فاح أريجها في«حكاية العطور» وتزيّنت بـ«حبة اللولو».إنها المخرجة والكاتبة والممثلة اللبنانية الشابة زينة مكي، التي نشأت في الكويت وعاشت فيها أجمل أيام الطفولة والصِّبا.وبالرغم من أنها لا تزال في أول المشوار، فإنها رشحت لجائزة أفضل ممثلة عن أحد أفلامها القصيرة، في مهرجان«سان تروبيه» السينمائي في فرنسا، كما حازت على جائزة أفضل فيلم وثائقي، في مهرجان موناكو، لتناول الفيلم قضية إنسانية، حول مرض انحناء العمود الفقري والمعروف علمياً باسم «سكوليوسيس»، وهو مرض نادر ولم تتطرق له السينما العربية في أعمالها من قبل. زينة التي فاجأت الجمهور اللبناني ببطولتها «الندية» في فيلم «حبة لولو» الذي حاز المركز الأول على شباك التذاكر في العام 2013، مهّد لها لإطلالات أخرى، سينمائياً حيث كانت بطلة لفيلم «نسوان» ومن ثم إلى تقاسم البطولة مع باقة من الفنانين اللبنانيين في مسلسل «وجع الروح» لتتوّج تجربتها طرية العود في بطولة مسلسل «درب الياسمين» الذي حصد المركز الاول في مهرجان فني إيراني، مشددة على أن من الظلم تصنيف فنان لظهوره في أعمال معينة وعلى قناة معينة، خصوصاً أن رسالته الأسمى أنه لجميع الناس.وكشفت مكي في حوارها مع«الراي» عن أحلام كبيرة تخزّنها للقادم من الأيام، معلنة أن واحداً من هذه الأحلام القابلة للتحقق قريباً، فيلم روائي طويل تعكف على كتابته حالياً، إضافة إلى فيلم قصير انتهت منه قبل مدة قريبة، وهو من كتابتها وتمثيلها وإخراجها، ستخوض به المنافسات في مهرجانات عالمية، بعد أن تذوقت طعم الفوز عن فيلمها الوثائقي الأول الذي قدمته إلى مهرجان موناكو السينمائي وهي لا تزال طالبة وقبل التخرج، وعنوانه «ينحني ولا ينكسر».وأكدت زينة أنها لا تمانع المشاركة في الدراما الكويتية أو الخليجية كممثلة، في حال عرض عليها الدور المناسب، مبدية إعجابها بالطاقات الكويتية الشابة في مجال التمثيل والمسرح، معبّرة عن يقينها بأن المستقبل سيكون فاتحاً ذراعيه للعديد من هؤلاء الشبان والشابات الواعدين في عالم الفن. التفاصيل في هذه السطور:•في البداية، نود التعرف على سبب زيارتك إلى البلاد؟- أنا لا أعتبر نفسي غريبة عن الكويت وأهلها، لا سيما أنني ولدتُ فيها وتعلمت في مدارسها، فهنا يقيم أهلي وأصدقائي، وهنا عشت أجمل أيام الطفولة والصِّبا، فالكويت لم تكن إلا الدار التي وجدت فيها نبع الخير والأمل، ويكفيني أنني فتحت عيني تحت سمائها، وإذا غبت عنها شهراً أو شهرين تراني مشدودة لزيارتها، بالرغم من الانشغالات الكثيرة أحياناً. ألم يقل الشاعر «ما الحب إلا للحبيب الأول؟».لقد كنت في غاية السعادة عندما تلقيت الدعوة من القائمين على مهرجان الكويت المسرحي الـ 16 لأحل ضيفة على المهرجان، لم أتردد هنيهة في تلبية الدعوة والحضور، واعتبرتها كمن يدعونني إلى زيارة بيتي، فجئت أحمل في القلب حنيناً إلى حفنة من ذكريات الطفولة التي تستعصي على النسيان، ومشاعر الشوق، ولكي أهديها بتواضع، عربوناً للمحبة إلى هذه الأرض، التي درجت عليها أولى خطواتي.• ما هو العمل الذي شهد ولادتك الفنية؟- انطلق مشواري الفني، من خلال فيلم لبناني قصير بعنوان «حكاية العطور»، وهو من تأليفي وإخراجي، مع الإشارة إلى أن الفيلم كان مشروع تخرجي في جامعة «سيدة اللويزة» وقد منحته كل ما يستحق من اهتمام وعملت عليه كما لو أنني أقوم بإخراج فيلم عالمي، وبالفعل حظي الفيلم وقتذاك بأصداء طيبة، خصوصاً عند مشاركته في مهرجان الخليج السينمائي في دبي، وأبدى كثيرون من النقاد إعجابهم بالمستوى التقني العالي، خصوصاً لجهة التصوير الذي أبهرهم.