أعلن العدو الصهيوني الإفراج عن 198 أسيراً فلسطينياً - قبل أيام - ممن وضعت قوائمهم سلطة الضفة بقيادة أبو مازن، وقد وضح تماماً للمراقبين كلهم أن الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين التابع أكثرهم لمنظمة «فتح»، هو نوع من النكاية لـ«حماس» الصامدة أمام المؤامرات كلها، وأيضاً تقوية لمنظمة «فتح» التي ضعف موقفها تماماً أمام الفلسطينيين وباتت تشكل هماً للفلسطينيين، بدلاً من أن تصبح أملاً.
/>لكن هل الإفراج عن 198 أسيراً فلسطينياً، سيجعل الفلسطينيين يخرجون في الضفة وغزة ويهتفون الهتاف العربي التقليدي عند كل نصر مصطنع بالروح والدم نفديك يا أبو مازن؟
/>الإجابة لمن يعرف الواقع الفلسطيني أن الافراج عن الأسرى لن يخرج عن فرحة الأسرى وأهاليهم فقط، إذ إن الواقع الفلسطيني يتميز بمميزات فريدة عدة عن الشعوب العربية منها: أن أصغر طفل فلسطيني، أعلم بمؤامرات الصهاينة من كثيرين من السياسيين في عالمنا العربي.
/>إن الفلسطينيين يتميزون بثقافة سياسية فريدة في العالم العربي، خصوصاً في ما يتعلق بمنظماتهم الفلسطينية وخطط إداراتها للصراع مع اليهود.
/>«حماس» لم تحقق قوتها على الأرض الفلسطينية إلا عبر صمودها وتضحياتها وثباتها أمام مؤامرات العدو. لكن توقيت الإفراج عن الأسرى هو المهم، فالعدو الصهيوني يعلم أن ملف الأسرى من أعقد الملفات، وقد سبق رفض طلب الإفراج عن قيادات فلسطينية على رأسها مروان البرغوثي وأحمد سعدات، ما أصاب أبو مازن بصدمة فقد كان يطمع في تحقيق أي نصر في أي ملف سياسي والأيام والأعوام تمر ولا يحقق غير التراجع وخذلان حقوق الفلسطينيين.
/>وعلى الجانب الآخر، «حماس» تقوى وانفردت بحكم غزة وزادت شعبيتها وتسعى بقوة عبر ملف الجندي الصهيوني الأسير شاليط إلى تحقيق نصر كبير في ملف الإفراج عن الأسرى.
/>لذلك يرجح أن الافراج عن الأسرى الـ 198 الفلسطينيين، تم بأوامر أميركية لمحاولة تقوية أبو مازن بأي مسكن، وفي المقابل تأخير التفاوض مع «حماس» في شأن شاليط وإفراج عن الأسرى بحيث تبدو «حماس» أمام الفلسطينيين فاشلة في تحقيق أي تقدم سواء في ملف الأسرى أو رفع الحصار الاقتصادي.
/>وأيضا لا تفوتني الإشارة إلى ما حدث من الإفراج عن أسرى في صفقة بين «حزب الله» والعدو الصهيوني، ما شكل عبئاً على سلطة الضفة التي أصبحت كـ «خيال المآتة» في حقل الصراع الفلسطيني الصهيوني.
/>وفي تلك الصفقة الأخيرة، ربما يتعمد البعض عدم النظر بعمق للكم الهائل من التجارب التي حصل عليها الفلسطينيون في خلال الـ 60 عاماً الفائتة، وهي خبرة تجعل الأطفال قبل الكبار في فلسطين يدركون ببساطة المؤامرات التي تحاك ضدهم.
/>لذلك إذا كان الإفراج عن أسرى «فتح» الـ 198 يعتبره البعض نكاية في «حماس» ونصراً لمنظمة «فتح»، فالحقيقة أنه وهم كبير واهٍ كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، لأن «حماس» هي الرابحة عند الفلسطينيين بانكشاف فضيحة التآمر بين أبو مازن والصهاينة على عدم الإفراج عن الأسرى بانتمائهم لفلسطين، إنما الإفراج بالنظر في انتمائهم التنظيمي، بخلاف أن ملف الأسرى ملف يجيد اليهود اللعب فيه، فهم في كل يوم يعتقلون فلسطينيين جدداً والمعتقلات مملوءة بالفلسطينيين.
/>وأخيراً «حماس»، لديها أسير يساوي عند الصهاينة ألف أسير، والسلطة في الضفة لا تملك أي ورقة تفاوض والإفراج عن الـ 189 معتقلاً لن يمنع الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، ربما يتم تأخير الإفراج، لكن سيفرج عنهم بإذن الله بشروط «حماس» شروط العزة والكرامة، وليس بطلب أميركي.
/>ممدوح إسماعيل
/>محام وكاتبٍ مصري
/>elsharia5@hotmail.com
/>