من «جذور» و«اتهام»، وصولاً إلى «عشق النساء»، ربما يكون فيليب أسمر هو المخرج اللبناني الوحيد الذي نجح في أن يحقق انتشاراً عربياً واسعاً، من خلال الأعمال اللبنانية العربية المشتركة التي أخرجها في الأعوام الثلاثة الأخيرة. وبالرغم من أن الظروف حالت دون خوضه ماراثون رمضان الفائت، من خلال المسلسل اللبناني «قصة حب» الذي تم تأجيل عرضه، إلا أنه اليوم يرى أنه «ربما كان من الأفضل أنه لم يُعرض في رمضان في زحمة المسلسلات، لأن زحمة الأعمال كانت ستؤثر عليه سلباً، وربما لم يكن لينال حقه». «هدف» فيليب أسمر، وليس حلمه، أن تستطيع الدراما اللبنانية أن تخترق الدراما العربية، ولكن بممثليها وكتّابها ومخرجيها، وهو يرى عبر «الراي» أن هذا الأمر في طريقه إلى التحقق، موضحاً أن هذا ما يلمسه من خلال التلفزيونات، بعدما استطاع اسم الممثل اللبناني أن ينتشر عربياً.• يُعرف عنك أنك المخرج اللبناني الوحيد الذي أخرج أعمالاً لبنانية عربية مشتركة، هل لأنك الأفضل بين المخرجين الذين يجيدون التعامل مع الكاميرا، أم لأن اسمك كمخرج هو الوحيد المنتشر عربياً، ما يجعل المنتجين يطلبونك لأعمالهم تلقائياً؟- يجب أن توجهي هذا السؤال إلى المنتجين وليس إليّ. لكن يوجد في لبنان أكثر من مخرج يستحقون أن ينالوا فرصتهم. في لبنان مخرجون جيدون وآخرون لا بأس بهم. وكما في سائر المهن، هناك الجيد والوسط والرديء. وبصراحة، 90 في المئة من الأعمال تصل إليّ لأن اسمي هو أول اسم يفكر فيه المنتجون، وهذا يسعدني جداً.• هل ترى أنك حققتَ بسرعة قياسية ما عجز عن تحقيقه غيرك من المخرجين الذين دخلوا المجال قبلك بأعوام طويلة؟- أنا شخص يحب عمله وأخاف عليه وعلى اسمي. أنا دقيق جداً في عملي، أركز على التفاصيل، وعلى جمالية الصورة والكادر. كل شخص يبذل جهداً ويتكبد التعب الذي أتعبه لابد وأن يصل.• الأمر اللافت في تجربتك أن كل الممثلين الذين تعاملوا معك يدللونك؟- ليس إلى هذا الحد! وإذا سألتِ الممثلين فسيقولون كلاماً مغايراً. خلال التصوير أنا دقيق جداً «ثقيل ونكد» في العمل، ولكن خارج العمل أكون ودوداً جداً. لا أملك نفسية المخرج الذي يميّز في التعامل بين الممثلين، بل أعامل الجميع في شكل متساوٍ. وكل ما يهمّني أن أعطي النص والدور حقّهما، بعيداً عن اسم الممثل، لأنني أحرص كثيراً على اسمي الذي يكون موقّعاً على أي عمل.• ربما يمدحك الممثلون لأنهم معجبون بأسلوبك الاحترافي العالي؟- لا شك أن الممثلين صاروا يعرفون لماذا أطلب منهم شيئاً معيناً، ولماذا أنا صارم في العمل، فهم باتوا يعلمون النتيجة، وهذا ما يجعلهم يتقبلون الضغوط التي أضعها عليهم و«كاراكتيري».• هل هناك ممثلون يتعاملون معك من منطلق أنهم نجوم صف أول ويعترضون على طريقة تعاطيك معهم؟- بصراحة، هذا الأمر لم يحصل معي أبداً. عندما يصل النص إلى الممثل ويرى اسمي موقّعاً عليه، فإنه يوافق ويوقّع مباشرة عليه من أجلي. الممثل يكون بين يديّ كالعجينة، وهذا ما أحبّه فيه. كل ممثل يتعامل معي يمنحني ثقته الكاملة، وفي النهاية هو نجم على الجمهور وليس على المخرج.• ولا شك أن كل ذلك يصبّ في مصلحة العمل؟- هذا صحيح. كمخرج يهمني المحافظة على نجومية النجم وأن أضيف إليها أحياناً.• كمخرج، هل هناك ممثلون يلفتونك وتتمنى أن تتعامل معهم؟- لا يوجد ممثل لم أتعامل معه في لبنان.• وخارج لبنان؟- تعاملتُ مع عدد كبير من الممثلين السوريين والمصريين، ولكنني لا أطمح لأن أُخرِج عملاً لممثل يأتي من خارج لبنان. أنا متعصّب جداً للبنانيتي، وللممثل اللبناني والدراما اللبنانية، وضدّ أن أقوم بإخراج عمل مصري أو سوري صرف.• ولماذا ترفض؟ كلنا عرب في النهاية؟- هذا صحيح. أنا مع وجود الممثلين السوريين والمصريين في أعمالي، ولكنني أحرص على أن يكون الممثل اللبناني مشارِكاً فيها أيضاً، لأن هذا يُشعرِني بالتفاؤل.• غالبية الأعمال التي قمتَ بإخراجها كانت لبنانية مشتركة، لماذا تحصر تجربتك بهذا النوع من الأعمال؟