•جسدتِ في فيلم وثائقي قصير معاناتك مع مرض انحناء العمود الفقري، المعروف علمياً بـ«سكوليوسيس»، فهل لاقى العمل تفاعل النقاد والجماهير في المهرجانات السينمائية؟- بالطبع، فقد حاز العمل على جائزة أفضل فيلم وثائقي قصير في مهرجان موناكو السينمائي، كما رشح للفوز في مهرجانات عالمية عديدة، لما يحمله من معاناة إنسانية مريرة، يكابدها الكثيرون من المصابين بهذا المرض، والذي كان يصنّف في خانة الأمراض النادرة، قبل انتشاره المخيف في الآونة الأخيرة بين الذكور، والإناث على وجه الخصوص.• في رأيك، هل حقق الفيلم الوثائقي سالف الذكر أهدافه الإنسانية؟- طالما أن العمل قد حظي بإعجاب الجميع من نقاد وجماهير، ونال التكريم في واحد من أكبر المهرجانات السينمائية، فإن الرسالة قد بلغت مبتغاها بكل تأكيد، مع العلم أنني أسعى بدأب إلى أن تكون كل أعمالي محملة بالرسائل ذات الأبعاد الإنسانية، لتلامس الواقع الذي نعيشه، حتى وإن كانت تلك الأعمال تنتمي إلى نوعية الدراما الكوميدية.ولا أخفيك القول إنني كنت مترددة بعض الشيء في الذهاب إلى موناكو، وأنا أتساءل هل من الممكن أن يحقق الفيلم نجاحاً وسط عشرات إن لم يكن مئات المتنافسين من مختلف دول العالم، علما أن الفيلم أنتج بتقنيات عادية، هي ليست أكثر من صور تحكي، وأخرى «جامدة» استعنت بها لأشرح المراحل التي مررت بها في معاناتي مع مرض «انحناء الظهر»، حتى أنني سافرت في اللحظة الأخيرة، وكأنه مكتوب للصبية الشابة الجامعية أن تسير على السجادة الحمراء وهي في العشرين من عمرها... فعلاً «ينحني ولا ينكسر» وهو عنوان الفيلم.ولا بد من الإشارة إلى الأثر الكبير الذي تركته المشاركة في المهرجان، وليس الفوز بالجائزة، لقد كانت التجربة الأولى في التماس مع «العالمية» ولا أقصد الشهرة هنا، بل العاملين في هذا المجال. أدركت كم يقدرون الفن، الممزوج بمعاناة أو دمعة أو حزن أو حتى ضحكة، شرط أن يكون كل ذلك حقيقياً. لا يعنيهم أكثر من الصدق، وهكذا فالقائمون على المهرجان ربما تكون قد بهرتهم القصة الصادقة، فغضوا النظر كثيراً وكثيراً جداً عن المستوى التقني، وربما أنهم لم يأخذوه في الحسبان.•ما أهم القرارات التي اتخذتها في حياتك؟- أعتقد أن خضوعي للعملية الجراحية، لمعالجة الانحناء في عمودي الفقري، هو أصعب القرارات التي اتخذتها في حياتي على الإطلاق، خصوصاً أنني كنتُ في الـ14 من عمري. وبالرغم من شعوري بالخوف الشديد في تلك الفترة، إلا أن قراري كان صائباً وبدعم وتشجيع ورعاية من الوالدين، وهذا ما اتضح جلياً بعد نجاح العملية، ما رفع من معنوياتي الشيء الكثير، وأوقد سراج الأمل في نفسي، لترجمة أحلامي في السينما، وعلى جسامة العملية الجراحية لم أشعر بأي إحباط في الوقت نفسه وصممت على ممارسة هواياتي كرقص الباليه وركوب الخيل.• كونك مخرجة وكاتبة وممثلة، فكيف توفقين في تولي كل هذه المهام، وما الموهبة الأقرب إلى نفسك من بين ما سبق ذكره؟- كأنك تسأل أماً عن أعز الأولاد إلى قلبها؟!