«سقطت ورقة التوت» تعبيرٌ يقال عند انكشاف ما هو مستور من أمر فاضح.ويقال في أصل العبارة أن آدم عليه السلام وحواء سترا أنفسهما عندما بدت سوأتهما بورقة من شجر التوت، أو هكذا رسخ عند البشر.ورقة التوت اليوم بدأت تسقط شيئاً فشيئاً عن اللجنة الأولمبية الدولية.قبل أسابيع، دعا رئيس اللجنة، الالماني توماس باخ، الاتحاد الدولي لكرة القدم الى تصويب خطواته واعتماد الاصلاحات اللازمة بغية «تنظيف» ساحته التي تلطخت بقضايا الفساد، فما كان من «الفيفا» الا ان ردّ مذكّراً بأن الحبر الذي «صُرِف» للحديث عن فضيحة اولمبياد سولت لايك سيتي الشتوي 2002 لم يجف حتى اليوم.كان هذا بالنسبة الى البعض مجرد «تراشق» اتهامات، بيد ان الأسوأ هو آلية الممارسات التي تنتهجها اللجنة الاولمبية الدولية وأثبتت الايام بأنها بعيدة كل البعد عن المصداقية والعدالة، وكان آخرها قرار الإيقاف التعسفي المتخذ بحق الرياضة الكويتية والذي يبدو بأنه سيكون فاتحة لمزيد من النقاط السوداء المتكاثرة في سجل «المنظمة الدولية»... وصولاً ربما الى نزع ورقة التوت تماماً.موقع «middleeasttransparent.com» المعروف بمصداقيته اذ اتخذ من «الشفافية في الشرق الاوسط» اسماً له، نشر تقريراً من شأنه دفع «الاولمبية الدولية» الآيلة الى الغرق للتمسك أكثر بخشبة خلاصها.وتحت عنوان «بعد الكويت، رئيس هيئة الرياضة المكسيكي يرفض الابتزاز: لن ندفع المال العام تحت الضغط!»، قال التقرير في مقدمته: «لو اعتمدت الأمم المتحدة أسلوب اللجنة الأولمبية الدولية في تعليق عضوية الدول التي تخرق ميثاقها الدولي، لباتت عضوية معظم دول العالم معلّقة».وأضاف أن اللجنة الأولمبية الدولية مسجّلة في سويسرا كـ«نادٍ غير ربحي»، وأنها تتمتع بإعفاء ضريبي سويسري بنسبة 20 في المئة على ضريبة الدخل. أي أنها ليست هيئة تابعة للأمم المتحدة، بل هيئة خاصة أعطيت صفة «مراقب» في الأمم المتحدة في العام 2009، ثم أبرمت «اتفاقاً تاريخياً» مع أمين عام الأمم المتحدة الكوري الجنوبي بان كي مون في 2014 فقط.وتساءل التقرير: «ما الذي يعطي اللجنة الأولمبية الدولية، التي عانت من فضائح فساد متكررة، نفوذها وعضلاتها؟»، ويجيب بنفسه: «تبلغ ميزانية اللجنة حوالي 10 مليارات دولار حالياً، توزع 90 في المئة منها على الاتحادات الوطنية، وتشكل عمليات التوزيع أساس التحالفات التي تضمن انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية وقيادات اللجان الوطنية لفترات تصل إلى أكثر من 20 سنة في كل مرة».ويتابع: «ما تريده اللجنة الأولمبية الدولية واللجان الأولمبية الوطنية التابعة لها هو أن تدفع الحكومات للاتحادات الرياضية (الأموال) من دون أن تملك تلك الحكومات أي رقابة على كيفية التصرّف بالمال العام، أو حتى أي رقابة على ما يحقّقه التمويل الحكومي من نتائج رياضية»، وشدد على ان «حتى مجلس الأمن الدولي لا يملك السلطة التي يملكها المجلس التنفيذي للجنة الأولمبية الدولية التي يعتبرها القانون نادياً رياضياً غير ربحي فقط لا غير».أولوية رئيسيةوبعد الكويت التي طالها الظلم بسبب بعض «المتنفذين» الداخليين العالِمين بخفايا الأمور وبما يدور خلف الأبواب الموصدة، وبعد أن عانت الأمرين نتيجة وقوف هؤلاء «المتنفذين» ضد بلادهم وحكومتهم ورياضييهم من خلال عدم القيام بأي خطوة لرفع «الإيقاف» الجائر، يبدو ان الدور جاء على المكسيك.