مع تشييع «حزب الله» امس عميد الأسرى اللبنانيين في السجون الاسرائيلية سمير القنطار الذي استهدفته الدولة العبرية ليل السبت داخل أحد المباني في جرمانا السورية (ريف دمشق)، ثم إطلالة الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله التلفزيونية متحدّثاً عن اغتيال «المحرَّر الأغلى» وتداعيات العملية على قواعد الاشتباك مع «العدو الاسرائيلي»، بدا ان تفاعلات جديدة للأزمة السورية أطلّت على الواقع اللبناني الذي غرق منذ إعلان مصرع «أبو علي» (القنطار) في قراءة دلالات هذا الحدَث الذي تَداخل فيه عنصرا الانخراط العسكري لـ «حزب الله» في الحرب السورية والتدخل الحربي الروسي (الداعم لنظام الرئيس بشار الاسد).وفيما شهدت جبهة الجنوب اللبناني امس هدوءاً غداة إطلاق ثلاثة صواريخ كاتيوشا من محيط منطقة الحنية قضاء صور سقط 2 منهما في في منطقة نهاريا (شمال اسرائيل) والثالث في البحر، ثم ردّ الجيش الإسرائيلي بنحو ثماني قذائف هاون من عيار 120 ملم سقطت قرب زبقين (بجوار الحنية)، بدا واضحاً حجم الإرباك الذي شكّله «اصطياد» القنطار في جرمانا، ليكون ثالث قيادي في «حزب الله» يسقط في سورية على يد اسرائيل بعد عماد مغنية (فبراير 2008) ونجله جهاد (يناير 2015).وما زاد من حجم الإرباك ان استهداف القنطار، الذي يعتبره «حزب الله» مسؤولاً عن ملف الإستقطاب الدرزي في القنيطرة والجولان ضمن أطر انشاء قوة مقاومة ضد اسرائيل عندما تضع الحرب السورية أوزارها، حصل «تحت سماء» سورية التي تحكمها منذ الدخول الروسي العسكري المباشر على خط الحرب فيها «قواعد تنسيق» رسمية بين موسكو واسرائيل لتفادي اي «احتكاكات» مفاجئة لا يريدها الطرفان و«تنظيم» مصالحهما داخل «ملعب النار» السوري، على قاعدة أن لا تدافع روسيا عن اي شخص او جهة تنوي القيام بعمل عسكري ضدّ اسرائيل وان لا تتدخل في ما يتصل بالصراع بين «حزب الله» واسرائيل التي تمتنع في المقابل عن مهاجمة اي فصيل تابع لايران او «حزب الله» او النظام السوري أثناء قتالهم ما داموا لا يشكلون اي خطر على اسرائيل.ومن هنا، فإن استهداف القنطار، الذي كان أمضى 29 عاماً في السجون الاسرائيلية ولم يخرج إلا في يوليو 2008 كنتيجة لـ «حرب يوليو 2006» التي ارتبطت باسمه (خطف حزب الله جنديان اسرائيليان لمبادلتهما به)، حمل مجموعة علامات استفهام حول كيفية استهداف طائرتين إسرائيليتين القنطار بعدما أطلقت كل واحدة منها صاروخين من فوق بحيرة طبريا (أي من دون ان تخرقا المجال الجوي السوري) لتصيبا «الهدف» في جرمانا التي تبعد خمسة كيلومترات عن دمشق، وذلك من دون علم الجانب الروسي، ولا سيما ان تقارير رسمية كانت تحدثت مراراً عن «خط ساخن» وتبادل معلومات «على مدار الساعة» بين عسكريين روس واسرائيليين بهدف التنسيق في ما خص الوضع في المجال الجوي السوري.وفيما تركّزت القراءات على «معاني» عدم تحريك روسيا صواريخ «أس – 400» لاعتراض الصواريخ الاسرائيلية ودلالات دفع «حزب الله» ومن خلفه ايران ثمن تحالف المصالح الروسي - الاسرائيلي، مرّ في بيروت عابراً الفيديو الذي نُسب الى لواء فرسان حوران في «الجيش السوري الحر» وتبنى فيه شخص ظهرت وراءه مجموعة من المسلحين اغتيال القنطار بالاشتراك مع «لواء المهام السري في العاصمة دمشق التابع لغرفة عمليات دمشق وريفها»، معتبراً ان «ما يقوله حزب الله عن استهداف القنطار من الطيران الصهيوني ما هو إلا محاولة منه لإحباط شجاعة الجيش السوري الحر ورفع معنويات المرتزقة جماعته».وخلال التشييع الحاشد للقنطار (سقط معه مرافقه من حزب الله محمد نعسو، وفرحان شعلان وهو قيادي في «المقاومة الاسلامية» السورية) بعد ظهر امس في الضاحية الجنوبية لبيروت، كرر «حزب الله» بلسان رئيس المجلس التنفيذي هاشم صفي الدين اتهام اسرائيل باغتيال «ابو علي»، اذ اعلن انه «اذا كان الاسرائيلي يتخيّل انه قد اقفل حساباً باغتيال الأسير القنطار فانه مخطئ جداً لانه يعلم وسيعلم تماماً انه فتح على نفسه حسابات، فنحن اخوة سمير ونحن ابناء هذه المقاومة التي يفتح لها الشهداء ابواباً لا تخطر على بال، فان لم يتعلم الاسرائيلي من كل تجاربه الفاشلة من اغتيال القادة فانه سيدرك بانه ارتكب حماقة جديدة وحسابنا معكم لن ينتهِ».وفيما لم تعلن إسرائيل رسمياً مسؤوليتها عن عملية جرمانا واكتفى أكثر من مسؤول فيها بالترحيب بالاغتيال، بدا ان «الهبة الساخنة» التي شهدها الجنوب اللبناني مساء الاحد مع إطلاق 3 صواريخ من منطقة الحنية - صور باتجاه شمال اسرائيل، كانت مجرّد تسخين «موْضعي» بدليل الردّ الاسرائيلي «المحصور» وعدم اتهام تل ابيب لـ «حزب الله» بالوقوف وراء الكاتيوشا، علماً ان مصادر امنية رجّحت وقوف مجموعات فلسطينية وراء الصواريخ بدليل ان المنصات التي استعملت لإطلاقها من صنع قديم وبعدد محدود.رفض التعليق على الغارة أو القول ما إذا كانت موسكو أبلغت بها

الكرملين: هناك آليات لتبادل المعلومات مع إسرائيل

رفض الكرملين التعليق على الغارة الإسرائيلية على سورية التي أدت إلى مقتل القيادي في «حزب الله» سمير القنطار، وما إذا كانت إسرائيل أبلغت روسيا بها مسبقا، وأحال جميع الأسئلة بهذا الشأن إلى وزارة الدفاع الروسية.وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: «كما تعرفون هناك آليات لتبادل المعلومات بين هيئتي الأركان (في الجيشين الروسي والإسرائيلي)، ويجب إحالة الأسئلة حول ما إذا كانت هناك أي معلومات قدمت مسبقا من جانب إسرائيل، إلى الزملاء العسكريين». كما أكد بيسكوف أن العملية العسكرية الروسية في سورية تجري بمراعاة تامة للقانون الدولي، ونفى استخدام الجيش الروسي للقنابل العنقودية.وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» نددت باستخدام روسيا للقنابل العنقودية في سورية.