، فلكل ولد محبته الخاصة، التي تميّزه عن الآخر، فإذا كان الابن حديث الولادة يحظى بالاهتمام أكثر من شقيقه الأكبر، لكن هو قطعاً ليس أفضل منه بشيء، والحال ذاتها تنطبق في مجالي الفني، حيث أهوى بنات أفكاري في الكتابة وأعشق متعة الإخراج السينمائي وأحب التمثيل، ففي كل مجال أجد متعة معينة، وأعيش معها شكلاً آخر من التعبير الذاتي.• ما عدد الأعمال الدرامية والسينمائية في رصيدك الفني؟- لديّ أكثر من 10 أفلام قصيرة، منها أفلام مشتركة وأخرى مستقلة، حازت غالبيتها على جوائز عالمية عديدة، كما رشحت لجائزة أفضل ممثلة في مهرجان «سان تروبيه» السينمائي في فرنسا قبل 4 سنوات، فضلاً عن الأعمال الدرامية الأخرى كمسلسل «درب الياسمين» حيث قدمت فيه دور الفتاة الجنوبية المقاومة «ياسمين»، إضافة إلى مشاركتي كضيفة شرف في مسلسل «24 قيراط»، وقبلهما مسلسل «وجع الروح»، ولكل منها رصيده في مشواري الفني.• يعاب على الوسط الفني في لبنان، تهميشه للقضايا الشائكة التي تؤرق المواطن اللبناني خاصة، والمواطن العربي بشكل عام، فيما تتناول غالبية الأعمال الفنية هناك أمور سطحية من وجهة نظر الكثيرين، فما قولك؟- هذا الكلام صحيح إلى حد ما بالنسبة إلى الدراما التلفزيونية فقط، بعض الدراما على وجه التحديد، كونها تغيب من حين إلى آخر عن الواقع المجتمعي، لكن الأمر لا ينطبق على حال المسرح والسينما، لطرحهما الكثير من القضايا الإنسانية والاجتماعية والسياسية الحساسة، وأود أن أشير إلى نقطة مهمة، وهي أن ذائقة المتلقي تتباين في المجتمعات العربية، وتختلف من بلد إلى بلد، والدليل على ذلك أنه عند عرض فيلمي الجماهيري الأول «حبة لولو» في الإمارات لم يلق ترحيباً جماهيرياً واسعاً من جانب الجمهور الإماراتي، فيما أنه «كسّر الدنيا» وتصدر شباك التذاكر خلال عرضه في دور السينما اللبنانية.• لماذا قررت دراسة الإخراج السينمائي، في الوقت الذي تشهد فيه الدراما التلفزيونية الخليجية خاصة والعربية بشكل عام طفرة كبيرة؟- لا أجد نفسي كمخرجة في الدراما التلفزيونية، بل أنحاز إلى الفن السابع بشكل كبير، بحكم دراستي للإخراج السينمائي وتأثري الشديد بالأفلام القديمة، التي دأبت على مشاهدتها في طفولتي لكبار الفنانين والمخرجين العرب والعالميين، كما أن السينما لا تبخس حق صنّاعها من مخرجين أو كتّاب أو فنانين، وما من ضغوط تمارس على أحد لتنفيذ العمل السينمائي بسرعة قصوى، فالجميع يأخذ حقه ويمنح الوقت الكافي لإنجاز عمله، وهو ما يجذبني بقوة إلى هذا المجال، فضلاً عن أن هناك بوناً شاسعاً في الرؤية الإخراجية للفيلم السينمائي والمسلسل الدرامي.•هل نفهم من كلامك، أنه لا نية لديك على الإطلاق لإدارة دفة الإخرج في الدراما التلفزيونية؟- أنا لم أغلق الباب نهائياً، بل لا يزال هناك بصيص أمل لخوض غمار الإخراج التلفزيوني ولكن ليس الآن، بل قد يكون ذلك في قادم الأشهر أو السنوات. أما بالنسبة إلى الإخراج السينمائي، فأنا أتطلع لأقف وراء الكاميرا بعد أن وقفت أمامها، وقد يكون ذلك قريباً، لأخرج فيلمي الذي انتهيت من كتابته وأضع بين فترة وأخرى لمسة إضافية عليه، ليكون جاهزاً ليرى النور حين يتوفر الإنتاج، كما أريده، وهو مشروع فيلم أعتز بقصته كثيراً، لأنني أعتبره مغايراً إلى حد بعيد لما ينتج من أفلام حالياً، إضافة إلى أنه بالنسبة إليّ مثل «الابن» ولا أكشف سراً إذا قلت إنني أحياناً كنت أستيقظ من النوم لأكتب فيه، في حال وردت إلى ذهني خاطرة ما بخصوصه، لأنني كنت أنام بعين مفتحة وأخرى مغمضة، بمعنى أنني شبه صاحية.