد ومعارضة والا يكون البرلمان كتلة واحدة وحتى الوسط من الأعضاء في تلك الفترة اضطر ان يكون ضد الحكومة ويؤيد الغالبية.•أنت شخصيا لماذا ايدت هذا الاستجواب الموجه الى الشيخ سلمان الدعيج ؟ أنا أيدت الاستجواب من منطلق تفعيل الدور الرقابي للمجلس واعطاء اداة المساءلة البرلمانية حقها وكان الجو العام ضد الحكومة من شارع وصحافة وغالبية برلمانية، لذلك لم يكن بالامكان الخروج عن هذا الاجماع كما انني كنت من مريدي تفعيل الدور الرقابي من أجل مصلحة البلاد، ولله الحمد دخلنا وخرجنا من مجلس الامة بثوب أبيض، وكل طموحنا آنذاك ان تكون الكويت درة الخليج وهو طموح الغالبية ممن كان في ذلك المجلس، وكنا نحرص على اتقان العمل البرلماني الى درجة اننا إذا اردنا تقديم اقتراح بقانون ندرس جميع جوانبه من أربعة الى ستة اشهر حتى نقدمه، وأتذكر عندما أردت التقدم بقانون التأمين الصحي للمواطنين ناقشت المقترح مع التأمينات الاجتماعية قبل عرضه على المجلس رغم وجود غالبية لإقراره حتى وان رفضت الحكومة واستمرت مراجعته ستة أشهر وحل المجلس قبل تقديمه.• في مجلس 85 كان لك تصريح شهير بأن المجلس لن يستمر وسيتم حله قبل عام، وبالفعل تم حله... فكيف علمت بهذه المعلومة ؟ بعد استجواب الشيخ سلمان الدعيج واستقالته وشعور المجلس ورئيسه آنذاك أحمد السعدون بنشوة النصر أصبح الوضع غير طبيعي والغالبية مركزة الثقل، والحكومة معزولة، وهذا غير صحيح، وكان يقيني أن سفينة المجلس وأي مجلس لن تسير اذا لم يكن هناك توازن واذا مالت على جهة واحدة فستغرق، وعلى ربان السفينة وهو رئيس مجلس الامة أن يسيرها الى بر الامان، وأنا ذهبت الى مكتب أحمد السعدون ورجوته ان يعبر بسفينة مجلس 85 اربع سنوات وهو رئيسه فقال لي«سيكمل مدتها لأربع سنوات»فقلت له هذا الحديث بحاجة الى خطوات عملية ونحن اليوم استجوبنا أقوى وزير في الحكومة ومن الأسرة واستقال، ونحن أيدنا هذا الاستجواب وأصبحنا محسوبين على المعارضة رغم اننا لسنا مع المعارضة ولا مع الحكومة وانما مع الكويت، لذلك أطلب منك بأن تصوت مع الحكومة مرة وتصوت ضدها مرتين حتى تسير السفينة، فرفض وقال لي«نحن سنستجوبهم وزيرا وزيرا» ، فأجبته ان الموضوع ليس بيدنا لوحدنا وبإمكان الحكومة ان تقدم عدم تعاون وينتهي هذا المجلس ويحرم الشعب الكويتي من أقوى مجالسه، فقال لي«الشعب كله سينزل الشارع» فقلت له «الشعب حملنا أمانة تمثيله والتاجر منحنا صوته وذهب لتجارته ،والموظف منحنا صوته وذهب لوظيفته ،وراعي الغنم منحنا صوته وذهب لغنمه، والآن نردهم ونقول لهم نبي نوقف وراكم، نحن من يقود الشارع وليس الشارع من يقودنا» وعقب السعدون بالقول «لاتخاف الكويت كلها معانا» فقلت له «والطرف الآخر الكويت ايضا معاه» ولم يعجب السعدون حديثي واثناء خروجي من مكتبه أوصدت الباب بقوة فانتبه لي الاخ الفاضل الصحافي حسين عبدالرحمن وسألني فقلت له ان هذا المجلس لن يكمل عاما ودعوته لاعتماده هذه الجملة كتصريح صحافي فأجابني ان هذا التصريح خطير وطلب مني التأني فيه لكني رفضت طلبه ومقابل ذلك تمنى علي الا أعطي هذا اتصريح لأي صحافي آخر.• وماذا حدث بعد هذا التصريح ؟ بعد ان صرحت بأن المجلس لن يكمل عاما،طلبني الرئيس احمد لسعدون وقال لي ما هذا التصريح بعد المكسب الذي حققه المجلس فأجبته ان هذا التصريح رداً على رأيك، فقد طلبت منك ان تعبر بالسفينة فقلت لي انك ستعبرها بالقوة، وأنا الآن على استعداد لعقد مؤتمر صحافي اعلن فيه ان المجلس سيكمل مدته الأربع سنوات بحكمة رئيسه واعضائه اذا حصلت منك على وعد بتهدئة الوضع واعطاء الحكومة شيئا مقابل كسب أشياء لكنه رفض، وقال ان المجلس سينزع الحكومة وزيرا وزيرا وبالفعل بعد هذا التصريح بأيام توالت الاستجوابات على الحكومة ولم يمض على تصريحي سوى شهرين حتى حل المجلس حلاً غير دستوري، ولو عاد بي الزمن بعد لقائي الثاني مع السعدون بشأن التهدئة في مجلس 85 لصرحت ان المجلس لن يكمل أشهرا وليس عاما.• بعد معاصرتك ومعايشتك لعمل البرلماني منذ المجلس التأسيسي وحتى مجلس 1985 ما الذي استخلصته من هذه التجربة ؟ الديموقراطية في الكويت قائمة ومستمرة منذ خمسين عاما الى ماشاء الله، ودستورنا يعد من الدساتير الصامتة التي لم تغير أو تعدّل وليس بحاجة لذلك، لأن من صاغوا مواده وضعوا خلاصة تجربتهم في الحياة وبالنسبة للعمل البرلماني والديموقراطية في الكويت بالإمكان أن يكونا مثاليين شريطة ابتعاد الممارسة عن التجريح، فالمسؤول والوزير يبقى مواطنا له أسره وأبناء... يجب ان يحاسب بصفته وليس بشخصه ويجب ان تتم مخاطبة الوزراء بأسمائهم وبكل احترام بمعنى ان النائب مطالب عند مخاطبته الوزير ان يذكر الاخ الوزير المحترم، كما ان الوزير مطالب عند حديثه للنائب ان يذكر الاخ النائب المحترم وخلاف ذلك مخالف للائحة وفيه تقليل من الشأن، وانا هنا استذكر موقف لوالدي عندما طالب في المجلس الاول من المغفور له الشيخ جابر العلي وزير الكهرباء والماء آنذاك توفير الكهرباء لمحافظة الاحمدي اجابة الشيخ بانه لا يوجد لديهم الامكانية الآن لتزويد المناطق بالكهرباء فعقب والدي بالقول انا استغرب من رد الاخ الوزير بعدم امكانية وصول الكهرباء لمحافظة الاحمدي رغم وصولها الى منطقة الجليعة فعقب الشيخ جابر العلي بعفوية ماذا تقصد بودعيج... هل تقصد شاليهي، فهو مضاء بماكينة كهرباء، هنا رفض والدي طريقة الرد وخاطب الرئاسة قائلاً: انا العضو خليفة الجري ممثل الشعب ويجب على الوزير ان يخاطبني الأخ العضو المحترم أما بودعيج يخاطبني بها في الديوانية، وهذا ان دل على أمر انما يدل على وعي الأعضاء لبروتوكول الخطاب في المجلس واحترام اللائحة الداخلية للمجلس وعندها على الفور طلب رئيس المجلس من الوزير مخاطبة الوالد باحترام فقال الشيخ جابر العلي: أكن كل احترام للأخ العضو المحترم خليفة طلال الجري وقلت بودعيج من باب الميانة.• قد تختلط مفاهيم الديموقراطية والممارسة البرلمانية لدى البعض من الجيل الحالي، لكن أنتم ممن عاصر نشأة هذه الممارسة كيف تفهمونها؟ الديموقراطية لا تعني أن يكون البرلمان لونا واحدا، وإلا لما اصبحت ديموقراطية والمفترض أن يكون لها ألوان متعددة وللأسف الديموقراطية لم تأخذ حقها في المجالس التي شكلت بعد الغزو العراقي فكانت مجالس شد وجذب الى أن جاء هذا المجلس الذي ألقى كل شيء في أحضان الحكومة ونحن هنا لا نقول اعطوا كل شيء للحكومة ولا يجب ان يؤخذ كل شيء من الحكومة، الديموقراطية تعني أخذاً وعطاء وان تتنازل عن مكسب من أجل مكاسب واحترام رأي الآخر والحقيقة هنا تقال ان المجلس الحالي من أكثر المجالس من حيث الانجاز التشريعي لكنه فاقد الدور الرقابي والمفترض في الممارسة البرلمانية علاوة على تنوعها أن توازن بين الرقابة والتشريع وغياب هذا التوازن بين الحكومة والمجلس يخل بالديموقراطية.• من المتسبب في اخلال التوازن في الديموقراطية وهل للأزمة السياسية التي شهدتها البلاد بعد ابطال مجلس 2012 علاقة بهذه الاشكالية ؟ اولا أنا ضد النزول الى الشارع وعندما ينزل أعضاء مجلس الامة للشارع يكونون تخلوا عن دورهم الذي حملهم اياه الشعب وكأن النائب يقول للمواطن انزلوا وانا وراء كم وهذا غير صحيح، فالمواطن قدم النائب أمامه والتشريع بيده والرقابة، والمجلس الذي حدثت فيه الازمة كان لديه غالبية والخطأ الذي وقع فيه مجلس 85 وقع فيه مجلس 2012 المبطل الاول.• الازمة بدأت من مجلس 2009 وأعضاء الغالبية المقاطعة لم يكونوا غالبية في هذا المجلس ؟ نعم لم تكن المعارضة غالبية في مجلس 2009 لكن كان لهم صوت يسمع وكان باستطاعتهم الانجاز لو اتزنوا وقد عرضت عليهم المشاركة في الحكومة في مجلس 2012 لكنهم طالبوا بـ9 وزراء !! وهذا غير معقول فكيف يكون لهم غالبية المجلس والحكومة وماذا بقي للطرف الاخر وإذا تحقق ذلك سنفقد التوازن.• هل تقصد ان مجالس عام 2008 وما تلاها فقدت التوازن ؟ جميع المجالس من بعد الغزو العراقي الغاشم حتى وقتنا هذا فقدت التوازن السياسي ودائما ما يكون فيها كفة مرجحة على اخرى فعلى سبيل المثال المفترض بأعضاء مجلس الامة عدم التدخل في أعمال السلطة التنفيذية ومنذ زمن نحن نجد النواب في أروقة الوزارات وهذا تدخل في أعمال السلطة التنفيذية والأصل أن تقر قوانين تحقق العدالة الاجتماعية وعندها لن يحتاج المواطن للوساطة النيابية.• ما الذي نحتاجه الان لإعادة هذا التوازن بين السلطات من وجهة نظرك ؟ لإعادة التوازن السياسي يجب أن تكون هناك مشاركة للقوى السياسية المعارضة في البرلمان وأن يكون لديهم اخلاص للبلد ونظرة مستقبلية لمصلحتها والاتزان بين الدور الرقابي والتشريعي في المجلس وليس خارجه وفي المقابل حكومة قادرة على المبادرة والقضاء على الدورة المستندية التي ستقضي على المشاريع الكبرى وتعطلها خاصة وأننا نتطلع الى تحقيق رغبة صاحب السمو أمير البلاد بتحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري في المنطقة، ونحن نريد أن نلحق بركب الدول المجاورة وليس الدول المتقدمة و|أنا متفائل جداً بان الكويت متى ما أصبحت مركزا ماليا وتجاريا ستسحب البساط من كل دول الخليج.• هل تعتقد أننا سياسيا مررنا بمرحلة وانتهت وسندخل في مرحلة جديدة ؟ انا اعتقد ان التجربة السياسية الماضية شبيهة بمرحلة مجلس 85 والكل يتفق على أن الحكومات لديها سلبيات لكن في المقابل لديها أيضا ايجابيات والمفترض الا نركز على السلبيات ونترك الايجابيات وانما علينا معالجتها، وأنا أرى بعد انتهاء فترة المجلس الحالي واعادة الانتخابات ستشارك كل الفئات، وأنا اناشد الجميع للمشاركة فنحن لا نريد تراكم الأخطاء خاصة وأن الصوت الواحد أصبح اليوم واقعاً.• هل لك نية بالترشح للانتخابات المقبلة ؟- ليس لديّ رغبة بالترشح، وقد أديت الدور الذي كان عليّ القيام به ودخلت وخرجت من المجلس بثوب أبيض ولله الحمد ولا أريد تكرار تجربتي، وكلي أمل أن أرى الكويت مزدهرة وتعود درة الخليج وأن تكون أفضل من الدول التي حولنا ويشار لها بالبنان، وأتمنى تحقيق رغبة صاحب السمو بتحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري وهي تجلب كل أسباب النهضة وأتمنى من المسؤولين أن يتعاونوا مع القطاع الخاص في انجاز المشاريع.
محليات
أصغر نائب في مجلس 1985 فتح دفتر الذكريات متحدثاً عن الحياة السياسية ومحطاتها الساخنة
دعيج الجري لـ«الراي»: الصيغة القائمة على التوازن والتجانس هي من أبقى التجربة الديموقراطية في البلاد
12:27 م