- لأن الميزانية تكون ضخمة جداً. أنا وصلتُ إلى مرحلة معيّنة ولديّ سقف لا يمكنني أن أتراجع عنه. وهذا السقف لا يعني بالضرورة تواجد ممثل سوري أو مصري في أعمالي، بل هو نفسه حتى لو كان كل الممثلين المشاركين لبنانيين، كما يهمني أن يُنفذ العمل بمستوى معيّن. الإنتاج الجيد يتيح أمامي الفرصة لتنفيذ العمل وفق التصور الذي رسمتُه في رأسي.• تعاملتَ مع ممثلين مبتدئين مع أنهم نجوم في مجالهم، كما هي الحال بالنسبة إلى ميريام فارس، كما تعاملتَ مع ممثلين محترفين من أصحاب الخبرة والتجربة. ما الفارق بين التجربتين وكيف كانت تجربتك مع ميريام فارس تحديداً؟- من البدهي أن يكون هناك فارق شاسع بين التعامل مع ممثل دخل المجال حديثاً لأنه بحاجة لأن يشتغل على نفسه، وبين من له تجارب كثيرة. ومن حسن الحظ أن أداء ميريام التمثيلي اختلف وتَطوّر وتَحسّن من أسبوع إلى آخر ومن شهر إلى آخر. ميريام ذكية جداً، وهي اشتغلت من كل قلبها، وأعتقد أن ما قامت به كان جيداً جداً، خصوصاً أن مسلسل «اتهام» كان أولى تجاربها التمثيلية.• هل تنصح ميريام بأن تكمل المشوار كممثلة؟- طبعاً! وإن شاء الله سيكون بيننا عمل آخر جديد للسنة المقبلة.• أشرتَ إلى أنك ترفض إخراج عمل مصري أو سوري بحت، ولكن في حال كان العرض مغرياً، هل يمكن أن تتراجع عن موقفك الرافض؟- أنا لا أرفض هذا الأمر في شكل مطلق، ولكنني أفضّل المشاركة بأعمال فيها خليط من الفنانين من مختلف الدول العربية.• آخر أعمالك كان سينمائياً، وهو فيلم «السيدة الثانية»؟- بل أنا صوّرتُ قبله مسلسل «قصة حب»، الذي كان يفترض أن يعرض على الشاشات في رمضان الفائت، ولكن تم تأجيل عرضه.• وهل شعرتَ بالانزعاج من ذلك؟- لا أنكر أنني في البداية زعلتُ، لأنني اشتغلتُ على المسلسل من كل قلبي ووضعنا فيه كل طاقاتنا من جميع النواحي. أما اليوم، فأقول انه ربما كان من الأفضل أنه لم يُعرض في رمضان في «عجقة» المسلسلات، لأن زحمة الأعمال كانت ستؤثر عليه سلباً، وربما لم يكن لينال حقه حينها.• وبالنسبة إلى فيلم «السيدة الثانية»؟- متفائل به أيضاً، إذ لو لم أقتنع به لما كنتُ وافقتُ على إخراجه.• هو أولى تجاربك في مجال الإخراج السينمائي؟- هذا صحيح. الفيلم بسيط، ولكنه في الوقت نفسه عميق جداً، ويتضمن رسالة مهمة وقيّمة.• هل يمكن القول إنك أحببتَ الإخراج السينمائي أكثر من التلفزيوني؟- نعم، الإخراج السينمائي «أفسدني».• هل تلقيتَ عروضاً لإخراج أفلام سينمائية ورفضتَها قبل موافقتك على إخراج فيلم «السيدة الثانية»؟- نعم، ولكنها لم تكن عروضاً كثيرة. إما أرتاح للعمل وإما لا أرتاح إليه، وأنا ارتحتُ كثيراً لـ فيلم «السيدة الثانية» ولذلك أحببتُ أن أخوض أولى تجاربي الإخراجية في السينما من خلاله.• اللافت أن تجربتك في إخراج الفيديو كليب كانت محدودة جداً. لماذا لم تركز عليه؟- لأنني لا أملك الوقت الكافي لها. كنتُ أتمنى الاستمرار في إخراج الفيديو كليبات، ولكن الوقت لم يسعفني. لا شك أن السينما والدراما أهمّ بكثير من الفيديو كليب. فالأخير «عمره» شهران أو ثلاثة أشهر ولا يلبث أن ينساه الناس بسرعة، بينما تبقى الدراما والسينما للتاريخ.• كمخرج، ما أحلامك وطموحاتك؟- أنا راضٍ عن كل شيء حققتُه وقمتُ به حتى الآن. أنا حققتُ الكثير من أحلامي خلال فترة زمينة بسيطة، ولكن هدفي وليس حلمي، هو أن تتمكن الدراما اللبنانية من اختراق الدراما العربية وبعيداً عن وجود ممثلين عرب في أعمالنا. بمعنى أن ننجح في تقديم دراما لبنانية راقية، تضم مخرجين وكتّاباً وممثلين لبنانيين وأن نصل إلى مرحلة نستطيع معها أن نبيع أعمالنا في السوق العربية.• هل تتوقع أن يتحقق هذا الهدف؟- طبعاً. أعتقد أننا نسير على الطريق الصحيح، وهذا الأمر ألمسه سنة بعد أخرى من خلال وجهات النظر التي أسمعها من مختلف التلفزيونات. ويعود السبب في ذلك إلى كون الممثل اللبناني أصبح معروفاً عربياً، ومثله بعض المخرجين والكتّاب اللبنانيين.