• لماذا لم يبدأ مشوارك الفني من الكويت؟- بعدما بلغت الـ18 من عمري، اشترطت على أهلي أن أقيم في لبنان، لكي أدرس الإخراج السينمائي وأصقل موهبتي هناك، وهو ما حدث بالفعل، ولم يخطر ببالي قط فكرة من أي بلد تكون بدايتي الفنية، وإنما كنتُ أحاول جاهدة أن أثبت مواهبي في السينما، خصوصاً أن الأرض السينمائية أكثر خصوبة في لبنان من الكويت، لذا فإنني قررت الذهاب إلى هناك.• في حال تلقيتِ عرضاً للمشاركة في الدراما الكويتية، فكيف سيكون موقفك؟- لا يخفى على أحد، أن للدراما الكويتية مكانة مرموقة في الساحة الفنية الخليجية والعربية منذ عقود مضت، وفي حال عرضت عليّ المشاركة بها، فسوف أدرس النص جيداً وأرى إذا كان الدور المسند لي يناسبني أم لا، وحينذاك لكل حادث حديث. وعلى فكرة، لقد تلقيت قبل فترة عروضاً للمشاركة في السينما الأوروبية، لكننّي رفضتها بسبب أنها لا تناسبني ولا تتفق مع قناعاتي، بالرغم من أن الأدوار كانت مهمة عدا عن المردود المادي.• هل تجيدين التحدث باللهجة الكويتية؟- أنا من مواليد الكويت، والعيش في لبنان لم ينسني مطلقاً اللهجة الكويتية المحببة إلى قلبي والتي عشت معها طوال 18 عاماً. نعم، قد أكون في حاجة إلى التمرّس أكثر لإتقانها، لكنها ليست غريبة عليّ أبداً.• من يعجبك من الفنانين الكويتيين؟- هناك العديد من القامات الفنية الكويتية التي دوّنت أسماءها بحروف من ذهب عبر صفحات الفن الخليجي والعربي، فالقائمة طويلة ولا يمكن حصرها ببضعة أسماء، هؤلاء هم رواد الزمن الجميل، من لا يعرف القامات الشامخة من مثل الأساتذة والأستاذات عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج وحياة الفهد وسعاد عبدالله، وأعتذر أشد الاعتذار عن عدم سرد بقية الأسماء، الذين هم أكبر بكثير من أن أقيمهم، وهؤلاء شكلوا مدرسة في العطاء عنوانها الصدق. أما بالنسبة إلى الفنانين الكويتيين من الجيل الجديد، أي من الشباب، فقد أعجبني أداء الفنان حمد أشكناني، فهو شاب طموح يمتلك أدوات الممثل الموهوب وينتظره مستقبل باهر، والأمر ذاته ينطبق على الفنانة الشابة روان التي أدت دورها ببراعة في مسرحية «العرس» ضمن مهرجان الكويت المسرحي الأخير.• ما هي مشاريعك الفنية المستقبلية؟- انتهيت أخيراً من تصوير مشاهدي في مسلسل «مدرسة الحب»، وهو عمل درامي مشترك، يجمع نخبة من الفنانين العرب، منهم الفنان أحمد زاهر والفنانة ديما بياعة، والعمل من تأليف نور شيشيكلي ومازن طه، فيما تولى مهمة الإخراج صفوان نعمو، ومن المقرر أن يرى العمل النور في شهر فبراير المقبل على الفضائيات العربية. كما سأخوض أول تجربة بالنسبة إليّ في الدراما الكوميدية من خلال فيلم سينمائي سأباشر في تصويره خلال أيام، إضافة إلى فيلمي القصير بعنوان «عم بيروح»، وهو من تأليفي وإخراجي وتمثيلي.• وهل تمتلكين ملامح النجمة الكوميدية؟- أنا متفائلة جداً بنجاح التجربة الكوميدية، حيث أنني تعاملت بعناية بالغة مع هذا النوع من الأعمال، لا سيما أن هناك خيطاً رفيعاً ما بين الكوميديا والابتذال.
فنون - مشاهير
حوار / «رفضت أعمالاً في السينما الأوروبية لأنها لا تناسبني»
زينة مكي لـ «الراي»: تسعدني المشاركة في الدراما الكويتية
06:21 ص