واصل القضاء اللبناني تحقيقاته مع النائب السابق حسن يعقوب في قضية خطف هنيبعل معمّر القذافي قبل ان يصبح الأخير ملاحَقاً في بيروت بتهمة كتم معلومات في ملف خطف نظام والده للإمام موسى الصدر ورفيقيْه الشيخ محمد يعقوب وعباس بدر الدين خلال زيارة لطرابلس الغرب العام 1978.وأنهت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي تحقيقاتها مع يعقوب (وهو نجل الشيح محمد يعقوب) في قضية خطف القذافي، وأحالته على النيابة العامة في بعبدا، حيث سيستمع اليه قاضي التحقيق مطلع الاسبوع، وذلك وسط استمرار عائلته في التحركات الاحتجاجية المعترضة على ما تسميه «توقيف مسيّس»، في حين يُسجّل صمت بالغ الدلالات لكل من الثنائي الشيعي «حركة أمل» و«حزب الله» حيال القبض على النائب السابق كما ملاحقة نجل القذافي.وفي انتظار ما سيحمله الاثنين في ضوء ما يفترض ان يدلي به يعقوب أمام قاضي التحقيق، شكّل انكشاف هوية السيدة التي قيل بدايةً انها ساهمت مع يعقوب في استدراج القذافي من سورية وايقاعه في «الفخ» لخطْفه، مفاجأة من «العيار الثقيل» اذ اتضح انها فاطمة مسعود (لبنانية الأصل)، أرملة هلال الأسد (ابن عم الرئيس بشار الاسد والقائد السابق لقوات الدفاع المدني في اللاذقية) ووالدة سليمان الأسد التي كان برز اسمها قبل نحو ثلاثة اشهر بعد توقيف ابنها لاتهامه بقتل العقيد في القوات الجوية حسان الشيخ، وخصوصاً بعدما أعلنت أنها ستفضح بالصور والوثائق هوية الذين ساهموا في تفاقم حال ابنها في ادمان المخدرات ووصوله إلى هذه الدرجة من الاجرام، قبل ان تعلن على صفحتها الخاصة على «فيسبوك» أنها تعرضت لإطلاق نار من هالة الأسد (شقيقة هلال) انتقاماً منها على موقفها ضد آل الأسد في ما يخص قضية ابنها سليمان وموقفها المتضامن مع عائلة الشيخ.وأشارت تقارير في بيروت الى ان فاطمة الأسد تربطها صداقة بهنيبعل، وبيعقوب، كل على حدة وانها تعرفت إلى نجل «العقيد» عبر أخته عائشة، فيما جمعتها بالنائب اللبناني السابق علاقة ودّ واحترام بعدما آزرها الأخير عند مقتل زوجها في الحرب السورية.وكشفت صحيفة «الأخبار» نقلاً عن مصادر قضائية ان فاطمة (تردّد انها تقيم منذ فترة في لبنان) قالت في إفادتها امام الاجهزة اللبنانية ان يعقوب أقنعها بأن في استطاعته «مساعدة هنيبعل الذي طلب دعمها في حل مشكلات لديه»، جازمة بأنه «لم يخطر ببالها القاسم المشترك بين صديقيها»، كون معمّر القذافي هو المتهم بإخفاء والد يعقوب مع الإمام الصدر.وحسب التقارير نفسها، فقد بدأت الاتصالات بين هنيبعل ويعقوب، عبر فاطمة، قبل ثلاثة أشهر من الخطف اذ «وعد يعقوب بتقديم القذافي إلى شخصيات لبنانية». وروت فاطمة انه مطلع الشهر الجاري، حُدّد الموعد على طريق المزة في دمشق حوالى الساعة الثامنة والنصف ليلاً، بطلب من يعقوب، و«ترك هنيبعل سيارته وسائقه وصعد إلى السيارة التي أرسلها يعقوب وتوجه مع الأشخاص الذين كانوا بداخلها نحو طريق غير مأهول، إلى أن توقفوا وأنزلوه ووضعوه في صندوق السيارة ثم ساروا به نحو البقاع».واشارت التقارير الى انه بعد مرور ساعات على الموعد، اتصلت فاطمة وزوجة هنيبعل اللبنانية ألين سكاف للاطمئنان عليه، لكن هاتفه كان مقفلاً. بعد اتصالات عدة، أجاب يعقوب قائلاً إن «هنيبعل بخير وبأيد أمينة». وقالت فاطمة امام المحققين إن يعقوب وعدها بأن يجعل هنيبعل يتصل بزوجته. ولكن مرّت الأيام على فاطمة وهي تتأرجح بين الاطمئنان والريبة، إلى أن شاهدت التسجيل على وسائل الإعلام. عندها أدركت «الفخ الذي نصبه يعقوب»، فقررت البوح بما تعرفه، متّهمة يعقوب بتوريطها.وحسب المصادر القضائية، فان ثمة شخصاً علم بعملية الخطف بعد أيام، وبالمكان الذي يحتجز فيه هنيبعل، فسارع إلى «دهم» المكان حيث وجده مقيّداً، وحاول انتزاعه من أيدي خاطفيه، قبل تسليمه إلى فرع المعلومات.الا ان مصادر أخرى اشارت الى ان فاطمة مسعود الأسد كانت تطلب من يعقوب أن يتوسّط لها لدى «حزب الله» كي تدفعَ بعض الجهات الإيرانية أموالاً كانت لزوجها معهم وانها أرادت مساعدة هنيبعل على الدخول إلى لبنان لتخليص بعض المعاملات التي تخصّه، فلجَأت إلى يعقوب الذي أبدى استعداداً للمساعدة طالباً الاجتماع بهنيبعل، ومساعدته في معرفة أيّ معلومات قد تكون بحوزته عن اختفاء الإمام الصدر ورفيقيه، «وساهمَت فاطمة عن حسن نيّة بترتيب هذا التواصل».ووفق هذه المصادر، فان يعقوب «توَجَّه إلى دمشق للقاء هنيبعل مع مجموعة من سيارتين، وتمّ استدراجُه للنزول من فندق (شيراتون) حيث تمَّ وضعُ كيس في رأسه، ووضعُه في صندوق إحدى السيارتين، ومن ثمّ اقتياده إلى لبنان عبر الخط العسكري، كلّ ذلك بغير عِلم النظام السوري، وبغير قصدٍ مِن فاطمة الأسد التي فوجئَت بالخطف».وتقاطعت كل المعلومات عند تأكيد ان توقيف يعقوب جاء بناء على معطيات مثبَتة بالأدلّة والاعترافات وتحليل داتا الاتصالات ووجود شرائط مسجّلة.يُذكر ان تقارير كانت أشارت بعيد انكشاف عملية خطف القذافي قبل تسريحه في احدى بلدات بعلبك (البقاع) ان هنيبعل خُطف في سورية على يد مجموعة تابعة لسليمان هلال الأسد قبل تسليمه إلى أشخاص في لبنان احتجزوه في منطقة البقاع لبضعة أيام.