يكتسب اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، المزمع عقده في الرابع من شهر ديسمبر المقبل، أهمية قصوى على وقّع موجة الهبوط التي تعصف بأسعار النفط.لا تملك «أوبك» وفق ما يرى العديد من الخبراء والمحللين، خيارات كثيرة، في ظل تمسكها «غير القابل للمساومة» بحصتها السوقية، ولكن الاستمرار بهذه الاستراتيجية من شأنه أن يزيد نزيف الخسائر على مستوى الأسعار، وبالتالي زيادة الضغط على ميزانيات الدول الكبرى في المنظمة العالمية، وتحديداً الخليجية منها كالمملكة العربية السعودية والكويت والإمارات وقطر. بيد أن هذه التحديات على جسامتها، لم تمنع وزير الطاقة الإماراتي من سهيل المزروعي من القول قبل أيام «لست نادماً على قرار (أوبك) العام الماضي بعدم خفض الإنتاج لمواجهة هبوط أسعار النفط».تصريحات المرزوعي الذي بدا واثقاً على غرار نظرائه الخليجيين وتحديداً السعودي والكويتي، بأن السوق ستستعيد توازنها (ولو بعد حين) رغم تخمة المعروض العالمي في الوقت الحالي، تؤكد أن دول «أوبك» تتألم، ولكنها تراهن على عامل الوقت، لذا لن تغامر باتخاذ أي قرار متسرع، يستفاد منه على المدى المنظور لجهة رفع الأسعار، في حين أن خطره سيكون أكبر على المديين المتوسط والبعيد.«أوبك» بقيادة السعودية تخوض كما يقول محللون، معركة حامية على أكثر من جبهة، فهي تسعى في المقدمة جاهدة لعدم المسّ بحصتها أياً كانت الأسباب، وثانياً تحاول إخراج النفط الصخري الأميركي من المنافسة، وهي وكما تشير التقارير الصادرة تكاد تقترب من تحقيق هدفها هذا بإزاحة الخطر القادم من الولايات المتحدة، كما أن هناك معركة لا تقل ضراوة عن سابقاتها، ألا وهي الزيادة المرتقبة في إنتاج عدد من الدول، وعلى رأسها كل من إيران والعراق وحتى ليبيا، والتي تتخطى عتبة المليون إلى برميل يومياً.جلّ ما يؤكد عليه المراقبون في هذا الإطار، أن العاصمة النمساوية فيينا، ستشهد إحدى جولات «الحرب» المستمرة منذ نهاية العام الماضي، حين قررت «أوبك» في 27 نوفمبر 2014، الإبقاء على سقف إنتاجها دون تغيير، مفضلة الخسارة الموقتة على الخسارة الدائمة.سيجلس المجتمعون الذي ينقسمون إلى معسكرين، الأول بقيادة دول الخليج، داعم للاستمرار في استراتيجية «أوبك» الحالية، أي عدم خفض الإنتاج، والثاني بقيادة إيران وعُمان وفنزويلا والجزائر، يستميت لخفض بأي طريقة، سيجلس هؤلاء بعد أقل من أسبوعين على طاولة واحدة، بقليل من الاتفاق والدبلوماسية، وكثير من التحدي. ولعل التحدي بدأ بالفعل مع تأكيدات أو «تهديدات» وزير النفط الإيراني بيجان نمدار زنقانة، الذي شدد أن بلاده لن تطلب إذن «أوبك» لزيادة إنتاجها مطلع 2016. الرجل قال في رسالة واضحة «لن نتفاوض مع (أوبك) لزيادة إنتاجنا. سنبلغها (المنظمة) بالأمر فقط لكي تتكيّف مع الوضع»، قبل أن يضيف جملة واحدة، تختصر صورة «المعركة النفطية» المقبلة خلال الأيام والأسابيع وحتى الأشهر المقبلة، «على الذين استفادوا من غياب إيران لزيادة إنتاجهم أن يقلقوا الآن».إذاً، الرسالة الإيرانية واضحة، وعلى قدر وضوحها بشأن عدم مبالاة طهران بالمنتجين الآخرين، تعكس الرسالة كثيراً من التناقض، إذ كيف تدعو طهران في كل مناسبة إلى ضرورة خفض إنتاج «أوبك» لتحسين الأسعار، في المقابل تشدد على أنها ستزيد إنتاجها بـ 500 ألف برميل يومياً خلال العام 2016، ما يعني أنها تريد زيادة حصتها على حساب غيرها من الدول!وهنا، يبرز تساؤل آخر يتمحور حول دعوة بعض الدول الأخرى من داخل المنظمة نفسها، كسلطنة عُمان وفنزويلا والجزائر، والتي تطالب أيضاً بخفض إنتاج «أوبك»، هل ستتحمّل هذه الدول حصتها من الخفض في حال التوصل إلى اتفاق بشأنه، أم إنها تقصد كما يبدو خفض حصة السعودية والكويت والإمارات، دونها ؟!على أي حال، أيامٌ قليلة تفصلنا عن الاجتماع المرتقب، اجتماع يؤكد العديد من الخبراء، أنه لا يقبل القسمة على اثنين، فصحيح أن «أوبك» ودولها الكبرى والقيادية تقبع بين نارين، نار انخفاض أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة منذ سنوات طويلة، ونار زيادة الضغط على الميزانيات مع دخول العديد من هذه الدول حقبة العجز، إلا أن نار خفض سقف إنتاج المنظمة الدولية، قد يكون ينطوي على مخاطر أكثر بكثير على ما يذهب إليه الخبراء.
اقتصاد - النفط
السعودية والكويت والإمارات تتألم ولكنها لن تتسرع
«أوبك» ... بين نارين !
معارك الحصص ... تلتهب (أ ب )
11:48 م