تعثّرتْ ولم تسقط. هذه المعادلة حكمت أمس، ملفّ العسكريين اللبنانيين الـ 16 المخطوفين منذ 2 أغسطس 2014 لدى «جبهة النصرة» والذي كان على وشك ان يطوى، اول من امس، من خلال صفقة تبادُل عُرقلت في اللحظة الأخيرة، نتيجة إدراج المجموعة الخاطفة شروطاً جديدة من خارج «السلّة» المتفَق عليها برعاية قطرية.ورغم عدم بلوغ هذا الملف «النهاية السعيدة» التي كانت متوقّعة الأحد، فإن مجموعة مؤشرات برزت أمس، وأوحت ان التعثر الذي استجدّ ليس عنصر نسْف للصفقة برمّتها بمقدار ما انه في إطار محاولة كسب «النصرة» المزيد من النقاط ووضْع بيروت امام لعبة ابتزاز، في ظلّ عامل الضغط المعنوي والعاطفي الذي يشكّله المناخ الذي ساد في الايام الاخيرة بقرب قفْل قضية العسكريين وما أحدثه لدى الرأي العام المتحفّز لاستقبال الأسرى كما لدى أهاليهم الذين ينتظرون «اليوم الموعود» منذ نحو 16 شهراً.وكان بارزاً في هذا السياق أمران: الأوّل تمسُّك رئيس الحكومة تمام سلام بإلغاء زيارته التي كانت مقرّرة إلى باريس للمشاركة في قمّة المناخ العالمية، وهو ما فسِّر على انه إشارة واضحة الى أن جهود التسوية ما تزال قائمة. والثاني اعلان المدير العام للامن العام اللواء عباس إبراهيم، المفوّض من الحكومة اللبنانية متابعة ملف العسكريين: «لن أتوقّف عن العمل والسعي، وسأستمرّ في المحاولة على رغم سياسة الابتزاز، فهؤلاء أبناؤنا وأبناء الوطن ولن أتخلّى عنهم»، موضحاً في تصريح صحافي: «اننا خضنا مفاوضات شاقّة مع الجهة الخاطفة لم تخرج عن مسار التفاوض القائم منذ عام تقريباً، وأبدَينا مرونةً في كثير من المطالب المستجدّة من (جبهة النصرة)، وأتمَمنا كلّ مستلزمات تنفيذ الاتفاقية، حتّى وصلت الأمور الى حدّ لم يعُد بإمكاننا التجاوب مع مطالب تعجيزية أدخَلها الخاطفون في رُبع الساعة الأخير».وفي حين شهدت اولى ساعات بعد ظهر أمس، مؤشرات على الأرض في منطقة اللبوة المتاخمة لبلدة عرسال البقاعية (يفترض ان تشهد جرودها عملية التسليم والتسلّم) أوحت بأن المفاوضات استعادت مسار الحلحلة، من دون ان يجازف أحد في حسم ان الصفقة في طريقها الى التنفيذ، تقاطعت المعلومات المتصلة بما تنطوي عليه المبادلة كما بالتعقيدات التي طرأت عليها الأحد.ففي الشقّ المتعلق بمضمون الصفقة، قبل الشروط الجديدة، بات شبه محسوم انها تتضمّن الآتي: إفراج «النصرة» عن العسكريين اللبنانيين الـ 16، مقابل إطلاق السلطات اللبنانية والسورية سجينات وسجناء، أبرزهم طليقة أبو بكر البغدادي زعيم «داعش» سجى الدليمي، ووالدة ابنته هاجر، التي أوقفت في لبنان عام 2014، وجمانة حميّد (المتهمة بقيادة سيّارة مفخخة إلى الضاحية الجنوبية وهي من عرسال) وعلا العقيلي زوجة أحد قياديي «النصرة» الموقوفة منذ العام 2014 أيضاً، إضافة إلى شقيقة أبي مالك التلي أمير «النصرة» في منطقة القلمون، المسجونة في سورية.كما تشتمل الصفقة على السماح لجرحى سوريين بالانتقال إلى عرسال للعلاج، ونقل جرحى من الزبداني إلى تركيا عبر مطار بيروت، بالاضافة الى إدخال شاحنات مؤن إلى جرود عرسال وتحديداً الى مخيمات تضمّ نحو 15 ألف نازح سوري.أما في ما خص العراقيل التي دخلت على خط الملف الأحد، فيما كانت كل الاستعدادات الميدانية واللوجستية لإتمام التبادل اكتملت، فيمكن اختصارها بالآتي: مطالبة «النصرة» السلطات اللبنانية بالإفراج عن سجناء جدد لم تكن أسماؤهم مدرجة على القائمة التي تمّ التفاوض حولها، وحصول خلاف بين «الجبهة» والنظام السوري حول المطلوب إطلاقهم ثمناً للصفقة، وتمسّك الجبهة بتسوية ملفيْ كل من الشيخ مصطفى الحجيري (أبو طاقية) وإسقاط الحكم عنه (محكوم عليه بالسجن المؤبد من المحكمة العسكرية اللبنانية) وابنه عبادة، اضافة الى زيادة عدد الجرحى الذين تطالب «النصرة» بنقلهم من جرود عرسال إلى تركيا عبر مطار بيروت.كما ذكرت تقارير ان من بين التعقيدات التي استجدّت اشتراط «النصرة» نقل المساعدات المقررة من ضمن الصفقة للنازحين إلى ما بعد حواجز الجيش اللبناني الأخيرة في منطقة جرود عرسال التي يتمركز فيها مسلحو «النصرة» و«داعش»، وهو ما رفضه الجيش خشية أن تذهب هذه المساعدات إلى المسلحين الذين يقاتلونه في المنطقة. كما كُشف ان «الجبهة» طالبت بأن ينفّذ الجانب اللبناني حصّته من عملية التبادل أولا?ً وهو ما لم تقبل به بيروت التي أصرّت على تلازُم التنفيذ.
خارجيات
تسليم طليقة البغدادي... تحصيل حاصل
الشروط المفاجِئة لـ «النصرة» أخّرت صفقة مبادلة العسكريين ولم تنسفها
12:19 ص