فقد قال ألفريدو كاستيلو، رئيس «الهيئة الوطنية للرياضة» (كوناد) في المكسيك، مستخِفّاً إن «الميثاق الأولمبي» ليس سوى «اختراع تم ابتداعه للتهرّب من مراقبة كيفية إنفاق المال العام»، بعد توجيه اتهامات الى حكومة بلاده بالتدخّل في نشاطات الهيئات الرياضية.معلوم ان ضمان استقلالية اللجان الأولمبية الوطنية وسواها من الاتحادات الرياضية المحلية يعتبر أولوية رئيسية في «الميثاق الأولمبي»، بيد ان اللجنة الاولمبية الدولية دأبت على استغلال هذه النقطة للضغط على من تريد وفي بعض الاحيان لتدعم «حلفائها»، بعيداً عن الشفافية المطلوبة.وأشار التقرير نفسه الى ان اللجنة الأولمبية الدولية أضفت أهمية متزايدة على مسألة الاستقلالية في السنوات الاخيرة بعد تعيين عضو اللجنة التنفيذية، الاسترالي باتريك هيكي في منصب مفوّض خاص بالاستقلالية، وأنه تم تعليق النشاط في الكويت من جانب اللجنة نفسها في الشهر الماضي لهذا السبب.الدعم المباشروفي المكسيك، تأزّم النزاع حينما وُجِّهَت اتهامات الى هيئة الرياضة التي يرأسها كاستيلو بالتدخل في عمل الاتحادات الرياضية عبر تجاوز هذه الاخيرة وتقديم الدعم المالي للرياضيين مباشرةً.وقال كاستيلو إن السبب يتمثل في كون الأموال العامة لم تكن تذهب إلى حيث يجب حينما تُوزَّع عبر الاتحادات، مضيفاً أن هناك في المكسيك «مديري اتحادات أثرياء، ورياضيين فقراء».كما وُجِّهَت إلى هيئة الرياضة الحكومية اتهامات بالسعي الى استبدال عدد من مديري الاتحادات، وبوضع قوائم بالرياضيين الذين ينبغي إدراج أسمائهم في الألعاب الأولمبية.وردّ رئيس اللجنة الأولمبية المكسيكية كارلوس باديلا، قائلاً إنه ناقش الوضع في اجتماع مع رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ.وحذّر باديلا أن المكسيك يمكن أن تُمنَع من المشاركة في دورة الالعاب الاولمبية الصيفية المقررة في ريو دي جانيرو البرازيلية العام 2016 إذا ظل الوضع على حاله، وقال: «إذا ثبت حصول تدخل، فإن المكسيك ستتعرض لعقوبة ضرورية وقاسية. ويمكن أن تتدرّج العقوبة من إنذار، إلى توبيخ، فتعليق مشاركة، كما حدث مع الكويت» التي يبدو انها باتت مضرب مثل في هكذا ظروف.لكن كاستيلو استخفّ بالتهديد قائلاً إن الهيئات الرياضية «تلجأ إلى الابتزاز».وأضاف في تعليق نشره على موقع هيئة الرياضة الحكومية: «فحوى الموضوع ليس الألعاب الأولمبية، بل مستقبل الرياضة في هذا البلد، وكل ما يستطيع المرتزقة القيام به هو اللجوء إلى الابتزاز»، وأضاف: «لن ندفع المال العام تحت الضغط».واستطرد: «الميثاق الأولمبي هو افضل اختراع تم ابتداعه للتهرّب من الرقابة على كيفية إنفاق المال العام، ومن تقييم النتائج الرياضية».تجارة المخدراتوكان الرئيس المكسيكي إنريكه بينا نييتو عيّن حليفه المقرّب الفريدو كاستيلو في منصب مسؤول «هيئة الرياضة» بعد عمله كمفوّض في وزارة الداخلية لولاية «ميتشوكان» التي اشتهرت بعصابات تجارة المخدرات.وأصبحت علاقات كاستيلو غير ودية بصورة متزايدة مع الهيئات الرياضية، وطُرحَت تساؤلات حول نشاطات 10 اتحادات، بينها ألعاب القوى، كرة السلة، الملاكمة، ورفع الأثقال.رئيس الاتحاد المكسيكي لألعاب القوى أنطونيو لوزانو زعم بأن الاتهامات لا تستند إلى أساس وقال إن تناقص الدعم المالي الذي يحصل عليه الرياضيون مرده خفض الدعم الحكومي.وقال: «نحن غاضبون بسب التمويل، لكن ما يثير السخط فعلاً هو أن رئيس هيئة الرياضة حاول أن يخرق معايير اختيار الرياضيين وغيرها من المبادئ السامية في الميثاق الأولمبي»، وأضاف: «يعتقد أن بوسعه التصرّف كإمبراطور وأن رغباته هي القانون».وعلى الرغم من ذلك كله، طرأت مؤشرات إلى تخفيف الاحتقان بعد أن أجرى كاستيلو محادثات لتنقية الأجواء مع نائب رئيس اللجنة الأولمبية المكسيكية جيمينا سالدانا.وقال بعد اللقاء إنه «ليس هناك أدنى خطر في تعليق مشاركة المكسيك في الألعاب الأولمبية» التي لم تغب عنها منذ ألعاب باريس في 1924، علماً أنها حصلت على ما مجموعه 62 ميدالية، بينها 7 ميداليات في أولمبياد لندن 2012 أبرزها ذهبية كرة القدم على حساب البرازيل.اطلاع تاموقال نائب المدير العام ومدير العلاقات في اللجنة الأولمبية الدولية الاسباني بيري ميرو لموقع «إنسايد ذي غايمز» إن اللجنة الأولمبية الدولية على «اطلاع تام» على الوضع، وأنها تتواصل مع اللجنة الأولمبية المكسيكية لفهمٍ أفضلٍ للنزاع.يذكر ان أكثر من علامة استفهام تفرض نفسها حول ميرو بشأن أزمة إيقاف النشاط الرياضي في الكويت وموقفه البعيد كل البعد عن الشفافية والمصداقية والحيادية بعد ان انبرى للدفاع عن رئيس اللجنة الأولمبية الكويتية الشيخ طلال الفهد، ورئيس المجلس الأولمبي الآسيوي الشيخ أحمد الفهد، ومدير المجلس الأولمبي الآسيوي حسين المسلم، ورفض الاتهامات الموجهة إليهم بشأن تقديمهم شكوى ضد الكويت لدى اللجنة الأولمبية الدولية، والتي أدت إلى تعليق النشاط، وحاول كذباً وبهتاناً ادعاء أن من أطلع «المنظمة الدولية» على تفاصيل القانون الجديد هو وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود في رسالة موجهة منه إلى اللجنة.وستكون المشكلة المكسيكية جزءاً من تقرير سيرفعه ميرو إلى المجلس التنفيذي للجنة الأولمبية الدولية التي ستلتئم في لوزان خلال الشهر المقبل.

«الأولمبي الآسيوي» و«أنوك» راعيان رسميان لموقع insidethegames

دأب الموقع الانكليزي الشهير «insidethegames» خلال الايام القليلة الماضية على شن هجوم لاذع على الحكومة الكويتية ووزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود الصباح بسبب عدم رضوخهما للضغوطات التي تمارسها بعض المنظمات الدولية وفي مقدمتها اللجنة الاولمبية الدولية للاذعان لمتطلباتها الجائرة.هذا معلوم، أما الجديد فيتمثل في أن من بين داعمي هذا الموقع ومن بين رعاته الرسميين يظهر المجلس الاولمبي الاسيوي واتحاد اللجان الاولمبية الوطنية (أنوك) واللذان يترأسهما الشيخ احمد الفهد.ما تبين ان كبير محرري الموقع الصحافي الانكليزي دنكان ماكاي هو احد الاصدقاء المقربين من الفهد نفسه. وقد أبدى مصدر رياضي مسؤول استياءه من هذا الاسلوب الذي يتسم بالابتزاز وتساءل: «كيف يسمح الشيخ احمد الفهد لهذا الموقع ان يهاجم الكويت وهو يحصل على دعم غير مباشر من المجلس الاولمبي الاسيوي الذي تدعمه الحكومة الكويتية سنويا بمبلغ يزيد على 500 الف دينار؟».وطالب المصدر نفسه الشيخ احمد الفهد - وهو احد ابناء الشهيد فهد الاحمد - ان يضع حدا لهذا الهجوم غير المبرر، مؤكدا ان الحكومة لن تذعن للضغوطات وهي تسير بخطى ثابتة لتصحيح المسار الرياضي وتنظيفه من كل «فاسد».